في تموز من عام 1980 وقف في موسكو المصارع اللبناني حسن بشارة يستمع الى نشيد بلاده وهو على منصة التتويج بعد احرازه برونزية وزن فوق الثقيل في المصارعة الرومانية. تلك كانت الميدالية الرابعة التي يحرزها لبنان، حيث سبقتها فضية للرباع محمد خير طرابلسي في أولمبياد ميونيخ 1972، وقبلها فضية لزكريا شهاب، وبرونزية لخليل طه في هلسنكي عام 1952. ومنذ عام 1980 ينتظر اللبنانيون أن يُعزف النشيد مرة أخرى، وهذه المرة في البرازيل البلد، الذي يضم لبنانيين أكثر من عدد سكان لبنان.9 رياضيين ورياضيات يرحلون الى أولمبياد 2016، الا أن قلة فقط تملك حظوظ احراز ميدالية أولمبية وهي محصورة بشكل رئيسي بالرامية راي باسيل في فئة "التراب"، ولاعب الجودو ناصيف الياس في وزن دون 81 كلغ.
الرياضيون والرياضيات التسعة تأهلوا الى الأولمبياد إما مباشرة مثل الياس، ومنى شعيتو في المبارزة، وشيرين نجيم في ألعاب القوى، وماريان ساهاكيان في كرة الطاولة، أو عبر بطاقة دعوة "وايلد كارد" مثل راي باسيل وريشار مرجان في الكانوي كاياك. كما تأهل أحمد حازر في ألعاب القوى والسباح أنطوني بربر وزميلته غابرييلا الدويهي ببطاقات "يونيفيرسياليتي"، علماً أن الدويهي هي أصغر لاعبة في البعثة اللبنانية (17 عاماً) وتملك مستقبلاً واعداً جداً.
لكن كيف جرى اختيار الرياضيين المشاركين وما هي الكلفة ومن أين جرى تمويلهم؟
كلفة اعداد البعثة اللبنانية بلغت 350 الف دولار

يقول عضو اللجنة الاولمبية مازن رمضان الذي كان من المفترض ان يكون رئيساً للبعثة لكنه لم يستطع السفر معها الى البرازيل لأسباب صحية، أن اللجنة التنفيذية قررت منذ البداية فتح الباب أمام جميع الاتحادات لتسمية من لديه امكانيات للتأهّل الى الأولمبياد، فقد جرى تسمية 19 رياضياً جرى تمويل استعداداتهم للتأهل. وبلغت كلفة التمويل 350 ألف دولار وقد تأمّنت من صندوق التضامن الأولمبي بقيمة 170 ألف دولار والباقي من صندوق التضامن الوطني الذي جرى تفعيله بجهد من رمضان. وكان لوزارة الشباب والرياضة دور في تمويل هذا الصندوق مع تقديم 500 مليون ليرة على مدى سنتين، اضافة الى دفعة ثالثة بقيمة 250 مليون موجودة في وزارة المالية. وتأتي هذه المساعدات ضمن التقديمات السنوية التي تقدمها الوزارة للجنة والبالغة 250 مليون ليرة. كما قدمت الوزارة مساعدات لثلاثة رياضيين ورياضيات هم راي باسيل ومنى شعيتو وناصيف الياس بقيمة 15 مليون ليرة لكل منهم.
لكن مساعدات الصندوقين الأولمبي والوطني لم تذهب كلها الى الرياضيين الذين تأهلوا، ذلك أن بعض الأموال ذهبت الى رياضيين لم ينجحوا في التأهل كلاعبي التايكواندو ميشال سماحة والياس حيداري، ولاعبة المبارزة دومينيك طنوس ولاعب الجودو دميان زيادة، والدرّاج الياس بو رشيد والسباح وائل قبرصلي. وهذا ما انعكس على عدد الرياضيين المشاركين في الأولمبياد، الذي تراجع من 10 في أولمبياد لندن 2010 بعدما كان خمسة في بكين 2008 الى تسعة، اضافة الى عدم وصول مساعدات لرياضيين تأهلوا ولم يحصلوا على الأموال، رغم أن هناك وعدا من اللجنة الأولمبية بتقديم دعم مادي للذين تأهلوا ولم يحصلوا على مساعدات بمعدل 10 آلاف دولار لكل منهم.
ومن هؤلاء السبّاحة غابرييلا الدويهي التي بلغت كلفة اعدادها ما يقارب المئة ألف دولار بدعم من والدها غابي الدويهي.
أما في الكانوي كاياك، فقد بلغت كلفة استعداد اللاعب ريشار مرجان 60 ألف دولار جرى تأمينها من اللجنة الأولمبية واتحاد اللعبة اللبناني الذي يرأسه رمضان.
وفي ألعاب القوى كانت شيرين نجيم أول من تأهل من لبنان الى الأولمبياد وهي حصلت على دعم مادي من اللجنة الأولمبية بقيمة 15 الف دولار، ومن وزارة الشباب والرياضة 10 آلاف، ومن اتحاد اللعبة 9 آلاف (5 آلاف من صندوق الاتحاد، و4 آلاف من الرئيس رولان سعادة)، ومن جمعية بيروت ماراثون بقيمة 10 آلاف دولار. وهذه الأموال قد تغطي كلفة استعداد نجيم وقد تكون اضطرت الى دفع مبلغ اضافي من جيبها الخاص، وخصوصاً أنه اضطرت الى التوقف عن العمل قبل ثلاثة أشهر كي تكثف من استعداداتها، كما أفاد سعادة في اتصال مع "الأخبار".
من جهتها، تجاوزت كلفة استعداد لاعبة المبارزة منى شعيتو الـ 50 ألف دولار في أقل من سنة نتيجة للمشاركات العديدة في مسابقات دولية ودورات وتدريبات، وهي ستحصل على ما يقارب الـ20 ألف دولار من اللجنة الأولمبية (وصلها حوالى 14 ألف دولار) اضافة الى أكثر من 20 الف دولار من اتحاد اللعبة اللبناني. وأشار رئيسه زياد شويري الى أن شعيتو لم ولن تحصل على مساعدة من وزارة الشباب والرياضة نظراً للاجراءات الصعبة التي تحتاجها.
خلاصة القول هي انه رغم الآمال الموضوعة على عاتق البعثة وتحديداً باسيل والياس تبقى المهمة صعبة، في ظل وجود نخبة ابطال العالم في كل لعبة، وبالتالي فإن الحصول على ميدالية يتطلب التألّق والحظ لكي يعود علم لبنان الى منصات التتويج بعد انتظار دام منذ 36 عاماً.




ناصيف الياس برازيلي المولد لبناني الهوى

لا يقيم لاعب الجودو ناصيف الياس (28 عاماً) في لبنان، فهو من سكان مدينة فيتوريا البرازيلية، لكنه برغم ذلك فضّل تمثيل لبنان بعدما بدأ مشواره الدولي كبرازيلي. ومنذ ذلك الوقت حصد ميداليات عدة في كأس العالم، والميدالية الفضية في الالعاب الآسيوية الـ17 في مدينة إنشيون الكورية الجنوبية، ومن ابرز انجازات ناصيف فوزه بفضية بطولة آسيا للجودو في اوزبكستان في نيسان الماضي. كما فاز بالمركز الأول في جولة كأس العالم في بطولة اميركا المفتوحة في الأرجنتين لوزن دون 81 كلغ على حساب التركي يوسيل اميرهان، بعدما فاز في مبارياته الاربع التي خاضها، ثم فاز بالمركز الأول لوزن دون 81 كلغ في جولة بطولة العالم في البيرو ونال الميدالية الذهبية. اضف الى المركز الأول في جولة كأس العالم في الأوروغواي، حيث فاز في المباراة النهائية على الروسي القوي كيريل فوبروسوف، بعدما خاض خمس مباريات فاز فيها جميعاً بالنقطة الكاملة «ايبون».
هذه النتائج التي حققها الياس خلال فترتة قصيرة، جعلت المتابعين يرشحونه لاحراز ميدالية أولمبية.




راي باسيل الأولى على العالم

لم يأتِ ترشيح الرامية راي باسيل لاحراز ميدالية أولمبية من فراغ. فالبطلة اللبنانية تتصدر الترتيب الدولي للعبة بعدما رفعت رصيدها الى 1585 نقطة امام الاسبانية فاطمة غالفيز 1382 والألمانية سونيا شيبل 1126. ويأتي تعزيز الصدارة بعد إحرازها ميدالية فضية في جولة العاصمة الاذرية باكو، وهي إحدى جولات كأس العالم للرماية.
وفي سجّل الرامية اللبنانية العديد من الإنجازات، ومنها الميدالية الذهبية في المرحلة الأولى لبطولة العالم 2016 وفضية في المرحلة الثانية في البرازيل قبل فضية المرحلة الثالثة في باكو، اضافةً الى فضية آسيا 2015 في الكويت. كما أحرزت لقب بطولة العرب عام 2015 في المغرب.
ولا شك في أن مشاركات من هذا النوع تتطلب استعدادات وتحضيرات من نوع خاص غالباً ما يكون مكلفاً فهي شاركت في 15 مباراة دولية على مدى 3 سنوات بكلفة بلغت 35 ألف دولار جرت تغطيتها من الاتحاد اللبناني.