في الوقت الذي كان فيه متتبعو تصفيات «يورو 2016»، ينتظرون تأهل المنتخبات الكبيرة الى البطولة المرتقبة، صعدت منتخبات لم تكن في الحسبان، بل كانت في السابق مجرد محطات للعبور فوقها فقط. منتخبات صغيرة، قلبت التوقعات، وأعادت أمجاد اندثرت منذ سنين طويلة، لجماهير بلادها: إيرلندا الشمالية، ألبانيا وأيسلندا.في الحديث عنها، ستتصارع طبعاً في ما بينها على حمل لقب «الحصان الأسود». تصدّرت أيسلندا المجموعة الأولى متقدمة على تشيكيا وتركيا وهولندا، كما تصدّرت إيرلندا الشمالية المجموعة السادسة متقدمة على رومانيا والمجر وفنلندا واليونان. أما ألبانيا، فقد تأهلت بعدما حلّت ثانية خلف البرتغال أمام الدنمارك وصربيا.

ستكون مهمتهم صعبة للعبور إلى المراحل المتقدمة، ودائماً، كما كان التأهل مستحيلاً في البداية، لن تكون المنافسة أمام باقي المنتخبات الكبيرة مستحيلة.
الإنجاز التاريخي لألبانيا بعد تأهّلها للمرة الأولى في تاريخها، شقّ الطريق نحو العالمية، ولا شك أن الحجر الأساس كان حين تغلبت على متصدرة مجموعتها البرتغال، وأذلتها على أرضها.
مرَّ هذا المنتخب الواقع في شبه جزيرة البلقان والبالغ عدد سكانها حوالى 2.8 مليون نسمة، بمنحى تصاعدي وتقدم في التصنيف الدولي، بداية إلى المركز 22 ثم الى المركز 14، بعدما كان قد تغلب على فرنسا أيضاً، لكن بمباراة ودية. ويبدو أن المدرب الإيطالي جياني دي بيازي واثق بقدرات لاعبيه وقد نجح في استثمار مواهبهم. فكتيبته تكتب تاريخ المنتخب الفقير بوجود مقومات متواضعة، ويمرون حالياً بمرحلة عمل دؤوب لإثبات الذات من جديد بعدما وضع الحجر الأساس لمشوار بدأ للتو، ولا يزال أمامه طريق طويل.
منتخب أيسلندا مثل ألبانيا، حقق هذا الإنجاز للمرة الأولى في تاريخه، مذيباً جليد ستين سنة من الغياب الدولي عن المحافل العالمية. هذا بات من الماضي، أما حالياً فقد احتفل آلاف من المشجعين بالمنتخب الأيسلندي في ميدان «إنغولفستورغ» بوسط العاصمة... بعد محو صورة الخسارة التي لازمتهم على مدار نصف قرن أو أكثر. الفارق بين أيسلندا وكل من ألبانيا وإيرلندا الشمالية، أن الأولى وقعت في مجموعة صعبة، ومع ذلك تصدرتها بـ 20 نقطة.
وما ساعدها على النجاح هو اعتماد المدرب السويدي لارس لاغرباك على التكتل الدفاعي والهجمات المرتدة فقط، بلاعبَين محترفين نسبة إلى زملائهما في المنتخب، هما لاعب نانت الفرنسي غيلفي سيغورسون ولاعب بولتون ووندرز الإنكليزي إيدور غوديونسون. أما الباقون، فيلعبون في أندية متوسطة المستوى في النروج والسويد والدنمارك وأيسلندا، وآخرون في دوري الدرجة الثانية الإنكليزية.
وكذا الحال مع منتخب إيرلندا الشمالية، الذي يعتمد على لاعبين مغمورين، حيث إنه تأهل للمرة الأولى. ولعل أبرز اللاعبين هو لاعب نوريتش سيتي كيلي لافيرتي الذي يحتل المركز الخامس بقائمة الهدافين في التصفيات بـ 7 أهداف. وبما أن إيرلندا الشمالية جزء من بريطانيا العظمى، فإنها تتشابه وإياها بطريقة اللعب، بالاعتماد على الكرات الطويلة والعالية. المشاركة الأخيرة في محفل عالمي لهذا المنتخب كانت عام 1986، في مونديال المكسيك. والنقطة الأبرز لهذا التأهل أن منتخب إنكلترا لن يكون وحيداً ممثلاً للمملكة المتحدة، بل ويلز وإيرلندا الشمالية أيضاً، وهذا إضافة الى التأهل لأول مرة سيعتبرونه إنجازاً يرفع من شأنهم أمام الإنكليز.
منتخبات ولاعبون وجماهير متعطشة للمشاركة في بطولات كبرى منذ سنين طويلة، ستحقق حلمها في السنة المقبلة، ولا شك أن ما ساعدها أكثر في التأهل هو قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، بزيادة عدد المنتخبات في النهائيات من 16 إلى 24 منتخباً، ليجعل منتخبات بلا نجوم تشارك كبار أوروبا على اللقب، هذا دون التقليل، طبعاً، من مجهودها وعطائها.