هي المباراة التي ستجمع اكثر فريقين مجتهدين على ارض الملعب. اتلتيكو مدريد الاسباني يستقبل بايرن ميونيخ الالماني الليلة الساعة 21.45 بتوقيت بيروت، وفي باله شيء واحد وهو انه سيواجه اكثر فريقٍ ظهر انه يشبهه على صعيد العطاء في مسابقة دوري ابطال اوروبا لكرة القدم هذا الموسم.
الفريق البافاري يدرك الامر عينه، فهناك في العاصمة الاسبانية لا تنتظره اسماء بحجم الارجنتيني ليونيل ميسي او البرتغالي كريستيانو رونالدو بل "عصابة" من المشاغبين الذين يبرعون في قطع الطرقات على اي هجومٍ يهدد مرماهم عندما يلعبون في "فيسنتي كالديرون"، والارقام تتحدث عن نفسها هنا عندما نقول انه منذ 2013 حتى اليوم لعب "الأتليتي" 16 مباراة على ارضه في "التشامبيونز ليغ" ولم يتلقَ خلالها اكثر من 4 اهداف!
في 16 مباراة على ارضه منذ 2013 تلقى اتلتيكو 4 اهداف فقط!

احصائية رهيبة ستفرض على بايرن مجهوداً مضاعفاً في اولى مباراتي الدور نصف النهائي بين الفريقين، وهو الذي يعلم انه لا يواجه فريقاً عادياً، فكما هو معلوم لا الجالس في مقعد المدرب اي الارجنتيني دييغو سيميوني هو رجل عادي، ولا جنوده الموجودون على المستطيل الاخضر من الطينة نفسها للّاعبين العاديين.
يعلم البايرن ان مقاربته المدريدية هذه المرّة تختلف عن تلك التي استخدمها مرات عدة في كل زيارة الى الملعب الآخر في العاصمة الاسبانية اي "سانتياغو برنابيو" الخاص بريال مدريد. هناك في "فيسنتي كالديرون" سيقف امامه فريقٌ يشبهه في نواحٍ عدة، وتحديداً على صعيد الروح التي لا تترك اجساد اولئك الذين يضعون كل ما لديهم لتحقيق الفوز. تلك العودة الرهيبة لبايرن مثلاً في مباراة الاياب امام يوفنتوس الايطالي، فعلها اتلتيكو مدريد في كثير من المناسبات.
الفريق الاسباني بطبيعة الحال، غير انه اخرج مواطنه برشلونة حامل اللقب، هو يقف اليوم في صف الكبار. أليس اتلتيكو "البعبع" الذي تمنت كل فرق دور الاربعة ألا تواجهه في هذه المرحلة؟ أليس هو الفريق الذي لا يجد مشكلة في اطلاق معارك على اكثر من جبهة بين الساحة المحلية ونظيرتها الاوروبية؟ أليس هو الفريق نفسه الذي حافظ على مستواه ثابتاً منذ عودته الى دوري الابطال عام 2013؟
البطاقة الحمراء ضيفاً محتملاً في اي لحظة من لحظات اللقاءين

نعم، سيكون انجازاً فعلياً لبايرن اذا نجح في التسجيل خارج الديار، اذ مخطئ من يعتقد انه بغياب قائد الدفاع الاوروغوياني دييغو غودين ستتحول منطقة جزاء "لوس روخيبلانكوس" الى حديقة عامة خاصة بالفريق البافاري، والسبب ان فريق سيميوني يؤدي كمجموعة ولا يعتمد على الفردية في الاداء.
وهذه النقطة تبرز ايضاً لناحية فريق المدرب الاسباني جوسيب غوارديولا، الذي قد تكون افضليته الوحيدة في هذه المباراة انه يدرك اجواء نفسية لاعبي اتلتيكو في لقاء من هذا النوع، ويمكنه ان يضع جنوده في حالة تأهب قصوى لما سينتظرهم على ارض الملعب لحظة ستطأه اقدامهم. تلك الاقدام التي ستملك افضلية بدورها تستمدها من نقطة ضعف عند اتلتيكو تحديداً. وهنا الحديث عن المبالغة في الخشونة من قبل "الأتليتي"، وهو امر سيضرّ به في مواجهة فريقٍ نصفه لاعبون مهاريون ينحتون بمجهودهم ومواهبهم الفطرية احلى اللوحات الكروية. وتلك المهارات لدى النحاتين البافاريين قد تستفز اولئك الذين لا يحسنون الضيافة، لتكون البطاقة الحمراء ضيفاً محتملاً في اي لحظة من لحظات اللقاءين اللذين سيجمعان الفريقين.
الفريقان استحقا الوصول الى هذه المرحلة من عمر البطولة، والفائز بينهما برأي الكثيرين سيكون بطل نسخة 2015-2016 ليحمل الكأس صاحبة الاذنين الطويلتين، لكن الاكيد ان الطريق الى ميلانو تمرّ من مدريد اولاً ثم ميونيخ ثانياً، حيث لا مجال الا لتقديم كل شيء ممكن على ارضية الميدان.