لعنة هولاند

البرتغال تُبكي فرنسا وتكتب التاريخ في باريس

  • 0
  • ض
  • ض

حققت البرتغال ما لم يتوقعه كثيرون وهزمت فرنسا على أرضها وبين جماهيرها 1-0 لتحرز لقب كأس أوروبا 2016. لاعبو البرتغال تغلبوا على أنفسهم أولاً قبل خصومهم، بتحقيقهم النصر، رغم خروج رونالدو مصاباً في الدقيقة الـ25، ليمنحوا بلادهم المجد للمرة الأولى، فيما بكى الفرنسيون لوعة الهزيمة في قلب عاصمتهم باريس

... وفي نهاية المطاف شعّ برج إيفل بألوان العلم البرتغالي. فاز العلم البرتغالي على البقية في التحدي الذي استمر شهراً من الزمن، وعاد أبناؤه إلى بلادهم بالكأس الغالية. عادوا من عاصمة العطور باريس معبّئين برائحة الكأس الزكية لتفوح في أرجاء عاصمتهم لشبونة لمدة أربع سنوات، وتنعش معها قلوب البرتغاليين، هؤلاء الذين اشتاقوا إلى تذوّق طعم انتصار ما تذوّقوه على مدار تاريخهم مع الساحرة المستديرة.
يا له من انتصار حققه البرتغاليون أمس في أرض الفرنسيين وتحت أنظار جمهورهم ورئيسهم فرانسوا هولاند، ليجلبوا المجد لبلادهم ويدخلوا سجلات كأس أوروبا من أوسع أبوابها ويحققوا ما فشل فيه جيلا "الأسطورة" أوزيبيو والنجم السابق لويس فيغو.


خيبة ديشان (أ ف ب)

وما زاد من جدارة النصر البرتغالي وقيمته أنه تحقق من دون كريستيانو رونالدو، إذ إن «الدون» خرج مطلع المباراة متأثراً بإصابته التي تعرض لها في الدقيقة الثامنة من تدخل عنيف من ديميتري باييه، ليسقط على الأرض باكياً، ورغم محاولته التحامل على نفسه فإنه عاد وخرج في الدقيقة الـ25.


أحرزت البرتغال
اللقب رغم خروج رونالدو مصاباً في الدقيقة الـ25

في الحقيقة قست باريس على رونالدو أمس الذي كان ينتظر هذه المباراة التاريخية ليكون بطل النصر، لكن بالطبع فإن هذا الاعتبار يسقط عند تتويج البلاد وتصبح مشاعر «الدون» وهو يرفع الكأس عالياً لا تقدر بثمن، علماً بأنه لا يجدر تناسي دوره لمنتخب بلاده في هذه البطولة من خلال الدعم لزملائه في دوره كقائد ووقع وجوده في الملعب على المنافسين، وكذلك أهدافه في المباراتين المهمتين أمام المجر في دور المجموعات وويلز في نصف النهائي.
على المقلب الآخر، خفتت الأنوار في عاصمة الأنوار باريس وبدت حزينة وكئيبة في نهاية المباراة أمس. عاشت فرنسا اللوعة المريرة بعد فشلها في تحقيق اللقب على أرضها، على عكس ما فعلته في "يورو 1984" ومونديال 1998، وهي لا شك نكسة ستظل ندوبها ظاهرة لفترة طويلة، بعد أن كانت البلاد تمنّي النفس بتحقيق النصر، خصوصاً أن الفرنسيين يعلمون جيداً أن الفرصة التي كانت سانحة أمامهم لن تتكرر بسهولة.
أمس، ضاقت الدنيا بما رحبت على أنطوان غريزمان. وقف هذا النجم قبل غيره من زملائه متألماً يشاهد احتفالات البرتغاليين بالكأس التي كان يحلم بمنحها لبلاده للمرة الثالثة في تاريخها لمعادلة الرقم القياسي لألمانيا وإسبانيا.

بوغبا وإيفرا متأثرين (أ ف ب)

آمال غريزمان بإبقاء الكأس الفضية في باريس ذهبت أدراج الرياح، لتكون خيبته كبيرة بعد إهدار الفرصة التي كانت سانحة أمامه، ليعيد تكرار إنجاز مواطنيه الأسطورتين ميشال بلاتيني وزين الدين زيدان. أمس غاب غريزمان في الوقت الذي احتاج فيه الفرنسيون إليه، بعد أن قدّم بطولة رائعة، ليكتب هذا النهائي فصلاً مريراً في مسيرته لن ينساه لفترة لن تكون قصيرة.


سجل البديل إيدر هدف الفوز الوحيد في الدقيقة الـ109


وفي مثل هذه المناسبات تصبح اللقطات المعبّرة أهم من الأمور الفنية التي لا تعيرها سجلات البطولة أهمية كبيرة. تصبح لقطة رونالدو وهو يبكي حزناً عند خروجه مصاباً ومن ثم فرحاً عند صفارة النهاية هي الأكثر تعبيراً. تصبح لقطة رونالدو وهو إلى جانب مدربه فرناندو سانتوس يعطي التعليمات لزملائه هي الأجمل. تصبح لقطة لاعبي البرتغال وهم يرفعون هذا الأخير هي الأروع.
لكن هذا لا يمنع من أن البرتغال حققت ما هو أشبه بـ"المعجزة"، إذ ليس بقليل أن تحرز الكأس من دون نجمها الأول رونالدو، حيث إن خروجه كان بمثابة "الصدمة الإيجابية" لزملائه الذين أرادوا أن يثبتوا كفاءتهم من دونه أولاً ومن ثم أن يهدوه اللقب، والأهم من ذلك أن الترجيحات لم تكن في مصلحتهم، خصوصاً أنهم كانوا يخوضون المباراة على أرض الفرنسيين وبين جماهيرهم المحتشدة، وحتى إنهم لم يكونوا من بين المرشحين للقب قبل البطولة، إذا بهم يزحفون رويداً رويداً على غفلة من الجميع حتى المباراة النهائية ومن ثم يقفون على منصة التتويج في ملعب "سان دوني".


لاعبو البرتغال يحتفلون مع مدربهم (أ ف ب)

وهنا لا يمكن إغفال دور المدرب سانتوس في هذا النصر التاريخي للبرتغال، إذ إنه يعدّ من أفضل المدربين في "اليورو"، وكانت له بصمته من خلال اكتشافه ريناتو سانشيز خلال البطولة، الذي لعب دوراً مؤثراً في الوصول إلى النهائي، والأهم بصمته في المباراة النهائية بالاستراتيجية التي اتبعها بعد خروج رونالدو ومن ثم باستبداله سانشيز بإيدر في الدقيقة الـ79، حيث كان الأخير "عريس" النهائي بتسجيله هدف الفوز الوحيد الذي صعق الفرنسيين في عقر دارهم، وسدد لهم الضربة القاضية في الدقيقة الـ109 عندما تسلّم الكرة وتقدم بها ومن ثم سددها من خارج المنطقة قوية لتستقر على يمين هوغو لوريس.
هكذا إذاً أسدل الستار على "يورو 2016". طوت البطولة صفحة نسختها الفرنسية التي تابع فيها العالم فنون الكرة وجنونها وأجمل اللحظات التي ستبقى عالقة في الأذهان، كما يحصل في مثل هذه البطولات. نجحت فرنسا في الاختبار الأصعب الذي كانت تعترضه التهديدات الإرهابية، لينتصر بالتالي الفرح على الظلام ويعيش العالم شهراً رائعاً كان مناسبة لتناسٍ مؤقت للمآسي والأزمات، وما أكثرها على وجه هذه المعمورة.


25.5 مليون يورو للبرتغال بعد التتويج

حصل المنتخب البرتغالي على أكبر رصيد من الجوائز المالية بين جميع المنتخبات التي شاركت في "يورو 2016"، حاصداً 25.5 مليون يورو بعد تتويجه باللقب.
وشهدت البطولة توزيع 301 مليون يورو على مختلف المنتخبات الـ24 التي شاركت فيها، مقابل 196 مليون يورو هي إجمالي الجوائز التي شهدتها "يورو 2012"، التي اقتصر فيها عدد المشاركين على 16 منتخباً و184 مليون يورو في نسخة 2008.
وطبقاً لقيمة الجوائز الجديدة التي تمنح للمنتخبات، كان من الممكن أن يحصد المنتخب المتوّج باللقب 27 مليون يورو مقابل 23.5 مليون يورو في نسخة 2012. لكن تعادل المنتخب البرتغالي في مبارياته الثلاث بالدور الأول حرمه من 1.5 مليون يورو، ليقتصر رصيده الإجمالي من الجوائز المالية في البطولة الحالية على 25.5 مليون يورو مقابل 23.5 مليون يورو للمنتخب الفرنسي الفائز بالمركز الثاني.


غريزمان الهداف

حسم الفرنسي أنطوان غريزمان صدارة قائمة هدافي «يورو 2016» في فرنسا، بعد أن احتل المركز الأول بـ6 أهداف.
وأنهى غريزمان مشاركته القارية الاولى مع منتخب بلاده بهذا الرصيد ليصبح ثاني أفضل هداف في نسخة واحدة، بعد مواطنه ميشال بلاتيني الذي سجل 9 أهداف عام 1984 عندما توّجت فرنسا باللقب على أرضها. ولعب مهاجم اتلتيكو مدريد الاسباني، وصيف بطل دوري أبطال أوروبا للموسم الماضي، دوراً أساسياً في وصول بلاده الى النهائي الثالث في تاريخها، بعدما سجل ثنائية الفوز على ألمانيا بطلة العالم في الدور نصف النهائي، وثنائية الفوز على جمهورية إيرلندا (2-1) في دور الـ16، إضافة الى تسجيله الهدف الأول في الجولة الثانية من دور المجموعات ضد ألبانيا (2-0) وهدفاً آخر في مرمى أيسلندا (5-2) في ربع النهائي. وتفوّق غريزمان على كل من الويلزي غاريث بايل الذي احتل المركز الثاني بـ3 أهداف، متساوياً مع الفرنسيَّين ديميتري باييه وأوليفييه جيرو والإسباني ألفارو موراتا والبرتغالي كريستيانو رونالدو بالرصيد نفسه.


سانشيز أفضل شاب وبيبي رجل الـ«فاينل»

تُوّج البرتغالي ريناتو سانشيز بلقب أفضل لاعب شاب في "يورو 2016" بعد الأداء الرائع الذي قدمه مع منتخب بلاده في البطولة.
وقدم سانشيز مستوى ممتازاً مع البرتغال في البطولة، وحطم أرقاماً قياسية كانت مسجلة باسم زميله كريستيانو رونالدو، بعد أن أصبح أصغر لاعب يشارك في نهائي اليورو.
كذلك أصبح سانشيز، المنتقل حديثاً من صفوف بنفيكا البرتغالي إلى بايرن ميونيخ الألماني، أصغر لاعب يتوّج بلقب البطولة في التاريخ، وأصغر لاعب يسجل في اليورو.
كذلك، حصد البرتغالي الآخر بيبي جائزة أفضل لاعب في المباراة النهائية.
وكان بيبي سداً منيعاً أمام الهجمات الفرنسية، خصوصاً في الكرات العرضية، كما كان أحد الركائز الأساسية التي ساهمت في نجاح خطة مديره الفني فرناندو سانتوس، حيث قدّم مباراة قوية للغاية، وظهر عليه الإعياء الشديد أثناء الاحتفال باللقب، ولم يتأثر بغيابه عن مباراة الدور نصف النهائي أمام ويلز.


  • رونالدو يرفع كأس البطولة مع زملائه (فرانشيسكو ليونغ ــ أ ف ب)

    رونالدو يرفع كأس البطولة مع زملائه (فرانشيسكو ليونغ ــ أ ف ب)

  • بوغبا وإيفرا متأثرين

    بوغبا وإيفرا متأثرين (أ ف ب )

  • خيبة ديشان

    خيبة ديشان (أ ف ب )

  • لاعبو البرتغال يحتفلون مع مدربهم

    لاعبو البرتغال يحتفلون مع مدربهم (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات