لا يختلف اثنان على أنَّ موسم 2016 - 2017 هو الأسوأ على جميع الصعد، إدارياً وتنظيمياً وتحكيمياً وجماهيرياً وأمنياً. هي معادلة تشبه "الدومينو"، فحين تسقط قطعة واحدة، تسقط الأخريات جميعها. في موضوع كرة القدم، يكون اتحاد اللعبة وقوانينه هما القطعة الأولى، ما دامت واقفة، فإنَّ جميع القطع تبقى واقفة، لكن حين تسقط، فحينها لا داعي للسؤال: لماذا سقطت الأخريات؟
لم تكن المرة الأولى التي يدخل فيها اتحاد اللعبة في تسويات تحت شعار "لا يموت الديب ولا يفنى الغنم"، لكن هذه المرة فاقت المرات الحدّ المعقول. في النهاية، نحن في لبنان بلد التسويات، لكن بحدود، وحين يجري تخطي هذه الحدود، تصل الأمور إلى ما وصلت إليه.
من أي تسوية يمكن الانطلاق؟ من تسوية مباراة الإخاء الأهلي عاليه والأنصار، والتراجع عن قرار إقامة المباراة المقبلة للإخاء مع السلام زغرتا خارج ملعب بحمدون؟ أم من تسوية ملعب مباراة النجمة والأنصار والتراجع عن قرار إقامتها على ملعب صور، وقرار نقلها إلى طرابلس قبل أن تعود إلى صور؟ أم من كسر هيبة الاتحاد وقراره بمنع جمهور الإخاء من حضور مباراته مع التضامن صور، عقاباً على اعتدائه على حكام اللقاء مع النبي شيت وملاحقتهم في الشوارع، رغم أنَّ قراراتهم كنت صحيحة؟ حينها اقتحم الجمهور ملعب العهد، وحضر اللقاء ضد التضامن صور، فيما اكتفى الاتحاد بالتغريم وتحميلهم تكاليف الأضرار.
تراخٍ اتحادي هزّ هيبته، وجعل "حيطه واطي"، فلم تعد الأندية والجماهير واللاعبون والمدربون يرتدعون، فترى اعتداءً على حكم وإسالة دمائه من أجل دقيقتين من وقت ضائع، أو ملاحقته لقرار ليس على هواهم.
فمن مدرب لا يمتثل لقرار الحكم إلا بعد ربع ساعة من المفاوضات، إلى رئيس نادٍ يوقف اللقاء ويريد أن ينسحب فينتظره الجميع 24 دقيقة حتى تهدأ أعصابه وتستكمل المباراة. إلى زميل له يتسلّق سور الملعب ويدخل للاعتراض، فيكون الإنذار هو العقاب الوحيد، بعد أن كان قد حقّر الاتحاد على شاشة التلفزيون واتهمه بأبشع الاتهامات، أو آخر يخرج إلى الشاشات ويكيل الاتهامات من دون أن يحاسب، بحجة أن زميله السابق لم يحاسب. وقبلهما رئيس يضرب حكماً فيُوجَّه إنذار إليه سراً، أي بمحضر جلسة الاتحاد، وليس في تعميمها.
موسم شهد أيضاً اعتراضات ومحاضرات بالعفّة من مسؤولين مرتكبين ومزورين ومتلاعبين ومدافعين عن الباطل، ما دام لمصلحتهم. أما حين يكون لمصلحة غيرهم، فيُرفَع الصوت. فما "أجمل" مسؤولاً يطالب بالحق، وهو مزوّر ومخالف للقوانين والأنظمة، حتى وهو مؤتمن عليها وملزم بتنفيذها، فتراه يتخطاها حين يكون ذلك لمصلحته. وما أروع مسؤولاً آخر يتهم الحكام بقبض الرشوة، في حين أن ناديه تحديداً حاول منح "إكراميات وحلوينيات" لحكام آخرين، مقابل خدمات معينة له. وما "أصدق" المشهد حين يكون نادٍ يتضامن مع آخر في العلن وعلى شاشات التلفزيون وفي السر يقول إنَّ هذا النادي الحليف "حقير حيث عملنا لسنتين على إبقائه في الدرجة الأولى وحين احتجناه هذا الموسم للغرض عينه خذلنا".

الأندية التي خالف الاتحاد قوانينه لأجلها، انقلبت عليه

تلك هي الأندية التي خالف الاتحاد قوانينه لأجلها، فانقلبت عليه، وهؤلاء هم بعض أعضاء اللجنة التنفيذية الذين عندما "تحزّ المحزوزية" يخلعون ثوب المسؤول المفترض أن يكون لجميع الأندية ويصبح ممثلاً لناديه على طاولة الاجتماع، فتراه يهدد ويتوعّد ويطلق الاتهامات بحق زملاء له حتى يحصل على مبتغاه.
تُسرّب الأخبار وتتشظى صورة الاتحاد وأعضائه وتأتي القرارات لتؤكّد المؤكّد فتكون التسوية هي عنوان الحل. لكنه حلٌّ أشبه بلحس المبرد. أما الحل الصحيح، فهو بتطبيق القوانين وعدم مسايرة أندية هي أساس المشكلة في النهاية، بعضها فاسد وآخر هاوٍ، وممثلين عنها في الاتحاد ومدافعين عن مصالحها أكثر مما هم أعضاء يعملون لخير كرة القدم.
"اللعب" الآن يحصل في الوقت الضائع، لكون ولاية الاتحاد ستنتهي بعد أربعة أشهر، ولا يبدو أنَّ الحل المثالي يكون بإلغاء بطولة أسهم الجميع في تشويه صورتها. الحلّ يكون بالتغيير، تغيير العقلية، وتغيير طريقة التعاطي مع القوانين على صعيد الاتحاد، وإذا كان هذا مستحيلاً في ظل وجود أعضاء ممثلين لأنديتهم، لا لكل الأندية، فلمَ لا يحصل تغيير اتحادي لمصلحة التكنوقراط، ولمصلحة مجموعة تعمل لمصلحة كرة القدم، لا لتسويات شخصية على حساب القانون؟ فالمسؤولية هي التزام الكتاب، لا تغيير نصوصه بحسب المصالح.
الانتخابات في تموز المقبل، وهنا للأندية كلمة لتقولها، هذا إذا كانت لها كلمة مستقلة، وإذا كانت كلمتها صادقة ولمصلحة كرة القدم. لكن كثيرين يعلمون بأنَّ الأمور ليست كذلك، لكون "الحارة ضيّقة والكل بيعرف بعضو".




إيقافات وتغريمات بالجملة

قرر الاتحاد اللبناني لكرة القدم توقيف مدرب السلام زغرتا طارق جرّاية (الصورة) سنة كاملة، وتغريمه مبلغ مليوني ليرة، وتغريم نادي السلام زغرتا خمسة ملايين ليرة بعد الأحداث التي شهدتها مباراة الفريق مع العهد.
كذلك قرر توقيف إداري فريق النبي شيت علي محمود الموسوي 5 سنوات وتغريمه 3 ملايين ليرة، وتوقيف الإداري حسين الموسوي 6 أشهر، ورفع دعوى قضائية بحق الذين طاردوا سيارة حكام مباراة النبي شيت والأنصار وتعرضوا لهم بالضرب، وتغريم النادي البقاعي مبلغ 3 ملايين ليرة، وتحميله كلفة أضرار سيارة الحكام، البالغة قيمتها 1600 دولار.
ونقَل مباراة التضامن صور مع ضيفه الراسينغ إلى خارج أرضه وإقامتها من دون جمهور، وتغريم التضامن مليون ليرة لبنانية.