"استعدوا للجحيم"، بهذه الكلمات بدأ مدرب تشلسي الإنكليزي الجديد، الإيطالي أنطونيو كونتي، أولى كلماته في أولى حصصه التدريبية. لا شك في أن الموسم المقبل سيكون جحيماً، لا على "البلوز" ولاعبيه فحسب، بل على باقي كبار إنكلترا. الموسم المقبل سيكون الألماني يورغن كلوب على رأس ليفربول، والبرتغالي جوزيه مورينيو على رأس مانشستر يونايتد، والإسباني جوسيب غوارديولا على رأس مانشستر سيتي، أما المدرب الواعد الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو فسيبقى مستمراً على رأس توتنهام هوتسبر.هذا التحدي يبرر الجدية والصرامة التي اتصف بها كونتي في أولى حصصه التدريبية مع الفريق الذي قَدِم إليه من دون أن ينعم بفترة راحة طويلة على أثر خروج منتخب إيطاليا من كأس أوروبا الأخيرة أمام ألمانيا في الدور ربع النهائي. كان لافتاً صراخه، حيث ذكرت صحيفة "ذا دايلي مايل" البريطانية، أن صوته كان مسموعاً خلال التدريبات التي أجريت في مركز "كوبهام" التابع للنادي في لندن، وذلك قبل 33 يوماً على أول مباراة للفريق فى الدوري أمام وست هام في 15 آب المقبل.
الاستراتيجية الكلاسيكية لكونتي لا تناسب تشكيلة تشلسي

حرص منذ البداية على فرض أسلوبه على الفريق من خلال تعريفهم على العبقرية الاستراتيجية والشخصية العنفوانية التي أثبت أنه يتمتع بها طوال المواسم السابقة. لا تهاون على الإطلاق، وهذا ما كان يفعله مع يوفنتوس.
البداية لم تكن من هناك، إذ عمل قبل الوصول الى "السيدة العجوز" في أريزو وباري وأتالانتا وسيينا. إلا أن ما لفت إليه الأنظار هو الإنجاز الذي حققه مع "اليوفي" بعدما كان يعاني بشدة في الدوري على أثر الفضائح التي طاولته. قَدِم إليه، ورفع لقب الدوري موسم 2011-2012 من دون أي خسارة وعاد بالفريق الى منصة البطولات بعد 6 سنوات. لم يكتفِ بهذا الإنجاز، إذ أكمل مهمته بالتتويج بالدوري ثلاث مرات متتالية من 2011 حتى 2014، كما اختير أفضل مدرب بعد كل لقب توّج به.
اليوم لا يبدو حال تشلسي، كحال "اليوفي" عند قدوم كونتي إليه، غير أنه لا شك يعاني وبشكل رهيب من تبعات مورينيو الأخيرة، والتي حاول الهولندي غوس هيدينك التخفيف منها. بداية الفريق بالدوري كانت سيئة، إذ خسر في تسع مباريات من أول 16 مباراة، كما أدت المشاكل خارج الملعب إلى رحيل مورينيو، وصولاً الى التأرجح فوق المراكز المهدّدة بالهبوط.
طبعاً، لا يوجد الكثير من الوقت للتحضير، إذ إن الدوري سيكون محتدماً منذ بدايته، ولا شك في أنه سيكون صعباً، والوقت قصير لفترة إعداد محترمة. كما أن المهمة تبدو غير مضمونة النتائج، بغض النظر عن قوة هذا المدرب. وما يثير الشكوك فيه هو عدم خوضه أي تجربة خارج بلاد "الكالتشو"، فالدوري الإنكليزي هو أقوى البطولات الأوروبية، بسبب شراسة القتال على اللقب، وعلى أرض الملعب.
من جهة أخرى، صحيح أن تشكيلة تشلسي الحالية فيها من الموهوبين ما يكفي مثل البلجيكي إيدين هازار والبرازيليين ويليان وأوسكار، لكن طريقة كونتي الأمثل باللعب لا تتناسب كثيراً مع هؤلاء، إذ يلعب عادةً بخطة 3-5-2، التي لم يعتمد عليها لاعبو تشلسي كخطة ثابتة في المواسم الأخيرة. على هذا الأساس، قدمت شبكة "سكاي سبورت" قائمة باللاعبين الذين من المتوقع أن يتعاقد معهم كونتي قريباً لتدعيم صفوفه، وهم لاعب لاتسيو الإيطالي أنطونيو كاندريفا ولاعب باريس سان جيرمان الفرنسي الأوروغوياني إيدينسون كافاني والبلجيكي روميلو لوكاكو والأرجنتيني غونزالو هيغواين.
ستظل خطة 3-5-2 الاستراتيجية الأمثل له، لكن لا يخفى أنه عدَّلها غير مرة الى 4-3-3، ما قد يجعله مرناً تكتيكياً مع "البلوز" في المستقبل. كذلك، وفي مبارياته الأخيرة مع إيطاليا خلال تصفيات "اليورو" والبطولة، لعب في بعض المباريات بخطة 4-4-2، وقد يكون هذا التكتيك مجدياً هجومياً لكلاسيكية أداء لاعبي تشلسي.
كونتي بعقله وخططه، ومع اكتمال التشكيلة التي سيؤسسها من جديد، سيتبين من أولى المباريات مسار المهمة الصعبة. كونتي يخيف مدربين آخرين وفرقاً أخرى، والمهمة يتجه نحوها بحسم: تحصيل المزيد من النجاح والسير على طريق الانتصارات التي حققها في إيطاليا.