انطلق الدوري الكروي اللبناني، الذي انطلق عام 1933، وهو الأقدم على الساحة العربية. وخلال بطولاته، حفرت أندية اسمها بذهب الريادة على لائحة الإنجازات، إلا أن العديد منها اندثر، فيما البعض يعيش التراجع، وأبرزها: هومنتمن وهومنمن
أحمد محيي الدين
النهضة، الجامعة الأميركية والسكة الحديد... أسماء غابت وذابت! الشبيبة المزرعة، هومنتمن وهومنمن، من أبطالٍ كبار إلى الدرجة الثالثة حالياً! نواد عريقة طبعت كرة لبنان طويلاً، ونقشت أسماءها في سجلات بطولاتها، تقضي الآن أياماً حالكة لا تليق بتاريخها. وهكذا افتقدت جماهير الكرة «الدربي الأرمني» طويلاً لتتذكر لقاءاته الساخنة، حيث كل لقاء يمثل قمة تهز القلوب وتجذب الألوف.

هومنتمن: ظلم القدر

يعدّ نادي هومنتمن أحد أعرق النوادي العربية وأقدمها (تأسس عام 1924)، وهو بطل لبنان سبع مرات (أعوام: 44، 46، 48، 51، 55، 63 و69) وكان من أبرز لاعبيه وقتذاك: بدروس تاديجيان وأونيس تاجيسيان وأونيك وأبراهام قصابيان «آبو» وجوكي يرنتزيان وليفون ألطونيان وأوهانس هاسانيان «جوكي»، وكان صاحب أكبر شعبية في الكرة اللبنانية بعد النجمة وصاحب الصولات والجولات والألقاب، ولد من رحم حزب الطاشناق المسيطر على الساحة الأرمنية اللبنانية.
بعد حرب 75، ومع عودة نشاط الدوري اللبناني رسمياً، حمل الفريق البرتقالي لقب «المرعب» نظراً إلى صفوفه المدججة بالنجوم، أمثال خورين (لاعب الاتحاد السوفياتي في مونديال 1982) وآشود ووارطان وترّو كيهيايان وآرمين صناميان ورافي جلفاجي وفاتشيه سركيسيان وغيرهم من نجوم المنتخب اللبناني في تلك الحقبة، وكان مسنوداً بدعم جماهيري كبير.

تقوقعت النوادي بعد الحرب الأهلية مذهبيّاً وطائفيّاً ومناطقيّاً
هبط هومنتمن للمرة الأولى إلى الدرجة الثانية موسم 2001-2002، وبعدها في موسم 2004-2005، وقبل أيام ودّع الثانية إلى ظلام الثالثة، «على أمل العودة» مع غريمه التقليدي وتوأمه اللدود هومنمن، ما أثار موجة حزن تاريخية.
في هذه المسيرة التراجعية، رأى رئيس اللجنة العليا في جمعية هومنتمن الرياضية والكشفية أغوب كيشيشيان أن الرياضة ربح وخسارة «وعلينا أن نخسر لنعود إلى نغمة الفوز»، مشيراً إلى أن النادي قد أسس أكاديمية لكرة القدم سيعوّل عليها في المستقبل انطلاقاً من مقولة «العقل السليم في الجسم السليم»، مردفاً «لا تهمنا الكؤوس والميداليات بقدر الاعتناء بالأجيال وإبعادها عن الموبقات وما أكثرها».
وشرح كيشيشيان ظروف هبوط الفريق البرتقالي إلى الدرجة الثالثة «لم نصرف مبالغ كبيرة على كرة القدم، وقد تحوّل الاهتمام إلى الألعاب التي تمارس داخل القاعات، إضافة إلى أن تجربة فترة التسعينيات لم تكن مشجعة لنا في الاستمرار تحت الأضواء لكوننا لم نحصد أي لقب، كما وزعنا اهتماماتنا على فروعنا الثمانية (بيروت، طرابلس، جونية، برج حمود، عنجر، زحلة، البوشرية والجديدة) وسيستفاد مستقبلاً من هذه الفروع بهدف إعادة الفريق إلى الثانية». واستبعد كيشيشيان العودة إلى الدرجة الأولى في المرحلة اللاحقة نظراً إلى الظروف التعيسة التي تمر بها اللعبة «لن نصرف كثيراً من المال ما دام المستوى العام ضعيفاً».
وعن غياب المموّلين للنادي، رأى كيشيشيان أن هومنتمن لم يعتمد طوال تاريخه على أي مموّل، بل كان يعتمد على الاشتراكات والهبات والإعلانات والنشاطات التمويلية، التي تصرف على جميع الرياضات، مؤكداً البقاء على هذه السياسة المادية، مشيراً الى أن حزب الطاشناق لم ولن يتدخل مباشرة في عمل الجمعية.
ورأى رئيس لجنة الكرة في النادي سركيس واجه بديان (الصورة 2) أن الهبوط حصل تدريجاً، حيث حل الفريق ثالثاً في المجموعة الأولى في الموسم السابق، ولم تكن التحضيرات كافية في وقت كان فيه الفريق المواكب يرى أن الأمور تسير على ما يرام. وأضاف «لم نتوقع أن تقوم الأندية الأخرى بهذه التحضيرات، واكتشفنا بعد فوات الأوان أن حساباتنا كانت خاطئة». وشدد «ساكو» على ضرورة العودة بالفريق الى الدرجة الثانية في أقرب فرصة، وعلى أن الوجود في الدرجة الثالثة سيعطينا زخماً للارتقاء مجدداً مع بدء العمل على تشكيل فريق قوي من خلال لجان جديدة مع الاستعانة بما ستنتجه الأكاديمية التي انطلقت والتي سيعلن عنها رسمياً قريباً، حيث تسجّل فيها 110 لاعبين سيعوّل عليهم في المستقبل.
وامتعض واجه بديان من حال كرة القدم اللبنانية عموماً واستياءه لغياب الجمهور والإعلانات، ما يجعل الصناديق فارغة.

هومنمن: عقم مادي

حمل القطب الأرمني هومنمن لقب البطولة أربع مرات (أعوام 45 و54 و57 و61)، وكان علماً منافسا أغنى الملاعب والمنتخبات بأسماء بارزة، أمثال باديك وساميك في السبعينيات، وبابكين ماليكيان وكيفورك وكوركين وفيتالي لاحقاً، واللائحة طويلة. ولم يترك هومنمن غريمه وحيداً، بل رافقه في «الطلعات» و«النزلات» بين الأولى والثانية وحتى إلى الثالثة كأنه يقول له «وراك وراك». ويرعى النادي الأحمر حزب الهنشاك.
ونوّه نائب الهنشاك سيبوه قالبكيان (الصورة 1) بعمل إدارة هومنمن وجهودها للاستمرار في الدرجتين الأولى وبعدها الثانية، عازياً أسباب الهبوط إلى الإمكانات المحدودة وخصوصاً مع قرار غياب الجمهور الذي أثّر سلباً على اللعبة ككل.
وتساءل النائب قالبكيان «إلى متى ستستمر الأندية بدون مداخيل، ولماذا لا يوجد اهتمام حكومي بوضع الشباب والرياضة؟»، موضحاً أن الإدارة كانت تصرف سنوياً بين 50 و60 ألف دولار، وباتت اللعبة محتاجة أكثر لكي تستمر (مصاريف لاعبين وأجانب وتجهيزات)، فيما المتوافر في النادي حالياً لم يعد يكفي، ليؤكد بحسرة «لا جدوى حالياً من البقاء لعدم وجود مردود معنوي». ودعا النائب قالبكيان اتحاد اللعبة لوقف النشاط لأنه بعد سقوط هومنمن وهومنتمن ستمتد الأزمة على أندية أخرى لغياب الجمهور والإعلانات والتسويق وسوء الملاعب والأمن، ورأى أن غياب الجمهور قد يستمر لخمس سنوات بسبب ظروف البلد.
وعن المرحلة الآتية، كشف رئيس النادي ميساك نجاريان أن الهم الأساسي اليوم هو إعادة الفريق إلى الدرجة الثانية، رغم ضآلة الإمكانات، كما شرح صعوبات الموسم الأخير المادية لأن عودة الجمهور تحتاج الى قرار حكومي. وسأل «هل نلعب للمدرجات الخالية؟»، وأضاف إن مرجعيات جمعية هومنمن والسياسيين الأرمن غير مهتمين بكرة القدم و«مش فرقانة معهم الفوتبول» ما دام وضع كرتنا مزرياً والإعلانات غائبة.

الشبيبة: كان زمان


امتعاض من حال اللعبة واستياء لغياب الجمهور والإعلانات والصناديق الفارغة
تأسس نادي الشبيبة المزرعة عام 1938، وارتقى منصة التتويج عام 1967، بعد 25 عاماً على صعوده الى الدرجة الأولى، وكان رائد المشاركات الخارجية. سطع نجمه قبل الحرب الأهلية، وبعد عام 1990 خفت هذا البريق وعانى الشبيبة الأمرّين قبل أن يسقط الى الدرجة الثانية عام 1997، وبعدها غاب في مجاهل الثالثة فالرابعة، ليعود الى الثالثة... وكأن في الأمر إنجازاً؟!
وعزا عراب النادي عبدو منيّر تقهقر الفريق الى ظروف الحرب الأهلية، حيث كان هناك اتحادان: «شرقية وغربية»، وقد تقوقعت النوادي مذهبياً وطائفياً ومناطقياً، وأردف «صعدنا الى الأولى موسم 91-92 وكان هناك تمويل من روبير دباس، إضافة الى وقف الروم بهمة طوني خوري والمحبين، وعدنا الى الأضواء موسم 96-97 حيث لم تكن الإدارة حينها مهتمة كما يجب لتأمين الدعم والمساعدات، ثم انهارت الأوضاع الداخلية باستقالة الرئيس إيلي بدران، واستمرت الأزمة الى أن هبطنا الى الثانية، فالثالثة والرابعة، وبدعم من المخلصين وبعض السياسيين، كنا قريبين هذا الموسم من العودة الى الثانية لولا «التلاعب» الموجود بسبب التواطؤ المذهبي السائد والمنعكس تماماً على اللعبة». ويعتقد منيّر أن العمل في الموسم المقبل سيكون مختلفاً في إعداد الفريق وتأمين المال ونشاطات تدرّ المساعدات، بدءاً من الشهر المقبل للارتقاء مجدداً.
وفي الذكريات الأليمة أيضا، تحوي لائحة الدرجة الثالثة حالياً نواد عريقة كالتضامن بيروت والرياضة والأدب، واستقبلت الرابعة أخيراً البرج بطل كأس لبنان 93، والسبب العام واضح وهو الشحّ المادي وغياب الدعم والرعاية... فإلى أين تنحدر العراقة الكروية وإلى متى؟


تثبيت فوز المودة؟!

ألّف الاتحاد اللبناني لكرة القدم لجنة تحقيق من ريمون سمعان (الصورة) وموسى مكي وجهاد الشحف مهمّتها التحقيق في ظروف مباراة المحبة والمودة الطرابلسيين ووقائعها، بناءً على كتابين من الناديين المتضررين، إلّا أن نتيجة التحقيق بحسب أحد المعنيين لم تُفضِ إلى نتيجة، وبالتالي سيجري تثبيت النتيجة بفوز المودة 3 ــ 1.