لن يكون يوم الأحد عادياً على الإطلاق. هو اليوم الذي نتسمّر فيه عادة أمام شاشاتنا مع سهرات البطولات الأوروبية الوطنية، لكن هذا الأحد سيكون مختلفاً تماماً، إذ يكفي القول إن الساعة العاشرة مساءً (بتوقيت بيروت) فيه ستشهد موقعة «إل كلاسيكو» إياب الدوري الإسباني لهذا الموسم، على ملعب «كامب نو»، بين الغريمين الأزليين برشلونة وريال مدريد حتى نتأكد من ذلك، وكيف إذا كان «البرسا» يتصدر بفارق نقطة عن «الميرينغيز» بعدما انتزع منه القمة أخيراً؟
هذا كافٍ وحده ليزيد من رونق هذه القمة وسحرها وقوتها، وإن كانت كل مباريات الفريقين بنفس الأهمية، نظراً إلى العداوة التاريخية بين مدينتي برشلونة ومدريد وجمهوريهما اللذين يتخطيان الحدود الإسبانية إلى العالم من أقصاه إلى أقصاه.
سنكون الأحد، من دون مبالغة، أمام قمة القمم والمباراة المفصلية بنسبة كبيرة لمصير بطولة يقاتل الطرفان لاستعادتها من «الدخيل» على مملكتهما أتلتيكو مدريد، إلا إذا ارتضى الاثنان بالتعادل، وهذا ما يعني بقاء الوضع على ما هو عليه حتى تعثّر أو سقوط أحدهما. إذ أن يفوز «البرسا»، هذا يعني توسيع الفارق إلى 4 نقاط والاقتراب جداً من اللقب، لما يمثّله هذا الفارق في بطولة مثل إسبانيا، وفي المرحلة الثامنة والعشرين منها، وأن يفوز الملكي أيضاً، فهذا يعني استعادته الزعامة بفارق نقطتين، والأهم الروح المعنوية والثقة، حيث سيصعب بعدها رؤيته يتخلى عنها بسهولة. كل هذا المشهد من المفترض أن يضعنا أمام «كلاسيكو» من الأجمل في السنوات الأخيرة بين الغريمين.
سنضع كل التحليلات والظروف والمعطيات والترشيحات التي تكثر عادة مع الساعات الأخيرة قبل المباراة، والتي ـ أصلاً ـ لا وجود لها في قاموس «إل كلاسيكو» حتى لو كان برشلونة متصدراً وريال مدريد في المركز الأخير أو بالعكس، إذ إن لهذه القمة الكبرى أعرافها الخاصة التي تتحكم فيها كلمات مثل العطاء اللامحدود والقتالية حتى الرمق الأخير والجاهزية النفسية قبل البدنية والتركيز العالي طوال 90 دقيقة، ولنبقى في معنى وجوهر هذه المباراة التي غيّرت كثيراً من مفاهيم الكرة ومن عادات متابعيها.
القول بأن «الكلاسيكو» أصبح أكثر من مجرد مباراة، هذا عين الحقيقة، إذ إنه بات جزءاً مهماً من الحياة الكروية للمتابعين، كل المتابعين، حتى ممن لا يشجعون ريال مدريد وبرشلونة أو على الأقل يميلون لأحدهما - وهم قلة نادرة في العالم طبعاً - حيث إن لهذه المباراة أجواءها وأهميتها وتقاليدها وطقوسها التي لا يمكن العثور عليها في مباراة أخرى، ربما في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
لذا، ليس بغريب أن يرتفع منسوب «التهديدات والتزريكات» قبل المباراة، والحماسة والخوف والتوتر خلالها، والفرحة الكبرى والخيبة المريرة عند نهايتها. ليس بغريب أن نقع قبلها مثلاً على خبر في خانة «الغرائب والطرائف» في الصحف، يفيد بأن مشجعاً لأحد الفريقين صعد إلى منزله في الطبقة الثامنة قبل دقائق من المباراة على السلالم بدل المصعد خشية انقطاع الكهرباء أو حصول عطل يؤخره ولو لدقيقة واحدة عن انطلاقها، أو بأن هذا المشجع كسر جهاز التلفاز غضباً خلالها، أو بأن طلاقاً وقع بين زوجين متعصبين للفريقين بعدها.
ليس بغريب الأحد أن يكون ملعب «كامب نو» محور الكرة الأرضية ونقطة ارتكازها طوال 90 دقيقة من الزمن، ما دام «إل كلاسيكو» قمة لا يحوي قاموسها كلمة ملل، بل كلمات حماسة وتشويق وسحر كرة القدم.