بعد ثمانية أشهر على الهزيمة المذلة للبرازيل على أرضها أمام ألمانيا 1-7، في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، يسعى مدرب منتخب «السيليساو» الجديد - القديم كارلوس دونغا لاعادة هيبة منتخب بلاده. هو نجح في ذلك منذ تسلمه دفة التدريب، وقد جاءت المباراتان الأخيرتان امام فرنسا وتشيلي ودياً، لتثبت أنه ولاعبيه على السكة الصحيحة.
لا شك في أن مهمة دونغا صعبة، وأن مهمة بناء المنتخب من جديد بعد خيبة مفجعة لن تكون سهلة، وأن الثقة التي يريد هو اعطاؤها للاعبيه، لم يعطه إياها الجمهور حتى.
بعد اخفاق كارلوس ألبرتو باريرا في كأس العالم 2006، وصل دونغا ليحل مكانه حتى كأس العالم 2010، ثم ما لبث أن أقيل من منصبه بعد الخروج من دور الثمانية أمام هولندا.
وقف البرازيليون كثيراً عند هذه النقطة: لماذا نعطي مدرباً أخفق سابقاً مهمة جديدة لبناء منتخب خائب؟
سريعاً بدأت الانتقادات، وسريعاً أيضاً، أسكتها دونغا، الذي غالباً ما عرف عنه في البرازيل أنه أكثر مدرب يجري انتقاده، لكنه في النهاية يفوز بالمباريات. لا يعبأ دونغا بهذه الانتقادات، ولا يعبأ بمطالبته بتقديم كرة جميلة ترتكز على مهارة البرازيليين، بل ما يهمه فقط هو النتيجة.
منذ المونديال الماضي، حققت البرازيل سبعة انتصارات متتالية بينها فوز لافت على فرنسا، حيث ظهرت ثقة اللاعبين بقدرتهم على تغيير المصير الذي لازمهم في المونديال الأخير والذي سبقه.
أكثر من ذلك، أمام فرنسا سيطر البرازيليون على مجريات اللقاء، وفازوا على الملعب الذي خسروا فيه المباراة النهائية لكأس العالم 1998، ليستعيدوا اعتبارهم أمام الفرنسيين. استمرار النتائج الجيدة التي حققها «السيليساو»، وآخرها أمام تشيلي (1-0)، لم يحل دون انقسام الجمهور البرازيلي حول سؤال: كرة ممتعة أم كرة واقعية؟

ينقسم البرازيليون
حول اذا ما كانوا يفضلون كرة ممتعة أم واقعية

قد يكون الجواب الانسب هو انه لا يهم، فالمهم هو أن دونغا بنى منتخباً جيداً يملك عناصر خبرة واخرى شابة وواثقة، اذ جمع بين الإثنين، وبدّل ثلثي الأسماء مضيفاً لاعب موناكو فابينيو ولاعب ليفربول فيليبي كوتينيو، ومستعيداً روبينيو، من دون ان يغلق الباب حتى على عودة كاكا.
ولنيمار حصة الأسد من الدعم، اذ قبل فترة انتقد دونغا لاعبه مرات عدة، فقال «ان اللاعبين النجوم يجب ألا تقتصر مهمتهم على تسجيل الأهداف بل يجب عليهم قيادة منتخباتهم إلى حصد البطولات الكبرى مثل كأس العالم، على غرار ما فعل روماريو وبيليه وغيرهما».
لكن دونغا استدرك سريعاً الامر وأدرك أنه لا مجال لانتقاد أفضل لاعب برازيلي حالياً، فعاد ودعمه مشبهاً إياه بروماريو: « يعد نيمار قائدا على الصعيد الفني ما يجعل منه مؤشراً يستدل به على الكرة البرازيلية والعالمية».
الخروج من كارثة المونديال كان يستلزم التغيير في أسماء اللاعبين، كما استلزم أيضاً التغيير في الخطة. منذ فترة طويلة لم تعرف البرازيل دفاعاً صلباً، لكن في المباراتين الأخيرتين، نال الدفاع الصلب المديح أكثر مما نال الهجوم الذي ارتكز على الهجمات المرتدة التي اتسمت بسرعة كبيرة.
تغيّرت خطة دونغا غير مرة، وأبرزها كان اللعب من دون رأس حربة صريح، على اعتبار أن البرازيل تفتقر الى مهاجمٍ قادر على أن يكون في مركز كهذا، وقد عانت اصلاً هذا الامر في المونديال بوجود «المصيبتين» فريد وجو. لذا قد يأتي البعض ليقول ان دونغا شوّه الأسلوب اللامع للبرازيل المشهورة بالهجوم، لكن الواقع هو غير الطموحات الموجودة في فكر المتابعين.
اليوم، يقف دونغا ولاعبوه وحدهم أمام حملة داخلية من الجماهير، وخارجية من المنتخبات المشككة فيهم، وهم يرون أن التحدي المقبل سيكون في كوبا أميركا، ليسكتوا الجميع، ويعودوا بعدها الى صناعة الفرح في المونديال المقبل.