strong>علي صفا... وكأنّ مونديال الكرة قد بدأ فعلاً مع دور الـ16، حيث فجّر الألمان والأرجنتينيّون غضب هجومهم على الإنكليز والمكسيكيّين، واخترقت غانا والأورغواي حدود الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. أمّا الدور الأول، فكان مجرد اختبارات أسقطت أسماءً مهترئة أمام الأفعال... سقطت فرنسا ريمون دومينيك، وكشف «ديكها» عن خلافات وفضائح شوّهت سمعة البلاد. و«هرّت» إيطاليا مارتشيلو ليبي فسقط لقبها على رؤوس الجميع كقطعة بيتزا عفنة. وخرج إنكليز فابيو كابيللو على «أربع» مذلّة، حاملين هدفاً لم يُحتسب لهم، كأنه تعويض للألمان عن هدف ظالم في مونديال 1966... والبادئ أظلم. خلال 50 مباراة في 17 يوماً، سجلت كرة الـ«جابولاني» قضايا وأرقاماً نقتطف منها هذه الباقة بأشواكها..
فنيّاً، عاد الألماني فوق الجميع، حركةً وهجوماً وأهدافاً، وبدأ الحديث عن منافسيه على اللقب (البرازيل، هولندا، إسبانيا، الأرجنتين...). الأرجنتيني تجاوز المكسيكي الحيوي بأهدافٍ ثلاثة، أولها تسلّل وثانيها خطأ دفاعي وثالث بمهارة فردية من تيفيز. ومارادونا السعيد يدرك أن مهمته المقبلة، يوم 3 تموز، أمام الألماني، ستكون صعبة جداً.
وبنظرة أوّليّة يحوم اللقب بين الأوروبي واللاتيني، ويمكن غانا أو اليابان زيارة نصف النهائي في طريقهما أمام الأورغواي والباراغواي.
شهدت مباراتا الأحد هدفين بخطأين فاضحين في إنكلترا والمكسيك، يطرحان ضرورة فرض حكمين إضافيّين خلف المرميين، أو استخدام التكنولوجيا المساعِدة. والغريب، لماذا توجَّه الحكم الإيطالي روسيتي إلى مساعده وهما يحملان وسيلة اتصال أصلاً، فهل انتظر إشارة من الحكم الرابع؟ مشكلة ستطيح الطاقم كلّه! نالت منتخبات أفريقية أكبر عدد من البطاقات الحمراء بأخطاء غبية، فكرّست عقلية عدم «الانضباط». والأفارقة ينقصهم الانضباط لينافسوا الجميع قريباً.
من آسيا وأفريقيا، تأهلت للدور الثاني المنتخبات الثلاثة (اليابان، كوريا الجنوبية، غانا) بلاعبيها الأقل احترافاً في الخارج، فيما سقطت المنتخبات الأكثر احترافاً (الكاميرون، ساحل العاج، نيجيريا). ليس بالمال والاحتراف وحده تحيا المنتخبات.
أين الأسماء دروغبا، إيتو، ريبيري، تيري... وحتى روني المظلوم، انطفأت أمام أوزيل، خضيرة، سواريز، إيلانو، هرنانديز، زياني، مبولحي...؟
كريستيانو رونالدو (صاحب 94 مليون يورو) سدد 5 كرات في 3 مباريات، وسجل هدفاً واحداً ضعيفاً، فأين هو من: أوزيل الألماني، أو هرنانديز المكسيكي، أو سواريز الأورغوياني، أو جيان الغاني، حتى لا نقول فابيانو أو هيغواين وفيا... أو ميسي.
ميسي الكبير يواصل كسر الحصار، ويقدّم إلى رفاقه مواد إغاثة الأهداف، مسدّداً أكبر عدد من صواريخه ولو على خشبات الخصوم. ميسي «مسّيا» يعني المخلّص، وهو بطل هذا الدور المخلص.
أما كرة «جابولاني»، فقد «جابت آخرة» بعض حرّاس المرمى، لأنهم لم

هل جماهير العالم مجبرة على تحمّل «ثقافة الإزعاج»؟
يتمرّنوا عليها جيداً، ولم يحترموها، ولم يغازلوها، فانتقمت منهم، وفرّت من أيديهم. مَن قال إنّ الكرة تحبّ الحراس؟
أبواق «الفوفوزيلا» هي من ثقافة البلد قال بلاتر وآخرون، ولكن هل جماهير العالم مجبرة على تحمّل «ثقافة الإزعاج»؟
وهناك إزعاج آخر يخدش شاشات «الجزيرة» الناقلة بنجاح: متى يتخلّص بعض مقدمي حلقاتها من طرح أسئلة مرتجلة طويلة بنكهة «التشاطر» على الضيوف المحترمين، والتخلص من موجة التلعثم (آآآ) بين كل كلمة وأخرى، وختامها برسم ابتسامة مصطنعة بشعة؟!
وفي التعليق أيضاً، عبارات غريبة مثل «الكرة موجودة وملعوبة الآن»، و«خذوا هذا المدرب يا جماعة الخليج» و«ابقوا معنا ولا تذهبوا بعيداً»، وآخر كلام متواصل وثرثرة وطرح معلومات تاريخية على حساب مسار اللعبة؟ أليس من مراجع تُفهِم هؤلاء، أم أن نجوميّتهم تمنع؟
عموماً، دخل المونديال مراحله الحاسمة، بين كرة أوروبا العجوز مع صمود ألمانيا وإسبانيا وهولندا، ونهضة الكرة اللاتينية، وصعود غانا ـــــ برازيل أفريقيا... وتبقى المتعة مستمرة.