من تابع مباراة مانشستر يونايتد وبريستون نورث اند في كأس إنكلترا مساء الاثنين الماضي، كان من الصعب عليه التصديق بأن ذاك الذي يرتدي القميص الرقم 9 مع «الشياطين الحمر» هو نفسه الهداف الذي أرعب الكل في الدوري البرتغالي والدوري الإسباني، وتالياً في الدوري الفرنسي. في تلك الأمسية، أخرج مدرب يونايتد الهولندي لويس فان غال مهاجمه الكولومبي راداميل فالكو في الدقيقة 60 بعدما فشل في تسديد أي كرة باتجاه مرمى فريقٍ متواضع، ولم يلمس الكرة إلا نادراً.
في تلك اللحظة، لا شك في أن إدارة مانشستر يونايتد تراجعت خطوات سريعة الى الوراء بشأن تفكيرها في جعل صفقة استعارة فالكاو نهائية في الصيف المقبل، على اعتبار أن هذا الأمر سيكلفها مبلغاً ضخماً يصل الى 43 مليون جنيه استرليني، وذلك مقابل الحصول على مهاجمٍ يبدو شبحاً للرجل الذي كان متوقعاً أن ينسج الأفراح في «أولد ترافورد»، لكنه لم يسجل سوى 4 أهداف في 19 مباراة خاضها حتى الآن.
من تابع فصول مسيرة فالكاو منذ مطلع العام الماضي، ربما توقّع في مكانٍ ما الفشل الذي ينتظره في إنكلترا، أو بشكلٍ أصح توقّع إبرام مانشستر يونايتد صفقةً خاسرة بكل المعايير لأنه ببساطة لم يقم بالحسابات الصحيحة قبل شروعه في استعارة فالكاو من موناكو الفرنسي ومنحه راتباً أسبوعياً كبيراً يصل الى 285 ألف جنيه أسبوعياً.
لا شك في أن يونايتد سحره اسم فالكاو، وخصوصاً أن من كان وراء إيصاله الى هذا النادي الكبير لعبها بذكاء من خلال تسويقه اسم الكولومبي كثيراً في أخبار الانتقالات، حيث ربطه تارة بالقطب الآخر في مانشستر، وطوراً بتشلسي وفي أحيانٍ كثيرة بريال مدريد الإسباني. هذا الأمر أثار يونايتد بشكلٍ كبير، فهبّ الى التعاقد مع لاعبٍ غاب لفترةٍ طويلة، ويبدو أنه استعجل عودته التي حصلت قبل شهرين، أقله من التاريخ المتوقع لإبلاله من الإصابة، وذلك لكي يجد مخرجاً من موناكو، في خطةٍ تخدم مصلحة الطرفين على اعتبار أن فريق الإمارة الفرنسية أراد التخلص من «إل تيغري» لعدم قدرته على دفع راتبه المرتفع.
خوفٌ من أن
يلقى فالكاو مصير شفتشنكو وتوريس


من هنا، يمكن القول إن فالكاو مسؤول بشكلٍ كبير عمّا وصلت إليه حاله عبر خياره الذي كان بمثابة الانتحار، وخصوصاً أنه يفتقد حالياً حسّه التهديفي لعدم جهوزيته البدنية، وهو الذي اختار اللعب في بطولةٍ تحتاج الى قدراتٍ بدنية هائلة، وقد بدا جليّاً في المباريات التي خاضها أنه يهرب كثيراً من الالتحامات مع الخصوم، ربما لإدراكه بأن ركبته التي أصيب فيها لا تزال هشّة وعرضة لأي تمزّق جديد قد يقضي عليه تماماً.
فعلاً، تصعب الأمور على الكولومبي يوماً بعد آخر، وخصوصاً أن الوقت يداهمه لإثبات نفسه في «أولد ترافورد» والحصول على عقدٍ نهائي هناك، وجاءت المباراة أمام بريستون لتفضحه على اعتبار أنه كان متوقعاً منه أن يأخذ هذا الفريق المتواضع بعاصفته الهجومية ويحمل مانشستر يونايتد الى التأهل، لكنه لم يفعل شيئاً يذكر.
وفي موازاة التصويب على الضرر الذي ألحقه فالكاو بنفسه أو على عدم قدرته الشخصية للارتقاء الى المستوى المنتظر منه، فإن الحقيقة أن هناك من يتحمل أيضاً جزءاً لا يستهان به من الوضع الذي وصل إليه «إل تيغري». وهنا الحديث عن مانشستر يونايتد بشكلٍ عام، إذ إن هذا الفريق لم يعد يقدّم الأداء الهجومي المرعب الذي اعتدناه، وهذا الأمر ينعكس بشكلٍ مباشر على تقديم مهاجمين أقوياء، إذ من دون شك لا واين روني أو الهولندي روبن فان بيرسي هما الهدافان اللذان أخافا الكل يوماً في «البريميير ليغ». مع فان غال، باتت ألعاب يونايتد بطيئة، غير خلاقة ومقروءة لدفاعات الخصوم، ويعيبها كثيراً الديناميكية والسرعة وعنصر المباغتة الذي يجعل من مهاجمٍ مثل فالكاو ماكينة تهديفية تسجل الأهداف دون هوادة. فالأكيد اليوم أن فالكاو لا يقف في نفس الوضع الذي عاشه مثلاً الهولندي رود فان نيستلروي، حيث كان يأتيه التموين من الميمنة ومن الميسرة بشكلٍ هائلٍ خلال المباريات. وهذه النقطة أيضاً يمكن الحديث عنها مع تقلّص عدد الكرات العرضية الناجحة التي تصل الى المهاجمين داخل منطقة الجزاء، حيث يبرع فالكاو تحديداً بالتمركز والألعاب الهوائية.
نجم مهاجمٍ فذّ بدأ يخفت بقوة بفعل الخيارات السيئة والإصابة. هي قصةٌ كانت حاضرة منذ زمنٍ قريب مع وحشين هجوميين تحوّلا بعدها الى ملاكين وهما الأوكراني أندري شفتشنكو والإسباني فرناندو توريس.