أما الخسارة الأخيرة أمام هادرسفيلد تاون (1-2)، الذي لا يعدّ حتى فريقاً من الصف الثاني في "البريميير ليغ"، عادت لتفتح الأفواه المصوّبة على "مو" وتتهمه بالعداوة للعب الجميل.
في الواقع يمكن تفهم هذا الكلام أو الوصف في حال خرجت من جمهور مانشستر يونايتد تحديداً، إذ لم يكن عبثاً تسمية ملعب "أولد ترافورد" الخاص بالفريق بـ "مسرح الأحلام"، فهناك كانت ترسم الطريق إلى منصات التتويج بأجمل صورة استعراضية. العودة إلى أيام المدرب الأسطوري "السير" الإسكوتلندي اليكس فيرغيسون تؤكد هذا المشهد، إذ اعتاد "الشياطين الحمر" على تقديم كرة هجومية ممتعة بعيدة كل البعد عن الملل أو الخطط الدفاعية.
وبعد بداية موسم نارية ليونايتد مع مورينيو مقرونة بأداء هجومي رائع، عاد مورينيو إلى عاداته السيئة أمام ليفربول، فجعل من لاعبين هجوميين جنوداً دفاعيين، على غرار الفرنسي انطوني مارسيال الذي بدا أشبه بظهيرٍ أيسر من دون أي نزعة للمبادرة إلى الأمام. لكن هل ما يحصل مع مانشستر يونايتد في الفترة الأخيرة يفسّر وصف مورينيو بـ "العدو لكرة القدم"؟
الإجابة عن هذا السؤال تعطي الحق للمنتقدين في مكانٍ ما، وتنصف مورينيو في مكانٍ آخر. فانطلاقاً من المباراة أمام هادرسفيلد يمكن اتهام مورينيو بعدم الجرأة الناتجة أحياناً عن سوء الخيارات في التشكيلة الأساسية، وخصوصاً في عدم اعتماده أحياناً على كل لاعبيه الخلاقين في خط الوسط، ما يعزل المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو مثلاً، وهو القادر على إصابة الشباك من أنصاف الفرص بحيث يحتاج فقط إلى الإمدادات لإكمال المهمة بنجاح.
فلسفة مورينيو تختصر بعبارة «النتيجة أهم من الأداء»
لاعبون مثل الإسباني خوان ماتا، الأرميني هينريك مخيتاريان والنجم الشاب ماركوس راشفورد، يُحرّم عدم إعطائهم دوراً في كل مباراة، لا بل دور حرّ في الشق الهجومي. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الإسباني الآخر أندير هيريرا الذي قتله مورينيو في اعتماده لاعب ارتكاز إلى جانب الصربي نيمانيا ماتيتش، في وقتٍ يفضّل فيه أفضل لاعبي يونايتد في الموسم الماضي اللعب أكثر إلى الأمام والمشاركة في العملية الهجومية.
إذاً مورينيو متحفّظ بشكلٍ مبالغ فيه، وخصوصاً أنه لا ضرورة للذهاب إلى هذا الحدّ أمام خصوم ضعفاء مثل هادرسفيلد. لكن قد يكون من الإجحاف وصف الرجل بعدوّ الفوتبول بكل ما للكلمة من معنى، إذ أنه تعلّم من دروس كل الفرق الإنكليزية التي جازفت هجومياً في أوروبا في المواسم القريبة الماضية، فخرجت تجرّ أذيال الخيبة. هو ببساطة يفكر بدوري الأبطال وبمدى إدخال ثقافة الدفاع أولاً إلى عقول لاعبيه حتى لا تكون النتائج الأوروبية كارثية أمام خصومٍ أقوياء لا يرحمون سيكونون بالانتظار خلال الأدوار المتقدّمة.
قد يكون ما يفعله مورينيو مضرّاً للعبة ولصورة فريقه، لكنه أيضاً قد يكون درساً لفرقٍ أخرى تنجرف إلى الهجوم من دون حسابات. هو في نهاية المطاف سيبقى مصرّاً على فلسفته التي يختصرها بـ "متعة كرة القدم هي في تحقيق الفوز في نهاية المطاف أيّاً كان شكله، فالنتيجة تبقى أهم من الأداء".