هذه عادة الأرجنتيني ليونيل ميسي، الساحر الذي لا يتعب من تقديم إبداعاته في أهم مباريات فريقه، ليذهل الجمهور من جديد. وفي كل مرة، يبدو الأمر كأنه أول مرة.بعد خيبة مونديال 2014، خرج ميسي خالي الوفاض، إلا من ميدالية فضية وجائزة أفضل لاعب في البطولة. طبعاً، تقديم الجائزة له كان محطّ جدل كبير بين الإعلاميين واللاعبين. في المونديال لعب ميسي جميع المباريات، وأسهم في معظم أهداف منتخبه.

أما لمَ استحقها؟، فقد يكون، رغم أنه لم يظهر بمستواه المنتظر وقتها، أنه كان اللاعب الأكثر تأثيراً في منتخب بلاده. بات هذا معروفاً عن ميسي، قد يغيب معظم لحظات المباراة، لكنه في لحظة قد يسجل هدفاً قاتلاً أو يصنع تمريرة حاسمة، حتى لو كان مستواه غير مقنع.
الأخذ والرد في الكلام عن الجائزة جعل ميسي ينتظر انطلاق الموسم مع برشلونة. والآن بعد تتويجه بالدوري منذ أسابيع، والأول من أمس، بكأس إسبانيا، ينتظر «البرغوث» يوم 7 حزيران، أي موعد المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ضد يوفنتوس، ليكمل مهمته ويتوّج بالثلاثية.
توّج بالدوري، وحل ثانياً في قائمة الهدافين بـ 43 هدفاً خلف نجم ريـال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو. وليلة السبت، وفي نهائي «كأس الملك» أمام أتلتيك بلباو، سجل ميسي هدفاً لن ينسى، سيبقى محفوراً في ذاكرة البطولة والجماهير. تسلّم «ليو» الكرة من البرازيلي داني ألفيش بعد منتصف الملعب بأمتار قليلة، وانطلق بها وحيداً، وبمجهودٍ فردي مذهل واستعراض للمهارات، راوغ أربعة من لاعبي الفريق الباسكي، وسدد الكرة بيسراه في الزاوية الضيقة للمرمى. بعدها أضاف في الشوط الثاني هدف تأمين النتيجة بعد عرضية من ألفيش أيضاً، ليتوّج فريقه باللقب للمرة الـ 27 في تاريخه، معززاً رقمه القياسي.
هذه انتفاضة ميسي بعد المونديال، للذين لا يزالون يشككون في قدراته. قدّم إبداعه ضد بايرن ميونيخ الألماني في نصف نهائي دوري الأبطال، ثم ضد بلباو.
بعد انتهاء مباراة برشلونة ضد بايرن وتسجيله هدفين، قال المدرب السابق لميلان والمنتخب الإيطالي أريغو ساكي، إن ميسي هو «عبقري كرة القدم» الحقيقي. وكما تجري العادة، يجري الحديث عن مقارنته بالأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا.
في الحديث عن مارادونا، لا يرضى الأخير مقارنته به مئة بالمئة، ويقول: «أهدافي أجمل من أهدافه، كما لا يملك «ليو» أسلوباً واضحاً في اللعب حتى الآن. لا يزال يبحث عن أسلوب، أما أنا فكان لدي دوماً أسلوب خاص ومميز». كان كلام مارادونا في منتصف الشهر الماضي، ليجد ميسي نفسه مضطراً إلى أن يجيب في أرض الملعب على الجميع: مارادونا ومنتقديه والمشككين به منذ المونديال
الأخير.
رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو، أكد أن الهدف الأول لميسي في شباك بلباو هو «أحد أفضل الأهداف في تاريخ كرة القدم». ولا شك في أن ما يقوم به ميسي هو استثنائي لا يفعله غيره، ولا شك أيضاً، في أنه يستفيد من وجود الأوروغواياني لويس سواريز والبرازيلي نيمار إلى جانبه، وهم سجلوا معاً 81 هدفاً فى «الليغا».
قدّم ميسي كل ما عليه لكي يثبت أنه الأفضل في العالم، لكن يبقى نجاحه بحمل كأس العالم بعد 4 سنوات لكي يوضع بمصاف البرازيلي بيليه أو مارادونا. أما في الأيام القليلة المقبلة، فإن الجماهير الكروية في العالم ستترقب نهائي الأبطال، ليعود ميسي، ويقدّم من جديد أجمل ما يمكن أن تخطّه قدماه، وما على مدرب يوفنتوس ماسيمليانو أليغري إلا أن يعي كيف يمكن إيقاف انتفاضة «عبقري كرة القدم».




23 لقباً مع «البرسا»

بتتويجه بكأس إسبانيا، يكون نجم برشلونة ليونيل ميسي، قد وصل إلى اللقب الرقم 23 له مع الفريق الكاتالوني، وذلك منذ أن سجل بداياته مع الفريق الأول عام 2005. وحقق ميسي مع «البرسا» 7 ألقاب في بطولة الدوري الإسباني، و3 مرات في كأس إسبانيا، و3 مرات دوري أبطال أوروبا، و6 مرات الكأس السوبر الإسبانية، ومرتين في الكأس السوبر الأوروبية، ومثلها في كأس العالم للأندية.