فور انقشاع غبار حرب تموز 2006، سارعت ضاحية بيروت الجنوبية إلى لملمة جراحاتها، ولما كان الدمار هو المشهد الوحيد الحاضر في كل الاتجاهات، كان لا بد من إطلاق ورشة إعادة البناء المدعومة من الدول الصديقة
إبراهيم وزنه
ها هي الضاحية بعد 45 شهراً على العدوان تستعيد عافيتها، ومن أولئك الذين لبّوا نداء البناء اخترنا دولة الكويت المتبرعة بـ300 مليون دولار خصصت منها 185 مليوناً لمشاريع تنموية.

الصادقي: التنمية الرياضية أولاً

«مشاريع أُنجزت وأخرى قيد التنفيذ، ونركّز على الإنماء الرياضي والتربوي والاجتماعي والثقافي»، بهذه الكلمات لخّص الدكتور محمد الصادقي ممثل الصندوق الكويتي للتنمية عمله في لبنان، وللرجل علاقة وطيدة مع الرياضة، فهو مواظب على لعب كرة القدم وكرة المضرب وله صولات وجولات في رياضة الجري. سألناه عن دوافع الصندوق لاختيار الغبيري لبناء قاعة رياضية على أرضها بمواصفات دولية؟ فأجاب «منطقة مكتظة بالناس وليس فيها ملاعب رياضية تلبي حاجات شبابها، ولما كانت الرياضة جزءاً لا يتجزأ من الاحتياجات التنموية، سعينا إلى تفعيل التنمية الاجتماعية التي هي بمثابة العامل الأساسي في التنمية الشاملة»، مضيفاً «انطلاقاً من هذه المعطيات تعاونا مع بلدية الغبيري بشخص رئيسها محمد الخنساء لإنشاء قاعة متعددة الاستعمالات مع إيماننا بأهمية المشروع في تحقيق التكامل الاجتماعي والرياضي».

صرح رياضي متكامل

ملاعب شعبية كانت في الضاحية زال معظمها بفعل الهجمة العمرانية
في حديثه عن القاعة المنتظرة، قال الصادقي: «حالما أمّنت بلدية الغبيري قطعة الأرض اللازمة لبناء القاعة (مساحتها 3200 م م) موقعها مقابل مستشفى الساحل، تسارعت وتيرة العمل، لجهة إتمام الدراسات الهندسية من شركتي السنابل و«أرش» ثم لُزّمت إلى شركة البنيان مع إشراف دار الهندسة، وأعلنا ذلك في مؤتمر صحافي عقدناه في مقر بلدية الغبيري مطلع آذار الحالي».
من جهته، أعلن رئيس بلدية الغبيري محمد الخنساء عن انطلاق ورشة العمل (ابتداءً من 15 الجاري) على أن يكون التسليم أواخر عام 2011، موضحاً «حرصنا على تأمين قاعة رياضية خاصة للنساء من منطلق حفاظنا على خصوصية المرأة في مجتمع محافظ».
وعاد الدكتور صادقي ليبيّن: «القاعة مخصصة لألعاب كرة السلة والكرة الطائرة»، وعند سؤالنا عن تكاليفها، أعلن الصادقي والخنساء عن شراكتهما في التصدي للمشروع الذي ستصل تكاليفه إلى خمسة ملايين وثمانمئة ألف دولار، على أن يساهم الصندوق بنسبة 68 في المئة و32 في المئة على عاتق البلدية.
وعن آلية إدارة الصرح الرياضي، قال الخنساء «سيكون للقاعة إدارة خاصة تعمل على تنظيم استعمالاتها بما يضمن استمراريتها وصيانتها وتأمين مصاريفها كي لا تمثّل عبئاً على البلدية، وطبعاً المستفيدون منها هم أبناء الضاحية وأنديتها».

خطة رياضية «بلدية»

وبهدف تفعيل الحركة الرياضية في الغبيري، أشار الخنساء «يولي المجلس البلدي الرياضة اهتماماً خاصاً، لجهة التشجيع على ممارستها وصقل المواهب الواعدة، وتألّفت لجنة رياضية تضم نخبة من رياضيي البلدة من الأساتذة وقدامى الرياضيين، تهتم بتنظيم بطولات وسباقات في المناسبات الوطنية، ولم نغفل الاهتمام بالمعوقين والمجلّين في الساحات والملاعب، ولطالما حرصنا على تكريم اللاعبين القدامى وما أكثرهم في منطقة الغبيري».

مشاريع على امتداد الوطن

«الصندوق الكويتي للتنمية مهتم بتفعيل الواقع الرياضي، وخصوصاً في الأرياف»، قال الصادقي كلامه ثم راح يعدّد المشاريع التي سينفذّها الصندوق لاحقاً: «ففي بلدة شمع ــــ قضاء صور أنهينا التصاميم الخاصة بالمركز الاجتماعي الثقافي الرياضي، وهو يضمّ ملاعب بالإضافة إلى مشاريع مماثلة جرت مرحلة دراستها ووضع تصاميمها في بنت جبيل والمريجة والمنيا»، وأعلن عن موعد افتتاح قاعة عمشيت الرياضية خلال شهر أيار المقبل، وعن توقيع عقد سد القيسماني في المتن الأعلى. ورداً على سؤالنا، ما المقابل الذي تتوخاه دولة الكويت جرّاء دعمها للبنان بهذه المشاريع، أوضح صادقي «انطلاقاً من روح المسؤولية تجاه المجتمع الدولي تحرص دولة الكويت على تخفيف معاناة الشعوب الشقيقة التي تمر في أزمات، ولما كان للبنان موقع متميز في قلوبنا جميعاً سارعت إلى تخصيص مساعدة مالية (300 مليون دولار) بهدف تضميد الجراح التي أحدثتها حرب تموز 2006»، ومضيفاً: «يهتم الصندوق الكويتي في البنى التحتية والطرق ومشاريع المياه والكهرباء ولكن اهتمامنا الأول ينحصر في الإنسان، فالتنمية الاجتماعية والرياضية والثقافية هي الغاية الأسمى في مشاريعنا التنموية، ونحرص على تنفيذها بتوازن في أرجاء لبنان ».


الخنساء: الرياضة تحصّن مجتمعنا

«توجيه الأجيال إلى الساحات الرياضية يساهم في تحصين مجتمعاتنا»، قناعة راسخة عند رئيس بلدية الغبيري محمد الخنساء، الذي شرح مفصّلاً: «القاعة مؤلفة من ملعب رئيسي محاط بمدرجات تتسع لأكثر من 1500 شخص، بالإضافة إلى ثلاثة طوابق سفلية تضم قاعات رياضية متنوعة الاستعمالات وكافتيريا، وتبلغ مساحة العمران 10270 متراً مربعاً».