خطأ في التصنيع فضح شركة "بوما" للتجهيزات الرياضية عندما تمزقت أربعة قمصان سويسرية في المباراة أمام فرنسا، وذلك بعد تضرر النسيج خلال عميلة الإنتاج، بحسب ما أفاد المصنّع الألماني أمس. ضجة كبيرة أُثيرت عقب الحادثة، التي دفعت حتى النجم السويسري شيردان شاكيري إلى التهكم على الشركة التي تزود منتخبه بالملابس، قائلاً: "آمل ألا تذهب "بوما" إلى إنتاج الواقي الذكري".طبعاً قميص كرة القدم ليس بتلك الهشاشة التي صوّرها شاكيري، فهو مصنوع من مواد عدة يفترض أن تعطي أكبر قدرٍ من الراحة للاعبين، فشركات إنتاج التجهيزات الرياضية تنافست في الأعوام القريبة الماضية من أجل تقديم أفضل قميص جودةً وراحةً، مواكبةً عصر التطور عبر تكنولوجيا خاصة بهذا النوع من الصناعات.
لذا يمكن القول إن ما حصل مع "بوما" يبدو مفاجئاً لأنه بين الماضي والحاضر تغيّر واقع صناعة قمصان كرة القدم بشكلٍ كبير. ففي الماضي البعيد وقبل ظهور المركبات الكيميائية التي استخدمت على نطاق واسع في صناعة القمصان، أُنتج قميص الفوتبول هذا من القطن أو حتى المواد الصوفية. وبالتأكيد، لم تكن هذه القمصان مريحة، لأنها ترفع من حرارة جسم اللاعب الذي يشعر بالحرّ حتى في عزّ البرد، إضافةً إلى أنها لا تمتص العرق.
فريق بولتون وندررز الإنكليزي، كان أول من بادر إلى ارتداء قمصان مكوّنة من مواد اصطناعية، وذلك عام 1953، لكن "عصر الثورة" بالنسبة إلى هذا النوع من الصناعات كان مطلع التسعينيات، حيث أصبحت مادة "البولييستر" المعروفة الأكثر استعمالاً على هذا الصعيد.
و"البولييستر" هو نوع من أنواع المركبات الكيميائية الكثيرة، وهو موجود في القمصان التي تستخدمها الفرق والمنتخبات حالياً في عالم الكرة، حيث يدخل فيها أيضاً نوع من أنواع الكربون. وخلال عملية التصنيع يُدمَج بعض الأنواع من الأحماض الكربوكسيلية مع المياه التي تعدّ مادة ثانوية، وذلك في عملية تفعيل كثيف لهذه المواد. وكما هو معلوم، هناك أنواع عديدة من "البولييستر"، كتلك التي تستخدم في صناعة العبوات البلاستيكية مثلاً، لكن في صناعة القمصان هناك نوع معيّن، وهو ذاك الذي لا يمتص الكثير من المياه، بعكس القطن على سبيل المثال لا الحصر، وهي مسألة أساسية للاعب خلال المباريات الماطرة، بحيث إن امتصاص القميص للمياه يجعل من حركته ثقيلة. وبحسب الأرقام العلمية، تبلغ نسبة امتصاص القطن للمياه 7% من وزن القميص، مقابل 0.4% بالنسبة إلى "البولييستر"، ما يجعل الأخيرة أكثر من ممتازة عندما يرتبط الأمر بامتصاص العرق خلال المباراة. واللافت أنه في التكنولوجيا الحديثة أدخلت بعض الشركات أليافاً يعبر العرق من خلالها ثم يتبخر، إضافةً إلى فتحات تعطي مساحةً لتنفّس الجسم.
بعض القمصان تصل نسبة "البولييستر" فيها إلى أكثر من 90%، لذا لا تتجعد، وتدخل ضمنها المادة المعروفة بـ"الليكرا" التي تعطي قوة للقميص، بحيث إن الشدّ بها من قبل لاعب خصم لا يفترض أن يمزقها بالشكل الذي حصل في القمصان السويسرية، فهي تحتمل نسبة شد تصل إلى 600% من حجمها الطبيعي الذي تعود إليه ما إن تنتهي هذه العملية.
وهناك أيضاً مادة "البوليوريثان" التي تدخل في طباعة الأسماء والأرقام أو شعارات المعلنين على القمصان، وهي تضاف إلى القميص من خلال ماكينات خاصة تعكس حرارة عالية، فتلتصق الطبعة بالقميص، وتكون مقاومة للمياه.
حادثة "بوما" الأخيرة تفتح الباب على سباقٍ تكنولوجي جديد بين الشركات المصنّعة التي لا شك في أنها ستتّعظ من هذه التجربة الكابوس للشركة الألمانية التي فتحت تحقيقاً في الحادث، لأنها تدرك تماماً مدى خطورة ما شاهده الملايين حول العالم عبر شاشات التلفزة في خلال تلك الأمسية المشؤومة في ليل.