لم يكن عادياً خبر إقالة برشلونة الإسباني إدارياً فيه بحجم مسؤول العلاقات المؤسسية الرياضية، بسبب تصريح عن نجم الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يواصل تألقه، معادلاً بهدفه أول من أمس، أمام لاس بالماس، الرقم القياسي لأسطورة ريال مدريد راوول غونزاليس بالتسجيل في مرمى 35 فريقاً في "الليغا".
كان كافياً أن يقول بيري غراتاكوس، خلال تمثيله برشلونة في سحب قرعة ربع نهائي كأس إسبانيا الجمعة: "ليو أحد أهم الأشخاص في الفريق، لكن يجب لفت الانتباه إلى البقية أيضاً، لأن ليو بدون نيمار ولويس سواريز وإينييستا وبيكيه والباقين لن يكون بهذه الدرجة من الروعة، رغم أنه الأفضل"، حتى يجد نفسه خارج أسوار النادي.
بضع كلمات فقط كانت كفيلة بإطاحة الرجل من منصبه بسبب "تعبيره على الملأ عن رأيه الشخصي الذي لا يتوافق مع المؤسسة"، وفقاً لبيان النادي.
ميسي مالئ برشلونة وشاغل ناسها. ميسي خط أحمر في "كامب نو" والنجم المدلل. وكيف الحال إذا كان "البرسا" لم يتوصل بعد إلى اتفاق مع أيقونته لتمديد عقده في صفوفه؟ عندها يصبح أي حديث، ولو حاد قيد أنملة عن سياقه في ما يخصّ "ليو"، من "المحرمات" ووجب الاقتصاص من قائله مهما علا شأنه، فلا أحد في كاتالونيا برمّتها في هذه الفترة تحديداً في وارد مضايقة ميسي وتعكير مزاجه، إذ إن مدينة بشيبها وشبابها تنتظر على أحرّ من الجمر أن يضع هذا النجم توقيعه على العقد الجديد الذي يضمن بقاء سحره في برشلونة.

أقال برشلونة مسؤول العلاقات المؤسسية فيه بسبب تصريح حول ميسي لم يعجب الإدارة



لكن بخلاف ما حصل مع هذا المسؤول "المسكين" الذي أبدى ميسي انزعاجه من قرار الإدارة إقالته، بحسب ما أوردت صحيفة "إل موندو ديبورتيفو"، فإنه ليس خافياً أن "ليو" هو الحاكم بأمره في برشلونة. كلمة الأرجنتيني واحدة لا اثنتان في كاتالونيا.
على سبيل المثال هنا، هل رأيتم لاعباً يعيّن مدرباً في الفريق الذي يلعب فيه؟ ميسي في برشلونة فعل ذلك، حيث كان السبب الأول في قدوم مواطنه وابن مدينته روزاريو، جيراردو "تاتا" مارتينو، إلى الفريق، رغم أن اسمه كان مجهولاً لكثيرين، ذلك لأن خورخي والد ليونيل كان من المعجبين به عندما كان لاعباً، وهذا ما تسبب في تأخر قدوم لويس إنريكي إلى "البرسا" بعدما كان اسمه مطروحاً للمنصب.
قلنا إنريكي. ليس مبالغاً القول إن مصير هذا المدرب معلق بيدَي ميسي بخلاف الإدارة، إذ إن أي اختلاف في الآراء أو وجهات النظر، واستعاره بينهما، وإعلان الأرجنتيني العصيان على مدربه، تعني حتماً انتهاء مشوار الأخير مع الفريق في حال وضع "ليو" الإدارة في موقع الاختيار بينهما، وهذا ما لا يمكن أن يتاح أمام أي لاعب آخر.
حتى إنه يتردد أن برشلونة يأخذ رأي ميسي في الاعتبار في بعض صفقاته لضمّ لاعبين، وهذا ما تؤكده صحيفة "ذا صنداي بيبول" الإنكليزية التي ذكرت أن المدير الرياضي السابق للنادي، أندوني زوبيزاريتا، تحدث مع الأرجنتيني حول صفقة ضم الأوروغوياني لويس سواريز من ليفربول ولقي ترحيبه بها.
أن يصيب مكروه ميسي تحديداً في برشلونة، كأنه أصاب المدينة برمّتها، وهذا ما يحدث عند تعرضه للإصابة وغيابه عن الفريق، أو مثلاً عندما أُدين ووالده بالسجن 21 شهراً مع وقف التنفيذ بسبب تهرّبه من الضرائب، حيث سارع برشلونة مباشرة إلى إصدار بيان جاء فيه: "برشلونة مستعد لتقديم كل شيء لدعم ميسي وعائلته في ما يتعلق بالإجراءات التي سيتخذها من أجل الدفاع عن نزاهته ومصالحه القانونية".
كذلك فإن الصحف الكاتالونية المؤيدة لبرشلونة تعلن حالة "الطوارئ" بحدودها القصوى، وتردّ بقوة على كل انتقاد يتعرض له ميسي تحديداً من الصحف المدريدية.
هذا هو ميسي الملك والحاكم بأمره في "البرسا". واللافت أن ما من أحد يبدي تذمراً أو اعتراضاً على أقواله وتصرفاته وقراراته، بل إن كل ما يفعله الساحر الأرجنتيني "أحلى من العسل" على قلب برشلونة.