يخوض قائد منتخب لبنان السابق، فيصل عنتر، آخر مباراة له اليوم، ليختتم مشواره الكروي بعد 15 عاماً قضاها في الملاعب اللبنانية، وليفتح صفحة جديدة في سيراليون حيث سيشرف على «البزنس» الذي أسسه شقيقه رضا
عبد القادر سعد
11حزيران 2010. في هذا اليوم ستودّع الملاعب اللبنانية واحداً من أفضل اللاعبين فناً وأخلاقاً، حين يحتضن ملعب صور البلدي اليوم عند الساعة 17.00، مباراة اعتزال النجم فيصل عنتر الذي سيختتم مسيرة 15 عاماً قضاها بين التضامن ــ صور وأولمبيك والنجمة والمبرة ومنتخب لبنان، وأحرز لقب بطولة لبنان مع التضامن (ألغيت مفاعيل الدوري في ما بعد) ومع أولمبيك، إضافة إلى إحراز كأس لبنان مع التضامن وأولمبيك والمبرة، وكأس النخبة مع النجمة. وسيشارك عنتر نجوم الكرة اللبنانية في حفل كبير. اعتزال عن عمر يناهز 32 عاماً، يُعَدّ غريباً بعض الشيء، لكن في لبنان كل شيء وارد، وخصوصاً بسبب «ظروف كرة القدم اللبنانية وأوضاع البلد وضغط المعيشة» كما يقول عنتر في حديث مع «الأخبار».
من سيراليون إلى صور المسافة طويلة، لكن الأخوين عنتر فيصل ورضا قطعاها ليكون عام 1995 عام الانطلاق لهما. البداية كانت مع التضامن، والختام كان في التضامن. هذا الفريق الذي يراه فيصل عنتر أكثر من بيت له، وهو سعيد لأنه سيختتم مشواره من النادي والملعب اللذين انطلق منهما.
أربعة أندية مر بها فيصل. تجارب خبر فيها النجم اللبناني الحلو والمر، فهو يرى أن أجمل السنين كانت في التضامن في التسعينيات مع الجمهور الكبير والإنجازات والجيل الذهبي والإحساس بحلاوة الفوز. لكن الوضع اختلف في الأولمبيك حيث الميزة الأساسية كانت الراحة المادية في أول ستة أشهر قبل أن ينقلب الوضع وتتحول الفترة الباقية (سنة ونصف) إلى معاناة وخسارة مادية. ويشير عنتر إلى خسارته لتجربة احترافية مع نادي فرانكفورت الألماني «بعد طلب أولمبيك مبلغ 350 ألف يورو مقابل انتقالي وهو ما أفشل المفاوضات، علماً بأنني كنت سأسافر بعد يومين قبل أن يبلغني مدير أعمالي أن الناديين لم يتفقا. وحينها لم يكن هناك أحد تستطيع مراجعته في أولمبيك، فشفيق طاهر هو المسؤول، لكنه لا يستطيع أن يقرر، وطه قليلات غائب عن السمع».
وبعد أولمبيك، جاءت مرحلة النجمة، حيث كانت التجربة «حلوة ومش حلوة». إذ إن السنة الأولى كانت ممتازة قبل أن تسوء الأوضاع في السنة الثانية، وخصوصاً مع مجيء المدرب الجزائري محمود قندوز، إضافة إلى إصابتي وسفري إلى ألمانيا للعلاج على نفقتي الخاصة.
«وأحسست بهذه الفترة بعدم احترام لشخص فيصل عنتر، وخصوصاً مع ابتعاد أبو علي العدو الذي كان وراء قدومي إلى النجمة، لأنتقل بعدها إلى المبرة موقعاً براءة ذمة أني قبضت جميع مستحقاتي... التي لم أقبضها فعلياً». قلة الاحترام أبعدت قائد التضامن عن منتخب لبنان أيضاً بعدما لعب معه 11 عاماً وحمل شارة القائد 3 سنوات.
مرحلة المبرة كانت ممتازة نتيجة الاحترام الذي لقيه، إضافة إلى التعاطي الجيد من الإداراة التي كانت بمثابة الأخ مع أخيه، لكن المشوار انتهى بعدما «تحدثت مع المدرب غسان الأحمد الذي شرح لي رؤيته للموسم الجديد وأنني لست جزءاً منها، ليساعدني على الحصول على استغنائي والانتقال إلى التضامن. وكان الموسم جيداً مع التضامن، حتى كان بالإمكان احتلال مركز أفضل (أنهى الموسم سابعاً) لكن حالة من الارتخاء أصابت اللاعبين بعدما ضمنوا البقاء في الدرجة الأولى».
ولا يشعر عنتر بالحزن لاعتزاله كرة القدم، نظراً لأنه توقف عن اللعب وهو يقدم أداءً جيداً، بدلاً من الاعتزال بعد أن يكون قد استنزف «ولو عاد الزمن إلى الوراء لكررت التجربة ذاتها».
ويعود الحديث من النقطة التي انطلق منها، أي المستوى المتراجع لكرة القدم اللبنانية الذي يتحمل مسؤوليته الجميع، فالجمهور غائب، والدعم المادي يتراجع، والإدارة سيئة والمنتخب يتأخر.
وعن أجمل اللحظات التي عاشها، يفكر عنتر قليلاً قبل أن يقول: «مسيرتي مع التضامن ومباراة منتخب لبنان وكازاخستان في تايلاند ضمن كأس الألعاب الآسيوية عام 1998، التي فاز فيها لبنان 3ـ0. ومحلياً الفوز على الأنصار ذهاباً وإياباً عام 2001، إضافة إلى الفوز على النجمة على الملعب البلدي في الموسم عينه». أما أسوأ اللحظات، فهي عند الخسارة بنتيجة كبيرة، إذ يشعر اللاعب كأنه في كابوس بالضياع لعدة أيام.
وحين تسأله عن اسم شخص واحد يذكره بإيجاب خلال مسيرته، يرد سريعاً: علي أحمد في كرة القدم، أما في مجمل حياته فالمرحوم فيليب بسمة الذي يعود إليه الفضل في كل ما وصل إليه الأخوان عنتر، إذ نقلهما من «الأرض إلى السماء». أما أسوأ الأشخاص، فيرد سريعاً أيضاً: إدارة نادي النجمة السابقة أيام فرشوخ.


فضل المرحوم فيليب والعودة إلى سيراليون

تتغيّر ملامح فيصل عنتر حين يتحدث عن المرحوم فيليب بسمة. فهو يرى أن شخصاً، مليونيراً، لا يمتّ بصلة قرابة للأخوين عنتر، جاء واحتضنهما وأدخلهما إلى بيته ليقلب حياتهما رأساً على عقب بعدما جاءا من سيراليون إلى صور في عام 1995. فهو نقلهما من بيت إلى فيلا «آكلين شاربين نايمين» ومن بيئة إلى بيئة أفضل بكثير «ليساعدنا 90% من حياتنا».
وتزوّج فيصل ابنة بسمة في عام 2003، وأصبح لديه ابنتان ليندا (6 سنوات) وسيلين (سنتان ونصف)، وهو سيتركهما مؤقتاً ليسافر إلى سيراليون كي يتابع أعمال شقيقه رضا الذي عرض على فيصل أن يسافر إلى هناك ويساعده، لأن رضا لا يستطيع أن يترك كرة القدم. لكن رضا لم يجبر فيصل على هذه الخطوة، بل ترك له حرية الاختيار، فاختار فيصل السفر على البقاء في الملاعب اللبنانية، رغم أنه تلقى عرضاً من المبرة، إضافة إلى رغبة التضامن بالبقاء معهم. لكن فيصل فكّر في مستقبله واختار أن ينهي مسيرته اليوم بمهرجان كبير يليق بمسيرة لاعب النجومية والأخلاق الرفيعة.