«صفصاف الخابور» تحيي «المنقلة»

  • 0
  • ض
  • ض
«صفصاف الخابور» تحيي «المنقلة»

يركّز رمضان العلي، تفكيره مع خصمه، أثناء خوضه مباراة في لعبة «المنقلة». أقيمت المباراة في صالة المركز الثقافي في مدينة الحسكة، ضمن نهائي بطولة أحياء المدينة للّعبة الشعبية، بتنظيم من «جمعية صفصاف الخابور الثقافية». برغم التركيز العالي، يفشل رمضان في تسجيل أي نقطة ضد خصمه، بعد مرور أكثر من ساعة على بداية المباراة، ما يعكس خبرة عالية لدى الخصمين. يقول رمضان لـ«الأخبار» إنّ «عدم وجود تكافؤ بين الخصمين، يُفقد اللعبة متعتها». ويضيف «اللعبة لا تحتمل الخطأ؛ أي غلط سيعني الخسارة إذا كان خصمك قوياً». على الطاولة المجاورة لطاولة رمضان، ينجح الشاب معد العلي (21 عاماً)، في إنهاء مباراته مع خصمه الذي يكبره بسنوات عديدة. يقول الشاب: «تعلم اللعبة كانت شيئاً مهماً لي، لأنها تشكل حالة من الحفاظ على موروث الآباء والأجداد». ويوضح أنه تعلم اللعبة من والده، واكتشف أنها «مسليّة ومفيدة، وتدرّب الذهن على عمليات حسابية صعبة». يحث معد أقرانه من جيل الشباب على «تعلم اللعبة، والابتعاد عن الألعاب ذات الطابع التكنولوجي، التي لا فائدة منها». تعدّ لعبة «المنقلة» من أقدم الألعاب اللوحية، التي تعتمد على العمليات الحسابية، وتحتاج إلى ذكاء لا يقل عن الذكاء المطلوب في لعبة الشطرنج. تدور اللعبة على لوح خشبي يحوي 14 حفرة، لكل لاعب سبع حفر. يتم توزيع 49 حصاة لكل لاعب، توضع في كل حفرة سبع منها، ويفوز اللاعب الذي يربح العدد الأكبر من الحصى. ورغم الانتشار الكثيف لألعاب الموبايل والكومبيوتر، فإن القائمين على جمعية صفصاف الخابور، اكتشفوا استمرار الحضور الشعبي اللافت للعبة ذات الطابع التراثي، بعد الإعلان عن البطولة. وارتبطت هذه اللعبة في منطقة الجزيرة السورية، بقصص تراثية، يمثل أحد أبطالها الفارس عبد الله الفاضل، الذي تخلت عنه قبيلته بعد أن أصيب بمرض الجدري، فغادرها، ليعمل في صب القهوة في مجلس الأمير العثماني تمر باش. وبحسب الروايات الشعبية فإن الأمير تمر باش كان من هواة اللعبة، وكان مستعداً لدفع أي ثمن، في حال تمكن خصمه من غلبه. عندما غلبه الفاضل، طلب الزواج بابنته، لكن تمر باش رفض ذلك، بسبب عدم التكافؤ الاجتماعي. ويردّد سكان المنطقة أبيات شعر حتى الآن، يقال إن الفاضل وجهها لتمر باش، بعد الواقعة، يقول فيها: «هَلي عز النزيل وعز من كال، ثكال الروز ما هم حجر منكال. إن كان الناس مي هظل من كال، هلي نيسان طم العاليات». يقول الباحث أحمد الحسين، رئيس الجمعية المنظمة لـ«الأخبار» إن «الجمعية حرصت على وجود تفاوت بين أعمار المتنافسين، بهدف نقل الخبرة وتحقيق رسالة التواصل بين الأجيال». ويحدد هدف البطولة، بـ«حفظ التراث والذاكرة الشعبية، في وجه العولمة».

0 تعليق

التعليقات