النهائي المبكر. القمة الكبرى. المواجهة الأقوى. كل هذه الأوصاف حملتها مباراة ألمانيا وتشيلي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية، وهذا طبيعي، إذ إنها تجمع بين بطل العالم من جهة وبطل أميركا الجنوبية من جهة أخرى.
صحيح أن «المانشافت» يفتقد أبرز نجومه، لكن ما قدمه شبانه في المباراة الأولى ترك انطباعاً بأن هذه التشكيلة الشابة لديها ما تقدمه، وحتى ان النجم التشيلياني أرتورو فيدال الذي يعرف الألمان جيداً، بعد أن لعب سابقاً في صفوف باير ليفركوزن وحالياً مع بايرن ميونيخ، اعتبر أن هؤلاء اللاعبين هم من الأفضل في «البوندسليغا» في الوقت الحالي، فيما ذهب مدرب تشيلي أنطونيو بيتزي إلى ترشيح الألمان للفوز، لأن «منتخب ألمانيا يبقى كما هو بنفس الهوية: ملتزم للغاية، بإمكانيات فنية وبدنية كبيرة، وتحركات تكتيكية مرنة للغاية. لديهم خيارات عديدة. والجميع يمتلك مستوى عالياً للغاية».
أما بالنسبة إلى منتخب تشيلي، فلا يختلف اثنان على قوته بعد أدائه في مونديال 2014 وتسببه في خروج إسبانيا بطلة العالم حينها، ومن ثم تزعّمه قارة أميركا الجنوبية بلقبين في «كوبا أميركا» عامي 2015 و2016 متفوّقاً على البرازيل والأرجنتين، وهو يمتلك تشكيلة قوية في مقدمها اثنان من أفضل لاعبي العالم: فيدال وأليكسيس سانشيز.
وما زاد حماوة المباراة، بخلاف المنافسة على التأهل والصدارة، هو أن الألمان يريدون الفوز لتأكيد قوة هذا الجيل، فيما التشيليون يهمّهم كسبها للثأر لقارة أميركا الجنوبية من «المانشافت»، الفريق الأوروبي الوحيد الذي أحرز المونديال فيها وهزم كبيريها البرازيل 7-1 في نصف النهائي والأرجنتين 1-0 في النهائي، وكذلك فإن الفوز بها يعدّ مكسباً معنوياً للتشيليين بأنهم نجحوا في ما فشل فيه البرازيليون والأرجنتينيون، ولو كان ذلك أمام الفريق الثاني لألمانيا.
فعلاً، كانت المباراة على مستوى التطلعات، وأثبتت قوة الفريقين كمنافسين على لقب البطولة، حيث كان النسق مرتفعاً منذ الدقائق الأولى، وهذا ما يثبته الهدف المبكر للتشيليين، بعد أن أخطأ شكودران مصطفي في إخراج الكرة من منطقته لتصل إلى سانشيز الذي بدأ المواجهة أساسياً على عكس المباراة الأولى، فسدّدها بنجاح في شباك الحارس مارك ــ أندريه تير شتيغن (6).
هذا الهدف حمل نكهة خاصة لنجم أرسنال الإنكليزي، إذ فضلاً عن أنه في مرمى بطل العالم، فإنه تمكن من خلاله أن يصبح الهداف التاريخي لمنتخب بلاده بوصوله للهدف الرقم 38، متخطّياً النجم السابق مارتشيلو سالاس.
بطبيعة الحال، أحدث الهدف المبكر إرباكاً للمنتخب الألماني، حيث كاد يتلقى الثاني من تسديدة قوية لإدواردو فارغاس أصابت العارضة (20).
أمام هذه الانطلاقة وخبرة التشيليين وقلة تجربة الألمان، كانت التوقعات تشير إلى اتجاه لفوز تشيلي كبير وانهيار ألماني، لكن ما حصل كان العكس، إذ إن التشكيلة الشابة التي راهن عليها المدرب يواكيم لوف أظهرت مجدداً حضورها وقوتها، رغم أنها لم تجتمع إلا قبل أقل من شهر، حيث استعاد «المانشافت» رويداً رويداً زمام الأمور وفرض شخصيته على خصمه.
مجدداً، بدا أن هؤلاء الشبان يشكلون الفريق الأول، حيث ضغطوا على أبطال أميركا الجنوبية وأجبروهم على العودة إلى الوراء، ومن هجمة مرتدة مثالية وصلت الكرة إلى «المحارب» إيمري كان الذي مررها بينية رائعة للمنطلق من الخلف يوناس هيكتور على الجهة اليسرى، فلعبها عرضية انقضّ عليها لارس شتيندل وأسكنها الشباك مدركاً التعادل 1-1.

أجرى المنتخب
التشيلياني ثلاثة تبديلات،
فيما أكمل الألمان المباراة بالتشكيلة ذاتها


هذا الهدف منح الألمان الثقة وزعزعها في المقابل عند التشيليين الذين وجدوا أنفسهم في الشوط الثاني أمام لاعبين منضبطين تكتيكياً ويتناقلون الكرة بإتقان، وسط سيطرة على اللعب وثبات دفاعي أحبط وصول اللاتينيين إلى المنطقة الألمانية، فانعدمت فرص رفاق سانشيز.
وللتأكيد على الثبات الألماني والزعزعة والإحراج التشيليانيين أمام الكتيبة الشابة، فإن المدرب بيتزي استنفد كل تبديلاته، فيما بقي لوف معتمداً على التشكيلة ذاتها دون تبديل، حتى صفارة النهاية.
هو تعادل إذاً آلت إليه القمة. نقطة ألمانية في غاية الأهمية ومكسب جديد لـ»المانشافت» الشاب أمام منتخب قوي وجد نفسه أمام إحراج كبير وهزيمة كانت تلوح في الأفق.

تقلّص حظوظ الكاميرون وأوستراليا

لم تستفد الكاميرون بطلة أفريقيا، وأوستراليا بطلة آسيا، من مباراتهما لتحقيق فوز يرفع الحظوظ في الجولة الأخيرة، حيث تعادلا 1-1، لتتقلص آمالهما بالتأهل الى نصف النهائي.
ورفع المنتخبان اللذان التقيا للمرة الأولى رصيدهما إلى نقطة واحدة.
وتقدم «الأسود غير المروضة» في نهاية شوط أول متوسط المستوى، عبر أندريه أنغويسا (45)، وفي الشوط الثاني الذي شهد إهدار عدة فرص لمهاجم الكاميرون فنسان أبو بكر، عادلت أوستراليا من ركلة جزاء للقائد مارك ميليغان (60).
وكانت الكاميرون خسرت مباراتها الأولى أمام تشيلي 0-2، أما أوستراليا فخسرت افتتاحاً أمام المانيا 2-3.
وتحسّر لاعب الوسط الكاميروني أرنو دجوم على النتيجة قائلاً: «هذه نتيجة مخيّبة للآمال، أعتقد أننا كنا الأفضل ونستحق الفوز. سنبقى مركزين على مباراتنا الأخيرة ونحاول إنهاء البطولة بشكل جيد».
من جهته، قال مدرب أوستراليا اينج بوستيكوغلو: «أعتقد أنها نتيجة عادلة. سيطرنا على آخر لحظات المباراة، وكانت لهم لحظاتهم أيضاً. خاب أملنا بالهدف في نهاية الشوط الأول، وهذا ما غيّر الكثير من الأشياء. واجهنا خصماً قوياً جيداً في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم».
هكذا انتهت الجولة الثانية في المجموعة الثانية. الجولة الثالثة الأحد عبر لقاءي ألمانيا أمام الكاميرون وتشيلي أمام أوستراليا. كل الطرق تؤدي إلى تأهل أبطال العالم وأبطال أميركا الجنوبية إلى نصف النهائي، يبقى معرفة من منهما سيكون في الصدارة.