أجمل القصص في الملاعب هي تلك التي يكون أبطالها لاعبين خلف الصورة وفي الهامش، ثم يحتلون العناوين بما يقدمونه بمجرد أن تتاح الفرصة أمامهم. الكوري الجنوبي هيونغ-مين سون يكتب حالياً إحدى هذه القصص في الدوري الإنكليزي الممتاز، وتحديداً في لندن مع فريق توتنهام، وها هو يشغل الصحف بعد تألقه في الفترة الأخيرة، مستفيداً من الفرصة التي منحه إياها المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بعد إصابة النجم الأول للفريق هاري كاين.
فضلاً عن تسجيل الأهداف، يتميز سون بسرعته ومهارته في المراوغة
هكذا، فقد سجل سون هدفين في المباراة الأخيرة أمام ميدلسبره في الجولة السادسة من "البريميير ليغ" ليقود "السبيرز" إلى الفوز خارج ملعبه واحتلال المركز الثاني خلف مانشستر سيتي المتصدر بعد هدفيه في المباراة أمام ستوك سيتي في المرحلة الرابعة. أما أول من أمس، فقد انتقل تألق سون إلى الساحة القارية، حيث سجل هدف الفوز الوحيد على سسكا موسكو الروسي في الجولة الثانية من دوري أبطال أوروبا.
اللافت أن سون سجل أهدافه الأربعة في الدوري الإنكليزي في ثلاث مباريات، وهو العدد نفسه الذي سجله في مجمل مشاركاته في الموسم الماضي بعد قدومه من باير ليفركوزن الألماني، ليصبح صاحب أفضل نسبة تهديف حالياً في البطولات الأوروبية، متفوقاً على المكسيكي ماركو فابيان، لاعب أينتراخت فرانكفورت الألماني، والبرازيلي نيمار، لاعب برشلونة الإسباني، والبلجيكي كيفن دي بروين، لاعب مانشستر سيتي، وأكثر فهو أسهم بنصف عدد أهداف فريقه البالغ 10 أهداف، بتسجيله أربعة وصناعته هدفاً لكاين.
لكن بطبيعة الحال، إن الأهداف التي يسجلها سون، على أهميتها، ليست الدليل الوحيد على الأداء المميز الذي يقدمه الكوري حالياً في ملعب "وايت هارت لاين" والذي يلقى الإعجاب، إذ إن هذا اللاعب يتميز بسرعته ومهارته في مراوغة الخصوم، مقدماً الحلول لزملائه في خط المقدمة.
ولا يتوقف تميز سون على هذه الجوانب إذ إنه جهد أيضاً لتقوية الجانب البدني لديه، وهو ما يعاني منه اللاعبون الآسيويون، إذ تشير الإحصائيات إلى أنه كسب 0,3% من الالتحامات الهوائية، متفوقاً على سبيل المثال على الألماني طوني كروس لاعب ريال مدريد الإسباني.
وليس خافياً ان كل ما يصنعه سون حالياً يقف مدربه بوكيتينو وراءه، إذ إنه منحه الفرصة بعد إصابة كاين، والأهم أنه أصر على بقائه بعد أن كان يريد العودة إلى الدوري الألماني في الصيف الماضي، وهو لم يخف إعجابه بلاعبه بعد مباراة سسكا موسكو حيث قال: "أعتقد أنه أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى النادي، وهو أن هاري ليس فقط الذي يحرز الأهداف بعد أن أحرز لاعب آخر أهدافاً للنادي"، وأضاف: "أشعر بسعادة بالغة بسبب ما قام به سوني. فهو في غاية النشاط والحماسة، ومن المهم جداً لنا أن يحافظ على هذا المستوى من الأداء".
الأهم من ذلك أن البروز الحالي لسون، اللاعب الآسيوي الأغلى في التاريخ بانتقاله من ليفركوزن مقابل 30 مليون يورو، يصبّ في مصلحة الكرة الآسيوية وتقديمها لاعبين موهوبين للكرة الأوروبية، وليس مجرد وجود هؤلاء لغايات تسويقية للأندية الكبرى في "القارة العجوز" في شرق آسيا تحديداً، ما يضع سون في خانة نجوم حاليين وسابقين من أصحاب البشرة الصفراء تركوا أثرهم في الملاعب الأوروبية مثل مواطنيه بارك جي-سونغ وبارك شو-يونغ واليابانيين هيديتوشي ناكاتا وكيسوكي هوندا وشينجي كاغاوا.
يوم الأحد يخوض هيونغ - مين سون مباراة فريقه المرتقبة أمام مانشستر سيتي في "وايت هارت لاين". هي قمة لن تكون الأنظار شاخصة فيها على سون من بلاده فحسب، إذ هناك، في لندن، بات هذا الشاب جديراً بالاهتمام.