المنتخب البطل. هذا الوصف الذي يستحقّه المنتخب السوري تماماً. هو بطل إزاء كل ما قدّمه في تصفيات مونديال روسيا 2018، وهو بطل حتى في الخسارة. نعم، خسر "نسور قاسيون" في سيدني 1-2 في إياب الملحق (1-1 ذهاباً) وانتهى حلمهم بالوصول إلى كأس العالم، لكن أداءهم البطوليّ سيبقى في الذاكرة ومرجعاً في الكرة لكل من يريد تعلّم الإرادة والتصميم والمثابرة وعدم الاستسلام حتى الثواني الأخيرة.
هذا ما فعله منتخب سوريا طيلة التصفيات، وخصوصاً في المباراة قبل الماضية أمام إيران عندما سجل النجم عمر السومة هدفاً في اللحظات الأخيرة أهّل بلاده إلى الملحق، وما كرره أمام أوستراليا أمس، لكن هذه المرة عاند الحظ السومة نفسه عندما سدد كرة رائعة من ركلة حرة في الثواني الأخيرة أصابت القائم الأيسر، وأصابت معها القلوب في مقتل. ظالم هذا القائم. قسا على "نسور قاسيون" ولم يفِهِمْ حقهم إزاء مواصلتهم الحلم والقتال حتى الرمق الأخير، رغم طرد محمود المواس في الدقيقة 95 وتلقّيهم هدفاً ثانياً في الدقيقة 109 عبر المخضرم تيم كاهيل بكرة رأسية بعدما كان اللاعب نفسه قد سجل هدفاً رأسياً أيضاً عادل به النتيجة 1-1 في الدقيقة 13.
لم يفِهم حقّهم هم الحاملون مهمة إسعاد وطن والحالمون رغم الصعاب، وما أكثرها. لم يفِهم حقّهم هم الذين يقطعون كل تلك المسافات ولا يمتلكون الإمكانات، ويصلون إلى مثل هذه المرحلة التي لم يتوقعها أحد.
المنتخب البطل. كل فرد في منتخب سوريا بطل، من المدرب أيمن الحكيم، إلى كل طاقمه التدريبي وكل اللاعبين، بدءاً من الحارس الفذّ إبراهيم عالمة الذي أثبت أمس مجدداً أنه من فئة الكبار بتصدياته الخارقة وثباته رغم الضغط الأوسترالي، إلى السومة الهداف القناص والذي رسم الفرحة مبكراً منذ الدقيقة الخامسة بتسديدة قوية عانقت الشباك، وكاد أن يختمها بفرحة أكبر لولا القائم الأيسر.
هو المنتخب البطل، الذي خسر مباراة وربح قلوب العالم وإعجابهم.
نعم، انتهى مشوار سوريا نحو المونديال، لكن الحلم لم ينته، بل بدأ، إذ إن السوريين كسبوا منتخباً ستكون له الكلمة في الاستحقاقات المقبلة.