أي متابع للدوري الالماني لكرة القدم يمكنه ان يلاحظ ارتفاع عدد اللاعبين الانكليز مع الأندية المختلفة. اما القاسم المشترك بينهم فهو سنّهم الصغيرة، الأمر الذي يثير الاهتمام حول اسباب هذه الظاهرة غير التقليدية التي بدأت تثير ايضاً القلق في انكلترا الخائفة على ضياع المواهب من انديتها، وربما من منتخباتها الوطنية في فترة لاحقة.مفاجئ فعلاً ما يحصل، اذ يعلم الكل ان الدوري الانكليزي الممتاز هو الاكثر جاذبية بالنسبة الى كل نجوم العالم الذين لا يتأخرون في الموافقة على العروض المقدّمة اليهم من قبل اندية "البريميير ليغ" حتى فاقت اعدادهم بكثير اعداد اللاعبين الانكليز.

لكن الشبان المحليين اختاروا طريقاً مغايراً، رغم ان منتخبات الفئات العمرية الانكليزية قدّمت نفسها بشكلٍ طيّب في الفترة الاخيرة وبات لبعض نجومها مكان في الندية، على غرار المهاجم الواعد دومينيك سولانكي الذي سارع ليفربول الى ضمّه من تشلسي.
وفي ظل استمرار موجة هجرة الأجانب الى "البريميير ليغ"، وجد شبان آخرون فرصتهم خارج البلاد، لكن اللافت كان اختيار المميزين منهم الدوري الألماني حصراً، حيث يمكنهم تعلّم الكثير من اندية اشتهرت في الأعوام الأخيرة بتخريج مواهب كثيرة برزت بشكلٍ رائع في عالم الكرة، الأمر الذي جعلهم لا يترددون في الانتقال الى ملاعب "البوندسليغا".
جايدون سانشو هو أبرز هذه الأسماء وأكثرها مراقبة حالياً في المانيا، فابن الـ 17 عاماً رفض الاستمرار مع مانشستر سيتي الذي انتقل اليه قبل عامين قادماً من واتفورد، ليحطّ في بوروسيا دورتموند الذي شرع في منحه الفرصة للعب في مركز الجناح.
خطوة ذكية من اولئك الذين نصحوا اللاعب المولود من أبوين ترينيداديين بالانتقال الى دورتموند المعروف بأنه يمنح الفرصة للاعبين الشبان لكي يبرزوا، والأمثلة كثيرة عن هذه النقطة.

في ظل استمرار استقطاب الأجانب، تشهد إنكلترا هجرة لشبّانها إلى الخارج

ومما لا شك فيه ان سانشو قادر على التطوّر في المانيا بفعل قدراته الفنية التي تجعل منه مراوغاً سريعاً وممرراً حاسماً وهدافاً مؤذياً. وهذه المسألة يعرفها القيّمون في دورتموند الذين لم يترددوا في منح اللاعب الانكليزي القميص الرقم 7 التي تركها النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي المنتقل الى برشلونة الاسباني.
ومع رحيل سانشو الذي كان افضل لاعبي منتخب انكلترا في كأس اوروبا للاعبين دون 17 عاماً، شرع الانكليز في دقّ ناقوس الخطر، وخصوصاً بعدما لحق به الى المانيا ريس اوكسفورد (18 عاماً)، الذي يرى فيه كثيرون "الجوكر" المقبل للمنتخب الانكليزي كونه يستطيع اللعب في خطي الدفاع والوسط.
الجامايكي الأصل اختار بوروسيا مونشنغلادباخ لينتقل اليه على سبيل الاعارة بعدما كان قد سجّل بدايته انكليزياً مع وست هام يونايتد في الـ 16 من العمر. النادي الالماني اعطى اللاعب الأسمر قيمة لم يكن ليشعر بها في ناديه الأم، حيث اعتبره خليفة الدنماركي اندرياس كريستنسن العائد الى تشلسي ليلعب اساسياً بعد انتهاء فترة اعارته مع غلادباخ، فمنحه القميص الرقم 3 الذي تركه الأخير خلفه.
كذلك، فضّل راين كنت (21 عاماً) ان يذهب معاراً الى فرايبورغ، على ان ينتظر فرصته في ليفربول، رغم ان المدرب الالماني يورغن كلوب اقتنع بقدراته خلال التحضيرات للموسم الجديد. لكن هذا الجناح المميز وجد انه في سنّ يفترض فيها ان يلعب اساسياً وينهل العلم من افضل المدارس الاوروبية سعياً الى التطوّر.
وعند هذه النقطة، يمكن القول ان الكرة الانكليزية ستكسب من جراء هذه الخطوات كون لاعبيها الواعدين يعودون اليها وهم يحملون اساليب نوعية فيدخلون ثقافة جديدة الى فرقها، ما يجعل قراءة الخصوم اسهل بالنسبة اليها في كل تحدٍّ خارجي تواجهه. وهذه المسألة يمكن لمسها مثلاً من خلال لاعبٍ اسكوتلندي اسمه أوليفر بوركه، الذي كان لخوضه 25 مباراة مع لايبزيغ الالماني الموسم الماضي، جواز عبور الى "البريميير ليغ"، حيث انضم هذا الموسم الى وست بروميتش ألبيون.
لكن كلمة جواز هي اكثر ما يخيف انكلترا التي بدأت تصرخ متهمة ألمانيا بسرقة مواهبها. فماذا لو حصل احد هؤلاء على جواز سفر الماني بعد فترة؟ لألمانيا سوابق مع انكلترا وغيرها من البلدان في هذا الإطار.