الألماني ميروسلاف كلوزه هو من اللاعبين القلائل جداً الذين استطاعوا أن يصنعوا أسطورتهم في الملاعب بعيداً من الشهرة والأضواء، وها هو اللاعب الذي لا يشيخ يواصل إبداعه في تصفيات كأس أوروبا 2012 بعد تألقه في مونديال 2010
حسن زين الدين
ميروسلاف كلوزه. هذا النجم الذي لا يكلّ ولا يمل من زيارة الشباك. ورغم تقدّمه في العمر مع بلوغه سن الـ32 لا يزال نجم هذا اللاعب يلمع في ملاعب كرة القدم العالمية.
منتصف الأسبوع سجل «ميرو» هدفاً في مرمى كازاخستان. قد لا يبدو الأمر غريباً بطبيعة الحال للاعب امتهن تسجيل الأهداف، لكن الطريقة التي سجل بها هدفه الأخير تجبرك على التوقف طويلاً عند ما يقدمه هذا النجم في الملاعب. ورغم ذلك فإنه لم يلقَ الإنصاف في مسيرته الزاخرة، وظل الإعلام بعيداً عنه على عكس غيره من اللاعبين الذين يكفي قليل من التألق حتى لا تنفك عدسات الكاميرات تطاردهم في أدقّ تفاصيل يومياتهم.
ألمانيا، رغم سيطرتها على اللقاء أمام كازاخستان طولاً وعرضاً، إلا أنها طوال الشوط الأول لم تتمكن من الوصول إلى الشباك عبر تسديدات توماس مولر ومسعود أوزيل ولوكاس بودولسكي ورأسيات سامي خضيرة. ومع انطلاق الشوط الثاني أبى كلوزه إلّا أن يعلّم الجميع كيفية زيارة الشباك، إذ إنه كان بكل بساطة وسلاسة في التوقيت المناسب أمام المرمى متلقياً تمريرة بودولسكي، وبسرعة قياسية استطاع أن يلتف على المدافع الذي يراقبه كظله ويسدد مباشرة في الشباك هدفه السادس في التصفيات بعد هدفيه الأخيرين في مرمى تركيا وقبلهما أمام أذربيجان وقبلها هدفه أمام بلجيكا. إذاً التمركز الجيّد أمام المرمى هو الميزة التي يبدعها كلوزه ويفتقدها كثير من المهاجمين. من هنا، استطاع كلوزه أن يصنع أسطورته الشخصية رغم افتقاره إلى الفنيات العالية، إلا أن نظرته الثاقبة التي لا تبارح الشباك فإنه يستطيع من خلالها أن يقلب كل الأمور رأساً على عقب بلمحة واحدة، وهذا ما فعله بالضبط خلال نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010، وخصوصاً ذاك الهدف الافتتاحي في مرمى إنكلترا عندما سبق المدافعين في غفلة منهم واستطاع أن ينقضّ على الكرة ببراعة ويزرعها في المرمى الإنكليزي، ممهداً الطريق أمام زملائه لتحقيق ذلك النصر التاريخي. ولا يخفى أيضاً أن «ميرو» انطبقت عليه صفة الهداف عبر الكرات الرأسية، لكن اللاعب أثبت من دون أدنى شك براعته في استخدام قدميه، ما أوصله إلى أن يسجل 14 هدفاً في 3 مونديالات، متخطياً عمالقة في اللعبة كالبرازيلي بيليه ومواطنه الفذّ غيرد مولر، وليكون على بعد خطوة من معادلة رقم البرازيلي رونالدو، وهو ما يبدو ممكناً وحتى أكثر من ذلك تخطيه إذا ما واصل اللاعب النسج على المنوال ذاته والمحافظة قبل كل شيء على لياقته البدنية، وهو أمر ليس بالعسير أمام لاعب ألماني كما عودنا التاريخ.
إذاً، لا يمكن حالياً، وحتى ربما في تاريخ لعبة كرة القدم، تشبيه كلوزه بأي من أترابه في خط الهجوم، فاللاعب تمكن من صنع شهرته بنفسه. آتياً من خلف الأضواء كلاعب في صفوف كايزرسلاوترن، استطاع هذا اللاعب أن يكتب التاريخ، ولا يزال مستمراً في ذلك، وما وصوله إلى هدفه الدولي الرقم 58 في 105 مباريات مع «المانشافت» سوى تسجيد صريح لهذه الأسطورة.
قد لا تكفي هذه الكلمات نجماً بمقدار كلوزه، إلا أنه يمكن اختصار مسيرته باعتباره نموذجاً فريداً من نوعه.


الإصابات لم ترحم «ميرو» ورفاقه

انضم ميروسلاف كلوزه إلى قائمة المصابين في ناديه بايرن ميونيخ الألماني، بعد تعرضه لتمزق في أنسجة عضلة الساق، في المباراة أمام كازاخستان، وسيغيب بسببها عن الملاعب لمدة 10 أيام. يذكر أن الهولندي مارك فان بومل زميل كلوزه، أصيب أيضاً في ركبته اليسرى، وسيبتعد أيضاً عشرة أيام عن الملاعب، كذلك سيغيب الكرواتي إيفيكا أوليتش عن المباراة أمام هانوفر لإصابته في أنفه.