لا يمكن من بين كل المباريات التي شهدتها عطلة نهاية الأسبوع في البطولات الأوروبية الوطنية إلا التوقف عند قمة أرسنال وضيفه مانشستر يونايتد في المرحلة الخامسة عشرة من الدوري الإنكليزي الممتاز، لما حصل فيها. ما شهده ملعب «الإمارات» لم يكن عادياً، وقلّما يحدث في مواجهات القمة، وكيف إذا كان طرفَيها العدوّان اللدودان يونايتد وأرسنال؟
يكفي القول إن أرسنال قام بـ 33 هجمة على المرمى، مقابل 8 ليونايتد، وإن أرسنال سدد 15 كرة على المرمى مقابل 4 كرات ليونايتد (مع 8 كرات لأرسنال خارج المرمى مقابل كرة)، وإن أرسنال استحوذ على الكرة بنسبة 75% مقابل 25% ليونايتد، وإن أرسنال حصل على 12 ركلة ركنية مقابل ركلة واحدة ليونايتد... وفي النهاية فاز فريق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو على فريق المدرب الفرنسي أرسين فينغر بنتيجة 3-1!
لا يمكن القول إزاء كل هذه الأرقام غير المسبوقة، ربما، إلا أن الكرة ظلمت أرسنال بكافة المقاييس. لا أكثر ولا أقل. لو كانت الكرة عادلة في هذه المباراة لخرج أرسنال بفوز كاسح، إذ إن الفرص الكثيرة التي سنحت له كانت في غاية الخطورة.
نقاط عديدة يجدر التوقف عندها في هذه القمة، في مقدمها الأسلوب الدفاعي الذي اتّبعه مورينيو والذي بات معتاداً لديه، إذ واجهت تسديدات «المدفعجية» غابة من لاعبي يونايتد في منطقة الجزاء، في مقابل الاعتماد على الهجمات المرتدة التي أثمرت، رغم قلّتها، 3 أهداف.

رقم قياسي لدي خيا بإبعاده
14 من أصل 15 تسديدة عليه

ورغم هذا الأسلوب الدفاعي البحت الذي اتّبعه مورينيو، استطاع «الغانرز» خلق الكثير من الفرص الخطرة، إلا أن الحظ لم يحالفهم، أو الأصحّ أنهم اصطدموا بحارس هو الإسباني دافيد دي خيا، الذي قدّم أداءً لا يصدَّق، وقام بتصديات مذهلة تكفي تلك المزدوجة لتسديدتي الفرنسي ألكسندر لاكازيت والتشيلياني أليكسيس سانشيز في الدقيقة 55 مثالاً لها. دون مبالغة، لعب دي خيا بمفرده في مواجهة أرسنال، وكان السبب الرئيسي في فوز يونايتد، إذ رغم تلقي شباك نظيره التشيكي بتر تشيك 3 أهداف، إلا أن شباك يونايتد كان يمكن أن تتلقى بسهولة 5 أهداف على الأقل، لو لم يكن دي خيا في المرمى. يكفي القول إن الحارس الإسباني تصدّى لـ 14 كرة من أصل 15 سدّدها لاعبو أرسنال على مرماه، وهذا رقم قياسي في الـ «بريميير ليغ».
مسألة أخرى برزت في المباراة، هي الروحية التي لعب بها أرسنال، إذ رغم تأخره بعد 11 دقيقة بهدفين مباغتين، فإنه لم يستسلم، ولعب بأداء قتالي وهجومي طوال الدقائق التالية، وهذا ما تواصل حتى بعد تلقيه الهدف الثالث في الدقيقة 63 عبر جيسي لينغارد، وهي نقطة مهمة كان يعاني منها أرسنال، وتبدو مكسبه الوحيد في هذه الخسارة.
صحيح أن الكرة ظلمت أرسنال الذي قدّم أداءً هجومياً قلّ نظيره تحديداً عبر الاختراق من المنتصف بالاعتماد على التبادل الكروي والضغط على لاعبي يونايتد، إلا أن هذا لا يمنع أن يُقال إن دفاع «الغانرز» كان له دور أيضاً في ظلم فريقه، إذ من غير المقبول أن فريقاً مثل أرسنال ينافس على المراكز الأولى ويرتكب مدافعوه مثل هذه الأخطاء التي أدّت إلى تلقيه الأهداف الثلاثة.
في المحصلة، يمكن القول ــ دون مبالغة ــ إن أرسنال لعب ويونايتد كسب، أو بالأصح أن دي خيا هو الذي كسب، إذ كان نجماً فوق فوق العادة في اللقاء، لكن كل الكلام لا يجدي نفعاً، ففي النهاية فاز يونايتد ومورينيو واصل عقدته لفينغر. هذا ما سيذكره الجميع.