الصيغة الجديدة «توفر الكثير من الفوائد، من دون أي سلبيات». هذا ما قاله رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو، بعدما خرج منتصراً بحصوله على الضوء الأخضر لرفع عدد منتخبات كأس العالم إلى 48 منتخباً ابتداءً من مونديال 2016، وهي الخطوة التي كانت قد أثارت الكثير من ردود الفعل، منها الإيجابية، ومنها السلبية، منذ إعلان الرئيس الجديد عزمه على السير بها.
وضع هذه الخطوة في الميزان يكشف عن إيجابيات من نواحٍ عدة، لكن اللافت أن غالبية هذه النواحي لا تصبّ في مصلحة جمالية كرة القدم، بل في الجانب التجاري - التسويقي الذي بات جزءاً لا يتجزأ من عالم اللعبة. لذا لا ضير من القول بأن الكفة ترجّح للسلبيات الكثيرة التي يمكن أن تنتج من هذا القرار.
الواضح أن إنفانتينو كان رأس الحربة لإقرار مخططه الذي يفترض أن يفرز عائدات تصل إلى 6.5 مليارات دولار، ليعكس 635 مليون دولار من الأرباح الصافية بالنسبة إلى «الفيفا»، وفق تقارير مالية درست الخطة بطريقة دقيقة.
إنفانتينو أرادها، لا لكرة القدم فقط، ولا نصرةً للبلدان الصغيرة التي تحلم باللعب على المسرح الكروي الأهم، بل لنفسه. فهو يسير الآن على خطى سلفيه، البرازيلي جواو هافيلانج، والسويسري جوزف بلاتر، بترك بصمة عبر تغيير جذري يبقى ذكرى تاريخية ويُربط باسم رئيس «الفيفا»، ولمَ لا يضمن بقاءه لولاية جديدة على رأس المؤسسة الكروية الأعظم. وهنا الحديث في ما فكّر فيه قبله رئيس الاتحاد الأوروبي السابق الفرنسي ميشال بلاتيني، أي إن إعطاء الفرص للمزيد من البلدان الصغيرة، يعطي صاحب القرار المزيد من الأصوات في أي انتخابات، فهو في الانتخابات التي أوصلته إلى سدّة الرئاسة كسب ودّ الكثيرين من خلال تلويحه برفع عدد مقاعد المونديال إلى 40، وها هو سيدخل الانتخابات المقبلة رافعاً شعار النصر بـ 48 منتخباً مونديالياً.

العائدات ستصل إلى 6.5 مليارات دولار، والأرباح الصافية للفيفا 635 مليون دولار


اذاً، على قاعدة «مات الملك، عاش الملك»، سار إنفانتينو بمقترحه الجنوني بنظر الكثيرين، أو إذا صح التعبير التجاري، فأيضاً المزيد من الفرق يعني المزيد من المباريات، ويعني المزيد من الأموال.

الإيجابيات

حسناً، لنتحدث قليلاً عن الإيجابيات. يأتي هذا القرار ليفتح الباب أمام بلدانٍ مغمورة لأخذ فرصتها وبلوغ كأس العالم ورفع مستواها الفني وعائداتها الاقتصادية من اللعبة، إذ إن المونديال يدرّ أموالاً كثيرة على المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات. ومن الإيجابيات أيضاً أنه قد يترك مفاجآت (ربما) سارّة للبعض على غرار ما حصل بعد رفع عدد منتخبات كأس أوروبا إلى 24 منتخباً، فظهرت أيسلندا وويلز كوجهين جميلين في البطولة القارية بعد تأهلهما إليها للمرة الأولى.
كذلك، إن زيادة عدد المنتخبات سيزيد عدد المباريات، وهو أمر محبّب بالنسبة إلى عشاق المستديرة، الذين يهوى المحايدون منهم المفاجآت التي ستكون حاضرة بلا شك، وخصوصاً أن المنتخبات الـ 48 ستقسّم على 16 مجموعة تضم كلّاً منها 3 منتخبات، على أن يتأهل منها اثنان إلى دور الـ 32 الذي سيلعب بنظام خروج المغلوب.

السلبيات

هذا في الإيجابيات، التي بدت محدودة، لذا إذا ما تحدثنا عن السلبيات، فستطول القائمة بنحو واضح.
الخوف الأكبر سيتمحور حول المستوى الفني الذي يمكن أن تتأثر به الكثير من المباريات بفعل دخول 16 منتخباً إضافياً، يتوقّع أن تأتي غالبيتهم من القارتين الآسيوية والأفريقية (بانتظار توزيع الفيفا للمقاعد)، وهم لن يتمكنوا حتماً من مجاراة أقرانهم الأوروبيين والأميركيين الجنوبيين الذين سيطروا على لقب البطولة منذ انطلاقها عام 1930 بمشاركة 13 منتخباً فقط.
وهذا الأمر ينسحب تحديداً على دور المجموعات، على اعتبار أن كل منتخب سيخوض مباراتين فقط، ما يعني أن الخسارة ستكون مكلفة، وهو ما سيدفع تلك المنتخبات الضعيفة إلى قتل المتعة عبر اعتماد الخطط الدفاعية التي تعطيها نقطة على الأقل.
كذلك، وبعد نهاية هذا الدور، سيكون الأمر مؤلماً لجماهير كثيرة عبرت مسافات طويلة لمتابعة منتخباتها، لكنها ستحزم حقائبها وتخسر كل ما صرفته من أموال في موسم غلاء تذاكر السفر والفنادق، وذلك مقابل حضور مباراتين فقط!
ومن الأمور السلبية أيضاً، أن هذه الخطوة ستوسّع دائرة الفساد من خلال السوق السوداء وبيع تذاكر حضور المباريات بطريقة مشبوهة، انغمس فيها أصلاً كبار في «الفيفا» سابقاً، أمثال الأمين العام السويسري جيروم فالك.
القرار اتُّخذ، وما على عالم الكرة الآن سوى تقبّله والتمني أن تبقى اللعبة الشعبية الأولى في العالم تحظى بالمتعة التي تنقص سنةً بعد أخرى بفعل التحوّلات الفنية والتجارية التي ضربتها تباعاً.




إنهم يدمّرون كأس العالم

انتقد مدربا منتخب ألمانيا الحالي يواكيم لوف، والسابق بيرتي فوغتس، قرار «الفيفا» بزيادة عدد المنتخبات في المونديال إلى 48 منتخباً.
وقال لوف: «ما زلت أرى أن الصيغة الحالية بمشاركة 32 منتخباً جيدة، ومن وجهة نظر رياضية، لا يوجد أي مكاسب من زيادة عدد المنتخبات».
أما فوغتس، فقال: «أنا خائف للغاية، لا أصدق ما حدث، إنه أمر فظيع، إذا كنت تريد أن تدمّر كأس العالم، فعليك أن تسير بهذه الطريقة».
ولم تتوقف الانتقادات الألمانية على لوف وفوغتس، إذ قال النجم السابق هورست هروبيش: «أنا مندهش من القرار، سيكون حملاً زائداً على اللاعبين، فبرنامج البطولات كان مكتظاً بالمباريات، والآن أصبح أسوأ. لم أتوقع تمرير القرار، وعلى الاتحاد الألماني رفضه».