لن تكون مباراة ألمانيا أمام أوستراليا الودية، الليلة، عادية على نجم بايرن ميونيخ، باستيان شفاينشتايغر، وسيدوّنها، لا شك، هذا اللاعب في سيرته الذاتية باعتبارها إحدى المحطات المهمة له مع «المانشافت».
صحيح أن هذه المباراة أمام بطل آسيا ستشهد تخطي «شفايني» النجم والقائد السابق يورغن كلينسمان في عدد مباريات تمثيل المنتخب حيث يتشاركان حالياً المركز الخامس بـ 108 مباراة، فيما الصدارة يحتلها «الأسطورة» لوثر ماتيوس بـ 150 مباراة. لكن المناسبة الأكثر أهمية هي أنها ستكون الأولى له قائداً جديداً للمنتخب الألماني بعد تأجل ظهوره بالشارة منذ التتويج بلقب مونديال البرازيل بسبب الإصابة خلفاً لفيليب لام المعتزل. وللمفارقة فإنها ستكون على ملعب نادي كايزرسلاوترن الذي يحمل اسم القائد التاريخي للمنتخب الألماني وبطل مونديال 1954 فريتس فالتر.
بلغة الأرقام، سيصبح «شفايني» بدءاً من الليلة القائد الرقم 21 في تاريخ «المانشافت» الذي يُعد فيه هذا الموقع ذا شأن مهم، نظراً إلى تاريخه الذي يكفي اختصاره بالألقاب المونديالية الأربعة. أن تقول: «قائد لمنتخب ألمانيا» يعني ذاك اللاعب ذا الشخصية الفولاذية والقتالية، لكن المنضبطة بدرجة عالية في الوقت عينه.
في حقيقة الأمر، قدّم لنا «الناسيونال مانشافت»، تاريخياً، نماذج تُحتذى لقادته الذين لم يقتصر دورهم على تدبير شؤون المنتخب على أرض الملعب، بل كانوا أيضاً من العناصر الفاعلة جداً وأسهموا بقوة في قيادته إلى الفوز بأربعة مونديالات، والحديث هو هنا طبعاً عن فالتر (1954) وفرانتس بكنباور (1974) ولوثر ماتيوس (1990) وفيليب لام (2014)، دون نسيان لاعبين عظماء ارتدوا قميص ألمانيا مثل أوفي زيلر وكارل - هاينتس رومينيغيه وكلينسمان وأوليفر كان وميكايل بالاك.
الأكيد أن شفاينشتايغر هو اللاعب الأنسب لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة في منتخب مثل ألمانيا بغضّ النظر عن أنه بطل العالم حالياً، وخلفاً لأسماء دخلت تاريخ كرة القدم، أو بتعبير آخر فإن «شفايني» هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، نظراً إلى خصاله المميزة العديدة من الشخصية القوية والصلبة إلى العلاقة الرائعة التي تربطه بزملائه والاحترام الذي يكنّه له الخصوم، فضلاً عن موهبته وقدراته الفنية العالية والمتنوعة.
في حقيقة الأمر، قدّم شفاينشتايغر منذ سنوات مؤهلاته القيادية العالية تحديداً في وسط ميدان بايرن ميونيخ حيث شكّل «القلب النابض» له والدينامو المحرك لكافة الخطوط. وبالتأكيد، إن هذا النجم كان محظوظاً بمزاملة قادة كشتيفان إيفنبرغ وكان وبالاك في البافاري، ويبدو واضحاً أنه استمد منهم خصال القائد وصقل من خلالهم قدراته القيادية.
شفاينشتايغر لم يخف فور إعلان تسميته من قِبَل مدربه يواكيم لوف أنه مدرك لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد أكد سريعاً أن طموحه مع المنتخب الوطني لم يتوقف عند لقب المونديال، وهو يطمح ـ كخطوة أولى ـ لقيادته إلى لقب كأس أوروبا 2016 في فرنسا.
الأهم من ذلك، أن «شفايني» يحظى بإجماع في بلاده على أنه الأقدر لقيادة ألمانيا، وبالأخص من «القيصر» بكنباور الذي كان جوابه حاسماً عند سؤاله عن القائد الجديد لـ»المانشافت» فور اعتزال لام فأجاب: بالتأكيد باستيان.
الأكيد أن لقطة شفاينشتايغر وهو يذرف الدموع والعشب والدماء يحتلان قميصه عقب انتهاء المباراة أمام الأرجنتين في نهائي مونديال 2014 - علماً بأن اللاعبين الألمان معروفون بصلابتهم وعدم تعبيرهم عن مشاعرهم، سواء في الخسارة أو الفوز - أثّرت كثيراً في نفوس الألمان وتحديداً لوف، على ما ذكر لاحقاً، وتركت فيها انطباعاً واحداً: شارة القيادة لا تليق إلا بزند هذا اللاعب.