لا، لم يتغيّر شيء». هذا هو العنوان الذي خرجت به صحيفة «ليكيب» الفرنسية الشهيرة بعد دقائق قليلة على نهاية مباراة المنتخب الوطني امام نظيره البيلاروسي (0- 1)، لترثي «الديوك» الذين يبدو انهم فقدوا القدرة على الصياح عالياً
شربل كريّم
كلّ شيء كان حاضراً ومثالياً ليبدأ المدرب لوران بلان ما سميّ «الثورة البيضاء» (نسبة الى شهرة المدرب التي تعني بالفرنسية اللون الابيض)، الهادفة الى اعادة الصورة الطيّبة التي عرفها العالم عن منتخب فرنسا لكرة القدم منذ اواخر تسعينيات القرن الماضي وامتداداً الى الالفية الجديدة.
في تلك الأمسية استقبل الرئيس نيكولا ساركوزي ووزيرة الرياضة روزلين باشلو والجمهور الفرنسي المحتشد في «ستاد دو فرانس»، المدرب ولاعبيه بالتصفيق الحار، وكانت الابتسامات على وجوه الجميع خلال فترة التحمية، كأن تلك الغيمة القاتمة التي أرخت بظلالها على المنتخب الازرق خلال مونديال 2010 مرّت الى غير رجعة.
من هنا، لم يكن أشدّ المتشائمين يتوقّع الهزيمة امام منتخبٍ عادي في مستهل التصفيات المؤهلة الى كأس اوروبا 2012، وفي اول مباراةٍ للمدرب الجديد في قلب العاصمة الفرنسية. لكن ليلة بلان اضحت سوداء في الدقيقة 86 من عمر اللقاء، عندما نجح سيرغي كيسيلياك في تسجيل هدفٍ صاعق بدا فيه الفرنسيون كأنهم لم يخرجوا من كابوس المدرب السابق ريمون دومينيك الذي عاث فوضى رهيبة منذ وصوله الى سدة التدريب، حتى تركها بعد المونديال الافريقي.
لا تناغم بين الخطوط الثلاثة عند الفرنسيين
وحده بلان ربما كان قد قرأ المرحلة او الخطوات الاولى قبل انغماسه فيها، إذ يذكر الجميع انه اشار بوضوح الى استقالته من منصبه إذا فشل منتخبه في التأهل الى نهائيات البطولة القارية. وربما جاء هذا التصريح وقتذاك استناداً الى عدم ثقة المدرب بامكانيات العناصر التي استدعاها، والتي بطبيعة الحال ستحتاج الى مباريات كثيرة للارتقاء في خبرتها الى مستوى النجوم السابقين، امثال تييري هنري ودافيد تريزيغيه وكلود ماكيليلي وغيرهم. وهنا الحديث عن امثال جيريمي مينيز وعادل الرامي ويان مفيلا ولويك ريمي وكيفن غاميرو وغييوم هوارو، الذين اصبحوا فجأة عماد تشكيلة بلان بعد «الغربلة» التي حصلت على خلفية الاحداث المونديالية، حيث أبعد بعض عناصر الحرس القديم عمداً أو بسبب عقوبات الايقاف التي صدرت بعدها عن الاتحاد الفرنسي.
من دون شك لا يمكن الحكم على أداء بلان ومجموعته من التجربة الأولى، وهم الذين سيواجهون مباريات اصعب في الفترة المقبلة، أولاها غداً امام منتخب البوسنة والهرسك المتطوّر، ثم في فترة لاحقة منتخب رومانيا المزعج. لكن يفترض التوقّف عند بعض نقاط الضعف التي ظهرت على أداء الفرنسيين، الذين ظهروا انهم بحاجةٍ الى الكثير من العمل في مرحلة اعادة البناء، وخصوصاً لناحية إيجاد وصل بين الخطوط الثلاثة التي لم تكن متناغمة كما هو المطلوب.
خط الدفاع لم يكن تحت ضغطٍ كبير، لكنه رسب عندما فقد الظهير الايسر غايل كليشي تركيزه وعامل المهاجم فياشيسلاف هليب بنعومة، فاخترق الاخير المنطقة ومرّر الكرة الحاسمة الى كيسيلياك. وعموماً، كان الظهيران العيب الوحيد في الدفاع، وخصوصاً ان باكاري سانيا لم يواكب الهجوم بعرضيات متقنة. ومثله كان الجناح الايمن مينيز الذي طاشت تمريراته ولم تجد في طريقها أحداً، رغم انه نشط كثيراً على غرار نظيره فلوران مالودا. ومشكلة هذا الخط كانت افتقاده صانع ألعاب صرفاً على صورة الغائب يوان غوركوف. أما خط الهجوم الذي سيستعيد كريم بنزيما ضد البوسنة فقد سقط في فخ افتقار هوارو وريمي وغاميرو الى الخبرة المطلوبة لفكّ تكتل منتخب بيلاروسيا الذي قَدِم آملاً الحصول على نقطة فخرج بثلاث.
فرنسا في وضعٍ محرج باكراً، والدليل التشاؤم الذي طغى على تحليلات الصحف المحلية التي، كالكثيرين في البلاد، لا ترى مستقبلاً باهراً لكرتها التي يمثّل نجومها مكامن القوة في فرقهم، لكن ليس في المنتخب الوطني!


الموهبة مفقودة

رأى الدولي السابق إيمانويل بوتي أن منتخب فرنسا لعب أمام بيلاروسيا بطريقة أكاديمية ومن دون إبداع عفوي، والأهم أنه افتقر إلى الموهبة، إذ لا يوجد بين عناصره من يمكنه إحداث الفارق

افتقار الى القِيَم

أشار مدرب حراس المرمى فابيان بارتيز الى أن اللاعبين الحاليين يفتقرون الى العقلية الناضجة التي كانت سمة الجيل الذهبي لفرنسا، كما لا يتمتعون بالقِيَم التي طبعت تصرفات زين الدين زيدان ورفاقه


أبو ديابي نسي النشيد الوطني!

طلب لوران بلان من لاعبيه التلفّظ بكلمات النشيد الوطني الفرنسي خلال عزف لحنه قبل المباراة مع بيلاروسيا، وقد التزم الجميع بهذا الأمر ما عدا لاعب الوسط أبو ديابي الذي قيل إن ذاكرته خانته ونسي الكلمات