يوم وصل الاوروغوياني إدينسون كافاني الى باريس سان جيرمان من نابولي عام 2013 (مقابل 64 مليون يورو)، كان من المفترض ان يكون النجم الاوحد والاول لفريق العاصمة الفرنسية. لكن فجأة، ورغم كل التألق الذي ظهر عليه، وجد نفسه دائماً في الصف الثاني خلف أولئك النجوم الكثر الذين بدأ الفريق الباريسي باستقدامهم، وعلى رأسهم طبعاً السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي وصل عام 2016 وسرق النجومية والاضواء من الجميع، مسجلاً 156 هدفاً في 180 مباراة. وكان من الطبيعي ان يلمع نجم زلاتان وقتذاك، فهو لاعب هداف وفي آنٍ واحد يعطي الصحافة ما تحبه من تصريحات مثيرة واحتفالات استثنائية وحركات غير طبيعية.
لكن في كل تلك الفترة كان كافاني يتألق ايضاً، وكانت الارقام تحكي عنه، اذ على سبيل المثال سجل الموسم الماضي 35 هدفاً في 36 مباراة خاضها في الدوري الفرنسي، وها هو اليوم يسجل 21 هدفاً في 22 مباراة، مطارداً عتبة الـ40 هدفاً، التي لم يصلها احد منذ الاهداف الـ44 التي وقّع عليها جوسيب سكوبلار (درّب منتخب لبنان في كأس آسيا 2000) مع مرسيليا في موسم 1970-1971.
من هنا يمكن تفهّم امتعاض كافاني بعد وصول البرازيلي نيمار والموهبة الصاعدة بقوة كيليان مبابي في الصيف الماضي لتعزيز خط هجوم الـ PSG، اذ شعر بأنه لن يكون النجم المنشود يوماً بالنسبة الى متصدر الدوري الفرنسي، وخصوصاً بعدما حاول نيمار، ومنذ اللحظة الاولى لوصوله، الاستحواذ على تركة زلاتان من خلال السيطرة على كل شيء في ارض الملعب وخارجه، وصولاً الى إبداء رأيه بالمدرب الاسباني أوناي إيمري وبالخيارات الفنية للاخير.
لكن هل يستحق ان يعتبر كافاني نجماً من الصف الثاني في فرنسا او خارجها؟
الجواب بالتأكيد هو لا، اذ في حال سألنا من اهم افضل رؤوس الحربة في العالم، لا بدّ من ذكر اسم النجم الاوروغوياني الى جانب البولوني روبرت ليفاندوفسكي، والاوروغوياني لويس سواريز، والانكليزي هاري كاين، والارجنتيني سيرجيو اغويرو. لا بل ان الظلم يمكن ان نلمسه في حالة كافاني في كثير من الاماكن؛ فالرجل، ومنذ ايام تألقه مع باليرمو الايطالي، برهن على أنه اكثر من مهاجم هداف. فإذا طلبت منه ان يكون خلف رأس الحربة فهو يبرع في هذا الدور ويصنع الخطورة والاهداف، واذا طلبت منه ان يلعب بعيداً من المنطقة، فإنه يمكنه السيطرة على الجهة اليمنى أو اليسرى بحكم مهاراته المميزة وقوته البدنية التي يحجز من خلالها الكرات قبل أن يموّن زملاءه بها. أما في حال طُلب منه لعب دور القناص، فإنه لا يرحم على هذا الصعيد.

لا يستحق أن يعتبر كافاني
نجماً من الصف الثاني
في فرنسا أو خارجها

ببساطة، كافاني هو مزيج من نيمار ومبابي واكثر في لاعب واحد. هو مهاجم عالمي لا تعطيه الارقام حقه، وخصوصاً عندما يأتي البعض ليقول انه يسجل هذا الكمّ الكبير من الاهداف في دوري سهل. لكن من يعرف "ليغ 1" جيّداً يعلم ان الصعوبات للمهاجمين موجودة في غالبية مبارياته، وتحديداً في التعامل القاسي للمدافعين معهم. أضف ان كافاني يعدّ دائماً من المهاجمين المطلوبين على اعلى مستوى، وما سعي مانشستر يونايتد الانكليزي للحصول على خدماته طوال تلك السنوات الا دليلاً على هذا الكلام.
قيمة هذا اللاعب تكبر يوماً بعد آخر، اذ لا شك في أنه يفكر ضمنياً بأنه في خضم "حرب" داخلية في باريس سان جيرمان مع تسليط الاضواء على نيمار ومبابي، لكنه يتجاهل كل المعارك ويركز على معاركه الخاصة مع الخصوم الذين يواجههم ثم يتغلب عليهم، ان كان في الدوري المحلي او في دوري ابطال اوروبا. وبالحديث عن المسابقة الاوروبية، يمكن الجزم بأن باريس سان جيرمان لن يمكنه تحقيق هدفه المنشود بالتتويج باللقب الاوروبي من دون كافاني، فهو رغم كل شيء أخطر هدافيه وأكثرهم نضجاً وخبرة وقدرة على تهديد أيٍّ كان.