هناك أمر متعارف عليه في إنكلترا، ولو أنه لا يشكل قاعدة، يقول: الأفريقي أفضل من البرازيلي.وقد يكون هذا الأمر صحيحاً إلى حدٍّ بعيد إذا ذهبنا إلى إحصاء تأثير اللاعبين البرازيليين الذين قَدِموا إلى الدوري الإنكليزي الممتاز منذ مطلع التسعينيات، بفرقهم مقارنة بأولئك الأفارقة الذين تركوا بصمة أكبر بعد بروزهم بنحو لافت مع فرقٍ مختلفة، منها حتى تلك التي لم تكن منافسة على اللقب. فعلاً، قلّة من اللاعبين البرازيليين تمكنوا من صناعة الفارق في دوري إنكلترا، وقد لا يتخطى عددهم أصابع اليد الواحدة، بعكس عددٍ كبير من اللاعبين الأفارقة الذين كانوا رأس حربة في رفع مستوى فرقهم أو قيادتها إلى رفع الكؤوس.

وهنا يعيدنا الكلام إلى بداية الموسم عندما خرجت لوائح الفرق الـ 20 المتنافسة في "البريميير ليغ" حيث تبيّن وجود 47 لاعباً أفريقياً، ما يعني أن 9% من اللاعبين الـ 500 يأتون من القارة السمراء، فكان بيرنلي الوحيد الذي لم يضم أي لاعب أفريقي، ما أفقده عدداً من النواحي التي ميّزت الفرق الأخرى التي ظهر لدى عددٍ منها أنّ من المستحيل بالنسبة إليها اللعب من دون أولئك السمر المميزين.
وتستكمل المقارنة البرازيلية - الأفريقية التي نستخدمها عيّنة فقط من أجل إظهار سبب بروز اللاعب الأفريقي في أقوى دوري في العالم. فهناك تصعب الأمور على البرازيليين المهاريين الذين لا يعتمدون على القوة البدنية، بل على مهاراتهم الفردية التي غالباً ما تصطدم بالعنف المفرط أو لا يمكنها مجاراة سرعة اللعب المعتمد أو لا تفيد الفريق، إذ إن لاعبي فرق إنكلترا كلهم يعمدون إلى العمل كمنظومة دفاعية وهجومية واحدة، ما يترك لدى كل لاعب مهمة مزدوجة على المستطيل الأخضر.

يمنح اللاعب الأفريقي
الجانب البدني القوي والنفَس الطويل لكل فريق إنكليزي


وهذه الميزة نجدها تحديداً في لاعبٍ مثل ساديو مانيه الذي يبذل مجهوداً هائلاً على أرض الملعب، يعكس ميزة اللاعب الأسمر الذي يحتاجه كل فريق إنكليزي. فاللاعب الأفريقي يمنح القوة الجسمانية التي لا غنى عنها في ذاك الدوري المليء بالالتحامات، كذلك فإنه يتميز بلياقته البدنية العالية وبنفَسه الطويل اللذين يسمحان له بتأدية واجبه على أعلى مستوى طوال الدقائق التسعين. وكما هو معلوم، إن سرعة اللعب الهجومي في الدوري الإنكليزي تُجبر اللاعبين على بذل مجهود مضاعف في جهتي الملعب، والأفارقة يؤدون هذا الأمر من دون أي مشكلة، مستفيدين من طبيعتهم الجسدية وقوتهم الفطرية التي اكتسبوها من الظروف الصعبة التي عاشوها في ملاعب القارة السمراء لدى نشأتهم هناك، وقبل انتقالهم إلى قارة الأضواء، أي أوروبا.
اليوم، وقبل مانيه، سحر الجزائري رياض محرز الكل في إنكلترا، عندما قاد ليستر سيتي إلى لقب خرافي في الموسم الماضي، ليحرز بعدها جائزة أفضل لاعب في إنكلترا. إنجاز مهم ولافت يؤكد قدرة الأفارقة في التأثير بفرقهم، تماماً كما كان عليه الأمر في الماضي البعيد عندما اعتادوا توجيه فرقهم نحو منصة التتويج. فمن لا يذكر قيادة العاجي ديدييه دروغبا لتشلسي إلى اللقبين المحلي والأوروبي؟ ومن ساحل العاج أطل أيضاً الشقيقان كولو ويايا توريه اللذان حملا كأس "البريميير ليغ" مع مانشستر سيتي. كذلك مرّ عاجي آخر بتميّز ليتوّج في إنكلترا، هو سالومون كالو لاعب تشلسي السابق. و"البلوز" أصلاً شرّعوا الباب أمام الأفارقة ليفعلوا ما يبرعون به في "ستامفورد بريدج"، حيث ترك الغاني مايكل إيسيان والنيجيري جون أوبي ميكيل أيضاً تأثيراً طيّباً في ألقاب الفريق اللندني. تطول اللائحة وتعيدنا إلى أيام عشق أرسنال للأفارقة الذين برزوا معه كثيراً، أمثال النيجيري نوانكو كانو والكاميروني لورين والتوغولي إيمانويل اديبايور. هم أصلاً جزء بسيط على لائحة تضم أسماءً لا ينساها جمهور إنكلترا، أمثال الليبيري جورج وياه والنيجيري جاي - جاي أوكوتشا والأفريقي الجنوبي لوكاس راديبي والغاني طوني إيبواه.