قبيل انطلاق أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل أكدت وزيرة الأمن الأرجنتينية باتريسيا بويريتش أن بلادها سترسل عناصر شرطة إلى البرازيل بهدف تأمين الألعاب الأولمبية. كانت تلك مبادرة جيدة لا شك من الأرجنتين اتجاه جارتها، لكن هذا لم يمنع من أن يظل العداء قائماً بين جمهوري البلدين ويتجلى ذلك في الحدث العالمي.أول الأحداث كان خلال مباراة البرازيلي جواو سوزا والأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو في الدور الثاني لمسابقة فردي الرجال في كرة المضرب، حيث أطلقت الجماهير البرازيلية صفّارات الإستهجان ضد اللاعب الأرجنتيني، ثم حصل إشكال بين مشجعَين لكلا البلدين في المدرجات، ليتبادلا اللكمات قبل أن يتدخل رجال الأمن لفضّ النزاع بينهما، وذلك على عكس ما تعرف به لعبة كرة المضرب بالهدوء في مدرجاتها.
حصل إشكال بين مشجعين من البلدين في مباراة لكرة المضرب

وأخذت الأمور منحى تصاعدياً، إذ في كل مسابقة في الأولمبياد يكون طرفها لاعب أرجنتيني راحت الجماهير البرازيلية تشجع خصمه بصوت عال، ما اضطر الجماهير الأرجنتينية إلى الرد بالأناشيد ضد البرازيليين.
هذا الأمر بحد ذاته استدعى اهتمام الحكومة البرازيلية حتى لا تتطور الأمور بما يؤثر سلباً في الأولمبياد، فدعت لاجتماع عقد بين مسؤولين فيها ومسؤولين في الحكومة الأرجنتينية لإرساء ما سمتها "قواعد تعايش" بين جمهوري البلدين خلال الألعاب.
من جهته، لم يتوان الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري إلى الطلب من الأرجنتينيين والبرازيليين ألا ينقلوا عداوتهم في كرة القدم إلى الأولمبياد، مشيراً الى أن "الخصومة الرياضية بين الأرجنتينيين والبرازيليين تحولت إلى مواجهات كلامية وقد تنتهي على نحو سيّئ".
ثم جاءت المواجهة القوية في مسابقة كرة السلة للرجال بين المنتخبين البرازيلي والأرجنتيني وقد كانت ذات أهمية لتحديد مصير الأول فدقت قلوب المنظمين مخافة حصول أي مشكل يعكّر صفو الأولمبياد، ويؤزم القلوب المشحونة فتجنّد الجميع قبل المباراة لتهدئة الجمهورين، فقال فيليبي ألميديو لاعب البرازيل: "الهدف الأساسي في الأولمبياد هو توحيد الناس، حتى لو كان هناك منافسة في الرياضة، ينبغي ألا يكون هناك شغب، لا بد أن يسود الإحترام".
أما ماريو أندرادا، المتحدث باسم اللجنة المنظمة للأولمبياد، فقال: "هذه المباراة مهمة جداً للفريقين. نشعر بالثقة ب أن الجماهير ستتصرف بالشكل الذي يليق بالملاعب الرياضية. سيغادرون الملعب كأشقاء وهم أشقاء بالفعل".
وبالفعل فقد مر هذا القطوع على خير برغم فوز الأرجنتين في اللقاء، وهذا ما كان ليحدث لولا الجهد الذي بذله المنتخبان والقائمون على البطولة لتفادي حصول أي مشكلة.
هكذا، فقد انتقلت العداوة بين البرازيليين والأرجنتينيين إلى الأولمبياد، وهذا أمر غير مستغرب، إذ هذا هو الحال في كل مكان يكون فيها الطرفان. ولا شك هنا في أن الدوافع البرازيلية تقف وراءها واقعة المونديال الأخير، عندما سخر الأرجنتينيون منهم على أرضهم بعد خسارة "السيليساو" التاريخية أمام ألمانيا 1-7، وتالياً شعورهم بأن الأرجنتينيين ضيوف ثقال عليهم، ومن الممكن أن يمثلوا إزعاجاً لهم. أما في الجهة المقابلة، فإن الأرجنتينيين لا يروقهم طبعاً أن تستضيف "العدوة" البرازيل حدثاً بحجم الأولمبياد، وخصوصاً أنه جاء بعد تنظيمها المونديال، فيما الأرجنتين لم تستضف الأولمبياد على الإطلاق، أما المونديال الوحيد الذي نظمته فيعود إلى عام 1978.
حتى إن الأرجنتينيين أظهروا عدم مبالاتهم بالأولمبياد، وهذا ما تنقلنا إياه صحيفة "ليكسبرس" الفرنسية، التي تشير إلى أن صحيفة "كلارين" الشهيرة في بلاد "التانغو" أوردت مقالاً عن الأولمبياد الذي يبعد مسافة قريبة عن الأرجنتين، ويستضيف العالم بأسره في الصفحة الـ 18 منها في يوم افتتاح الحدث العالمي، بينما كانت جميع المواضيع الأخرى متعلقة بكرة القدم.
وتنقل الصحيفة عن ميغيل فيلاسكيز، وهو عامل في شركة أمن، قوله ساخراً: "أين تقام الألعاب الأولمبية؟"، مضيفاً: "أنا مشجع لبوكا جونيورز، وبخلاف كرة القدم لا أعلم شيئاً كثيراً".