قبل ايامٍ قليلة ذُهل المتابعون لإحدى القنوات الفرنسية بانتقال المذيعة من الاستوديو الى الملعب للوقوف امام زميلتها المراسلة، وذلك من خلال عبورها احدى الشاشات العملاقة، في مشهدٍ بدا وكأنه من الافلام الخيالية وتحديداً تلك التي تحاكي الانتقال في الزمان والمكان عبر تكنولوجيا خرافية.وهذه اللقطة التي انبهر بها العالم وشرع محبو كرة القدم في نشرها بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعكس مدى التطور الذي اصاب الاعلام العالمي وخصوصاً التلفزيوني منه في الحدث الكبير الحالي اي كأس اوروبا 2016، حيث تستخدم افضل التقنيات لنقل الصورة الى المُشاهد على نحو افضل مما قد يكون الامر عليه في حال الحضور في الملعب.
كل شاردة وواردة تتابعها الكاميرات العالية الجودة في المباريات الـ 51 للبطولة الممتدة على اربعة اسابيع، التي اشارت الاحصاءات قبل انطلاقها الى انها ستحظى بملياري مشاهد من القارات المختلفة، وبمعدل 130 مليون مشاهد للمباراة الواحدة، وهو رقم رهيب يتوقع ان يبلغ اكثر من الضعف في المباراة النهائية المرتقبة في العاشر من تموز المقبل.
ستحظى "اليورو" بملياري مشاهد من القارات المختلفة

بطبيعة الحال، كان الاتحاد الاوروبي للعبة قد رفع من شروطه بخصوص جودة النقل التلفزيوني، وهو الامر الذي لقيه في شركات الانتاج التي تزود المحطات الناقلة الاساسية بالصورة والاخراج. وهذه المحطات اصلاً رسمت استوديوهات خاصة مدهشة، كذاك الذي يجلس فيه محللو قناة "beIN Sports" القطرية، والذي يبدو اشبه بمركبة فضائية لكثرة الاضواء والمؤثرات الرائعة الموجودة فيه.
من هنا، يمكن اعتبار ان "يويفا" رفع النقل التلفزيوني الى مستوى آخر يفوق ذاك الذي شاهدناه خلال كأس العالم 2014 في البرازيل، حيث تتمتع القنوات الناقلة بـ 16 ارسالا مباشرا في كل مباراة، تستمد صورتها من 36 كاميرا بتقنية 4KHD، موزّعة في ارجاء كل ملعب من ملاعب البطولة، ويديرها فريق عمل محترف هو الافضل على صعيد العالم. والاكيد ان من تابع كل المباريات حتى الآن لم يكن بامكانه ان يلمس اي خطأ تقني مؤثر، اذ حتى اختيار نوعية الاعادات يعكس مدى فهم كل مخرج باللعبة الشعبية الاولى في العالم، وهو امر يتضح ايضاً من خلال اختيار هؤلاء المخرجين للتوقيت واللحظة المناسبة للقطة المثالية التي ينوي عرضها معادةً...
انغماس الاوروبيين بالتكنولوجيا التلفزيونية ليس بالامر الجديد، فهم تنافسوا في الاعوام القريبة الماضية على نقل افضل صورة من خلال بطولاتهم الوطنية، لينسحب الامر على مباريات المسابقات الاوروبية التي وصلت كلفة نقل المباراة الواحدة فيها الى اكثر من مليوني دولار في بعض الاحيان، وذلك ضمن خطوات تطويرية لا تتوقف على هذا الصعيد.
واللافت ان "يويفا" لم يشأ وضع التكنولوجيا في خدمة اجهزة التلفاز فقط بل عمل على ايجاد شركاء لنقل افضل صورة الى اجهزة الكومبيوتر ومشتقاتها والهواتف النقالة وحتى الساعات الحديثة التي بات بالامكان مشاهدة المباريات من خلالها!
والاهم ان كل هذا التقى مع عملٍ كبير من المحطات الناقلة مساهمةً في دفع عجلة التطور، مع اتساع رقعة انتشارها ايضاً بفعل اوقات غالبية المباريات التي تلتقي مع ساعات الذروة التلفزيونية في بلدانٍ عدة حول المعمورة، فأصابت البطولة لدى انطلاقها ارقاماً قياسية في تايلاند والصين مثلاً، وفي اميركا الجنوبية ايضاً برغم انشغال شعوبها بالنسخة المئوية لـ "كوبا أميركا"، اذ كانت شبكة "ESPN" الشهيرة قد فتحت قنواتها بالمجان للمشاهدين من اجل متابعة مباريات "اليورو". والامر عينه ينطبق على افريقيا بوجود 40 محطة مجانية، بينما تبرز في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا "beIN" دون سواها، التي امتدت الى اوقيانيا، وحتى انها جعلت "TF1" و"M6" في ظلها رغم استضافة بلادهما للبطولة بحيث ستنقلان ما مجموعه معاً 33 مباراة من اصل 51 ستنقلها الشبكة القطرية الأقوى حالياً في عالم الرياضة.