ما يعيشه النجمة هذا الموسم لم يشهده منذ عشرات السنين. هي المشاكل الإدارية التي لطالما غابت عن نادي النجمة في أحلك الظروف، لكنها حضرت هذا الموسم. صحيح أن النادي لطالما عانى من قصور إداري بحيث يكون العمل محصوراً بعدد قليل من أعضاء الإدارة والباقي "كومبارس". لكن أن يخرج الى العلن خلاف إداري في أكثر من مناسبة، فهذا يحصل للمرة الأولى في تاريخ النادي.
"عدو" النجمة الأول وعلى أكثر من صعيد أي "الفايسبوك" كان في بعض الأحيان مسرحاً للإعلان عن هذه الخلافات والتلويح بالاستقالة. تسريبات إعلامية كانت مسرحاً آخر، همس وكلام أيضاً عكس الاختلاف العميق في وجهات النظر داخل إدارة النجمة. الخلاصة هي أن نادي النجمة يعيش حالة استثنائية هذا الموسم بسبب عدم وجود انسجام بين الرئيس أسعد السقال من جهة، ونائبه صلاح عسيران والأمين العام سعد الدين عيتاني من جهة ثانية. مهما قال الثلاثة بأن الأمور على خير ما يرام، فهم أنفسهم يعلمون تماماً أن هذه هي الحقيقة وسط فقدان الكيمياء بين الأطراف.


عجز مالي

وقد يكون مقبولاً أن يحصل بعض الاختلاف في وجهات النظر داخل أي إدارة، لكن أن ينعكس ذلك على الفريق ويهدد قدرته على المنافسة على اللقب فهذا هو الخطير في الموضوع، وخصوصاً إذا كان العامل المادي أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه المشاكل الإدارية، الى درجة أن الفريق يقع تحت عجزٍ بلغ حتى الآن 300 ألف دولار.
منذ ما قبل نهاية الموسم الماضي، بدأ الحديث عن انتخابات النجمة واللجنة الإدارية الجديدة. حينها كان الكلام شبه المؤكّد عن أن عسيران وعيتاني لا يرغبان في العودة.

بلغ عجز النجمة
حتى الآن 300 ألف دولار، والأخطر
هو دين البنك

فالأول أُرهق مادياً وأدى قسطه من العمل، والثاني تعب إدارياً. ولكن مع تغير الأمور والإتيان بشخصية جديدة مع أعضاء إدارة يتحملون جزءاً كبيراً من الميزانية، أعاد الرجلان القويان في النادي، أو "حراس الهيكل"، كما يصفهم البعض، النظر في ابتعادهما عن النجمة. الاتفاق كان ينص على أن يتحمّل السقال والأعضاء الجدد في اللجنة الإدارية المؤلفة من معتز الزريقة (أحد الأشخاص الذين أظهروا جهداً وطاقة إدارية لافتة)، ابراهيم فنج، باسم بواب، مازن الزعني، خليل الغول وعاطف النصولي مهمة تأمين مبلغ 800 ألف دولار وهي عبارة عن 500 ألف كجزء من مصاريف الموسم و300 ألف مقابل عقد اللاعب حسن معتوق الذي تكفّل به السقال شخصياً. أما باقي الموازنة، فمن المفترض أن يتم تأمينها من عدة مصادر كرعاية بنك البحر المتوسط (100 ألف دولار) وتأجير الملعب (200 ألف)، بينما الباقي من بيع اللاعبين ومن صلاح عسيران.
مرت الأيام، وبدا أن "حساب حقلة" ما قبل الانتخابات لم يطابق "بيدر" الإيفاء بالالتزامات. ليس من قبل الأعضاء، فهؤلاء التزموا بما وعدوا به ودفعوا حتى الآن ما يقارب الـ 160 ألف دولار، علماً بأنهم لا يعتبرون فريق عمل الرئيس أو مقربين منه كما يظنهم البعض، بل حتى إن قسماً منهم تعرّف عليه حديثاً.


كلام وعدم التزام

مقرّبون من الأحداث يحددون المشكلة بعدم التزام السقال بما وعد به حيث دفع حتى الآن ما يقارب الـ 160 ألف دولار، في حين أنه يفترض أن يكون قد دفع ما يقارب الـ 400 ألف دولار. وهذا ما أوقع النادي في عجز، فبدأت الرواتب تتأخر ولحقتها المكافآت، ما انعكس في بعض الأحيان على نتائج الفريق، إضافة الى الأسباب الفنية. أمرٌ يمكن تخطيه في مرحلة الذهاب، لكن في الإياب فإن الأضرار ستكون جسيمة.
ويقول أحد المتابعين لعمل النادي الإداري عن كثب أن المشكلة بين الأطراف المعنية الى الاختلاف في ثلاثة أمور أساسية: العقلية، الخبرة وطريقة مقاربة بعض الأمور. فالسقال حديث العهد في الكرة اللبنانية، بعكس عسيران و"كيسنجر" الكرة اللبنانية سعد عيتاني. وإدارة النوادي تختلف كثيراً عن إدارة الشركات الخاصة وتحتاج الى عقلية معينة وهدوء بعيداً عن سياسية "قص الرؤوس" و"الأمر لي". أضف الى ذلك صعوبة إلغاء أشخاص أساسيين في المعادلة النجماوية تحت شعار "من يدفع هو من يحكم ويقرر". بل على العكس، فإن العمل الإداري الجماعي هو مفتاح الحل في نادٍ بحجم نادي النجمة، وخصوصاً أن من مصلحة عسيران وعيتاني أن ينجح السقال، لكن ضمن سياسية إدارية معينة. الـ"وان مان شو" قد ينفع في أندية أخرى، لكن لا يمكن أن يكون له مكان في النجمة لا في السابق ولا في الحاضر ولا مستقبلاً، يختم المتابع النجماوي. ويقول أحد النجماويين الكبار "نادي النجمة لا يمكن أن يدار من قبل دائرة محيطة بالرئيس يهمسون في أذنه في جلسات خاصة في المقاهي. "فأي قرار يتعلّق بالنادي يعني عشرات الألوف من جمهور النادي الذين لا يمكن أن يساوم على فريقه كرمى لأي شخص". ويسأل النجماوي: هل هناك أعظم من عمر غندور إدارياً، وموسى حجيج فنياً في تاريخ النادي؟ رغم ذلك، لم يرحمهم الجمهور حين أحسّ بالخطر على فريقه أو بتقصير في مكان ما.
أكثر ما يقلق معظم إداريي النادي الذين أصبحوا يتململون من أداء الرئيس هو الوضع المالي وواقع لم يشهده النادي من قبل وهو وقوعه تحت ديون لمصلحة البنك من جهة، وتأمين الأموال من قبل الرئيس مقابل شيكات صادرة عن النادي من جهة أخرى، أي أن الرئيس يسلّف النادي. الأمور لا تزال في المتناول، والكرة في ملعب المعنيين في النادي، لكن ما هو مؤكّد أن التاريخ لن يرحم من يهدر على النجمة فرصة إحراز اللقب، وإذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال، فإن النجمة في خطر حقيقي في مرحلة الإياب.




أين المدرب الجديد؟


منذ استقالة المدير الفني جمال الحاج، وتسلّم أرمين صاناميان خلفاً منه، لا يكاد يمر أسبوعٌ من دون أن يقفز الى الواجهة اسم مدرب جديد لقيادة الفريق في الإياب. لكن من هو على علم بواقع النجمة المالي يعرف تماماً أنه أبعد من أرمين وجمال لا يمكن أن يذهب النادي خطوة واحدة في حال بقاء الحال على ما هي عليه. آخر الأسماء التي طُرحت هي للمدرب الشهير ثيو بوكير، وتشير المعلومات الى رغبة قوية من الطرفين للارتباط، لكن حتى صباح أمس كان الجانب المادي هو العائق الأساسي أمام الاتفاق مع بوكير. وهذا الأمر يلقي مسؤولية أكبر على رئيس النادي أسعد السقال للالتزام بالاتفاق المادي، إذ لا يمكن أن تكون رئيساً لأكبر نادٍ في لبنان وتهتف لك الآلاف ولا تدفع الأموال. كل الكلام في الوقت الراهن عن مدربٍ جديد ليس أكثر من ذرّ الرماد في العيون وشغل "فايسبوك"، لكن الواقع أصعب بكثير.