لكل بداية نهاية في عالم الكرة، كما في الحياة. الإثنين فجراً، كانت نهاية مسيرة نجم كبير مع «الساحرة المستديرة». هو نجم من ذاك الزمن الجميل الذي تتساقط أوراقه تباعاً في الآونة الأخيرة مع اعتزال النجم الفرنسي تييري هنري قبل فترة قصيرة ليلحق به مواطنه دافيد تريزيغيه قبل أيام (أكد رسمياً اعتزاله أمس) حتى يكاد يندثر لولا إصرار قلة من أركانه على مواصلة الاستمتاع باللعبة كما الحال مع النجم الأوروغوياني ألفارو ريكوبا، الذي لا يزال يلعب الكرة مع فريق ناسيونال في بلاده وهو في سن الأربعين.
هو نجم فيه بعضٌ من دييغو مارادونا، ليس فقط لأنه بدأ مسيرته مثل «إل بيبي دي أورو» مع أرخنتينوس جونيورز وارتدى قميص الكبير بوكا جونيورز ومرّ على برشلونة الإسباني في رحلة قصيرة وعابرة، بل لأنه كان من أفضل من ارتدى القميص الرقم 10 بعد دييغو. ولأنه كان يعشق دييغو، وحتى إنه عند إعلان انتهاء مسيرته حضر دييغو في كلماته حين جدد التأكيد على أن مارادونا هو الأفضل على الإطلاق على مرّ التاريخ، وهذا اللاعب أيضاً هو من أفضل من أنجبتهم هذه اللعبة، واسمه: خوان رومان ريكيلمي.
اعتزل ريكيلمي إذاً. انتهت مسيرة أحد أفضل صانعي الألعاب في العالم، الذين مرّوا على الأرجنتين والعالم. قال ريكيلمي وداعاً للمعشوقة، وداعاً للذكريات الجميلة في ملعب «البومبونيرا» حيث تمايلت، على أنغام سحره، كثيراً، أمواج الجماهير هناك.
هو خوان رومان ريكيلمي المولود في 24 حزيران عام 1978 في مدينة سان فرناندو القريبة من العاصمة بوينوس أيريس، وللمصادفة، قبل يوم واحد من تتويج منتخب بلاده بلقب كأس العالم على أراضيها.
هو ريكيلمي الذي لُقِّب بـ «الساحر» نظراً لمهاراته المميزة وفنياته العالية في مركز صانع الألعاب من خلال إجادته التمريرات الساحرة والمراوغة ورؤيته الثاقبة، وكذلك لقدرته العالية على تسجيل الأهداف وخصوصاً عبر التسديدات المميزة.
هو ريكيلمي الذي لُقب بـ «المصارع» نظراً لقوته البدنية وأسلوبه المشاكس حيث مثّل، دون مبالغة، علامة فارقة ونادرة في مركز صانع الألعاب من خلال جمعه بين السحر والقتالية في الأداء حيث تمكن، بنجاح، من تقمّص شخصيتين في آن واحد.
هو ريكيلمي الذي لُقب بـ «اللاعب الرقم 10 الأخير» إذ إنه بالفعل من آخر صناع اللعب الكلاسيكيين بهذا الرقم، الذين باتوا قلة نادرة في يومنا هذا مع الاعتماد على الأجنحة وإعطاء أدوار أكثر للاعب الارتكاز ولاعب الهجوم «تسعة ونصف».
هو ريكيلمي القائد بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، حيث تميّز بمؤهلاته القيادية العالية وقوة شخصيته وروحه التنافسية التي تشدّ من أزر الزملاء ولا ترضى بالهزيمة، وقد مثّل القلب النابض في الفرق التي ارتدى قمصانها وتحديداً في بوكا جونيورز.
هو ريكيلمي المعطاء بلا حدود حتى سن الـ 36، والملهم لجماهير بوكا جونيورز، والوفيّ لبلاده الأرجنتين، حيث آثر البقاء في ملاعبها - تحديداً مع بوكا - معظم مسيرته على أن يلعب في أشهر الفرق الأوروبية، كما الحال مع مواطنيه النجوم الآخرين، باستثناء خوضه تجربة عابرة مع برشلونة وأكثر بروزاً مع فياريال في الملاعب الإسبانية، كما أنه أبى إلا أن يردّ ديناً في نهاية مسيرته لأرخنتينوس جونيورز، الذي أطلقه بمساعدته على العودة إلى مصاف أندية الدرجة الأولى هذا الموسم، وأكثر فإنه رفض مواصلة مسيرته معه لكي لا يلعب بوجه فريقه الأحب على قلبه بوكا جونيورز.
ريكيلمي آخر صناع اللعب الكلاسيكيين اصحاب الرقم 10
هو ريكيلمي الذي لم تنصفه الكرة، ولم تعطه على قدر ما كان يستحق مع منتخب بلاده، إذ إن موهبته برزت بعد اعتزال مارادونا - الذي حظي بفرصة اللعب إلى جانبه في بوكا عام 1996 - وفي الأيام الأخيرة لغابريال باتيستوتا ودييغو سيميوني وأرييل أورتيغا، بينما أنه لم يلحق سوى لفترة قصيرة بليونيل ميسي وسيرجيو أغويرو، وبرغم ذلك فإنه قاد معهما البلاد الى ذهبية «أولمبياد بكين» عام 2008، وأكثر فإن خطأ استبداله الغريب في المباراة أمام ألمانيا في ربع نهائي مونديال 2006 كلّف بلاده الخروج وضياع الحلم المونديالي، الذي كانت الأرجنتين قادرة على تحقيقه وقتها.
هو ريكيلمي العملة النادرة، الذي قال عنه مارادونا: «إنه الملك يا سادة»، واختاره النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان خليفته في الملاعب، ووصفه النجم الأوروغوياني دييغو فورلان بـ «أفضل صانع ألعاب شاهدته بعد دييغو مارادونا».
غادر ريكيلمي إذاً ملاعب الكرة. «البومبونيرا» حزين، والأرجنتين أكثر حزناً. تركنا هذا النجم مخلّفاً صوراً جميلة لن تُمحى من الذاكرة. شكراً، من القلب، خوان رومان ريكيلمي. شكراً على كل السحر والعطاء، شكراً على كل الذكريات. من القلب، وبالإسبانية لغة الأرجنتين: «Adiós» (وداعاً) ريكيلمي... «Gracias» (شكراً) ريكيلمي.




... وتريزيغيه يؤكد اعتزاله رسمياً


بعدما أعلن وكيل أعماله، قبل أيام، اعتزاله كرة القدم، أكد النجم الفرنسي دافيد تريزيغيه، أمس، لصحيفة «ليكيب»، رسمياً، رحيله عن ملاعب الكرة في سن الـ37 عاماً. وقال «تريزيغول» الذي اشتهر مع يوفنتوس الإيطالي ولعب لموناكو الفرنسي وريفر بلايت الأرجنتيني: «حتى قبل أن أذهب للعب في الهند، كانت لديّ فكرة الانتقال إلى أشياء أخرى».
وكشف الهداف السابق لمنتخب فرنسا أنه سيتجه الأربعاء إلى مدينة تورينو الإيطالية للتباحث مع مسؤولي يوفنتوس حول المنصب الذي سيتسلّمه في النادي، مضيفاً: «الفكرة هي أن أقوم بالترويج لصورة النادي في العالم». وعبّر «تريزيغول»، الأرجنتيني الأصل والنشأة والفرنسي الولادة، عن حبه الكبير لمنتخب فرنسا، قائلاً: «تحتل فرنسا مكاناً استثنائياً في قلبي».