كان فريقا الأنصار والنجمة أول من حرّك سوق الانتقالات في كرة القدم اللبنانية، مع تعاقد الأنصار مع اللبنانيين نصار نصار وعلي الأتات، وضم النجمة للسوري عبد الرزاق الحسين. ولا شك في أن هذا السوق سينشط تدريجاً مع اقتراب موعد انطلاق بطولة الدوري اللبناني في 9 أيلول، حيث ستكون كأسا النخبة والتحدي المحطة الرئيسية لاختبار اللاعبين. خطة تدعيم الصفوف ستكون مختلفة للنجمة والصفاء، لكونهما سيشاركان في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي في نسخته المقبلة. الأمر عينه ينطبق على العهد الذي تأهل إلى ربع نهائي النسخة الحالية، ويمكنه ضم عدد من اللاعبين الجدد وتسجيلهم للمراحل المقبلة. ومن هنا يكون العهد مطالباً ببتّ موضوع التدعيم، خصوصاً بعد أن جدد عقده مع المدرب الألماني روبرت جاسبرت الذي ستكون له كلمة في ما سيختاره الفريق من لاعبين.
في ظل الوضع القائم واستماتة العهد لتشكيل فريق يكون قادراً على الذهاب بعيداً في كأس الاتحاد الآسيوي من جهة، واستعادة لقب البطولة الذي فقده لمصلحة الصفاء في الموسم الماضي المخيّب، بدا العهد أنه يفكر في تدعيم على مستوى عالٍ، ولمَ لا؟ بلاعبين لبنانيين يكونون شبه محترفين.
لا يحكم انتقالات اللاعبين في لبنان سوى رضى الأندية

فكان التفكير الأول بلاعب الصفاء محمد حيدر، حيث إن عقده مع ناديه الصفاء ينتهي في شهر أيلول، وهو يدرس عروضاً احترافية خارجية. بناءً عليه، طرح بعض العهداويين سؤالاً على أنفسهم: لماذا لا يحترف محمد حيدر في العهد، فيكون التعاقد معه كلاعب أجنبي؟
ما فكّر فيه بعض العهداويين لم يبقَ مجردّ أفكار، فكان هناك تواصل مع حيدر على هامش مناسبة اجتماعية في محاولة "جس نبضه" والاستفسار عن وضعه القانوني. وجاءت الخطوة بعد استيضاح من رئيس نادي العهد تميم سليمان، الأمين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم جهاد الشحف، حول وضع اللاعب حسن معتوق المحترف في الإمارات والمرتبط بعقد رئيسي مع العهد، وإذا ما كان يحق له قانوناً اللعب مع أي نادٍ لبناني لدى عودته بعد انتهاء عقده مع العهد، رغم أنه غادر وهو مسجّل على كشوفه. فكان الجواب أنه يحق له قانوناً اللعب مع أي فريق، وهو ما شجّع المسؤول العهداوي على اعتبار موضوع محمد حيدر مشابهاً لموضوع حسن معتوق وجرى الاتصال به. أمر أثار استياء بعض المسؤولين الصفاويين، وفتح الباب على التحليلات وتداول الأرقام التي وصلت إلى نصف مليون دولار، وأصبح حيدر على أبواب نادي العهد.
لكن في لبنان "بلد العجايب" تسقط القوانين عندما تصل الأمور إلى الحسابات والعلاقات والتسويات بين الكبار، فتصبح العقود حبراً على ورق وتتحول إلى "سوالف عرب" إن كانت ستؤثّر بهذه العلاقات. صحيح أن محمد حيدر سينتهي عقده مع الصفاء في أيلول. لكن هناك كلام صفاوي عن وجود عقد ثانٍ لخمس سنوات جرى توقيعه في الوقت عينه الذي وقّع فيه حيدر على العقد الأول، وهو يسري بعد انتهاء هذا العقد. ورغم أن معلومات أخرى تشير إلى أن ما هو موقّع من حيدر ليس عقداً بل ورقة جانبية (أمر ينفيه الصفاويون، مؤكدين أنه عقد رسمي مشابه للأول)، فقد يكون ساذجاً من يظن أن ما يحدد انتقال حيدر إلى العهد هو القانون والعقود الموقعة.
فما يحكم انتقال اللاعبين في لبنان هو رضى الأندية، وليس أي شيء آخر. قد يكون حيدر لاعباً حراً في أيلول، لكن هل نادي العهد مستعد لضمه إن لم يكن نادي الصفاء راضياً عن انتقاله؟ وهل يقبل عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد موسى مكي، والرجل القوي في العهد أن يحصل التعاقد مع حيدر وزميله وصديقه في الاتحاد الأمين العام جهاد الشحف غير موافق؟ لا شك في أن "زعل" الصديق أبو فراس غالٍ جداً على مكي، ولا يمكن أن يوافق على أي خطوة لا تكون برضى الصفاء، حتى لو كان حيدر سيجلب كأس الاتحاد الآسيوي للعهد. كذلك يملك مكي من الخبرة الكبيرة والتجربة الطويلة ما يسمح له بمعرفة أن طريق حيدر تمر من وطى المصيطبة وليس من مسقط راس اللاعب حيث يقيم وجرت زيارته.
كذلك إن موضوعاً مثل هذا ستكون له انعكاسات كبيرة على واقع التواقيع وعلاقة اللاعبين مع أنديتهم. فبالنسبة إلى هذه الأندية، هذا خط أحمر، بدليل أن أي لاعب غادر للاحتراف سواء برضى ناديه أو بعدم رضاه عاد ولعب مع نادٍ آخر. والأمثلة كثيرة، وأولها لاعب النجمة محمد غدار الذي رغم مرور السنوات لم يلعب محلياً مع فريق لبناني.
خلاصة القول، حين نرى حسن معتوق في الصفاء بعد انتهاء عقده، ورغم عدم موافقة العهد، حينها سنرى محمد حيدر في العهد، بغض النظر عن موقف الصفاء ورضاه.
يمكن حيدر اللعب في أي بلد يريد، ولن تقف إدارة النادي عند الموضوع المالي، أما في لبنان، فـ"صفاوي صفاوي محمد حيدر صفاوي".