من يشاهد هذه الصورة، سيعتقد أنه مجرد برّاد عادي يتبع أحد المحال التجارية، لا أكثر. لكنه في الواقع أكثر من ذلك بكثير. هو مكان لوضع تبرعات من يرغب بمساعدة الآخرين، وهو أيضاً، مفتاح أمان لمن مضى عليه النهار وهو جائع، لا يملك ثمن طعامه. هذا البراد موجود حالياً في منطقة جرمانا، قرب العاصمة دمشق، وتحديداً في «ساحة السيوف». يمثل البرّاد مشروعاً خيرياً أطلقه متطوعون حظوا بدعم بلدية منطقتهم. وُضع البراد في مكان بارز، بحيث يكون متاحاً لكل من يرغب بالحصول على الطعام أو تقديمه.

تؤكد صاحبة الفكرة، عبير نادر، أن الموضوع كان يدور في ذهنها منذ زمن، خاصة أن «جرمانا استقبلت الكثير من النازحين، وهي ممتلئة اليوم بالأسر الفقيرة التي فقدت بيوتها ومصادر أرزاقها». كان الدافع الأساسي لفكرة عبير، تأثّرها بقصة تناقلها البعض، بطلتها فتاة قيل إنها انتحرت من فوق جسر الرئيس وسط دمشق، بعدما رفض الجميع إطعامها. آمنت السيدة بضرورة القيام بخطوة لمساعدة المحتاجين، ووجوب ألا يكون الدعم مجرد كلام عابر، ووعوداً عبر «السوشال ميديا»، تنتهي بمرور الأيام. فكّرت نادر بوضع براد في الشارع. بحثت عن أفضل مكان يمكن أن يوضع فيه، ورأت أن «ساحة السيوف» قد تكون الخيار الأفضل. كانت أمامها مَهمة البحث عن مموّلين لشراء البراد، فنشرت عبر «فايسبوك» منشوراً تحدثت فيه عن المشروع، ولاقى صدى جيداً ووعوداً بالدعم. تواصل معها أحد المتبرعين، وأكد رغبته التبرع بكامل ثمن البراد، وهو ما تم الفعل، ليوضع في المكان المنتقى، بعد الحصول على الموافقات من بلدية جرمانا. توضح عبير أن فكرة التبرع تقوم على تقديم الوجبات الغذائية الملفوفة بشكل جيد، أو المعلبات والخبز بحيث يضعها المتبرعون بين أيدي المتطوعين المشرفين على المبادرة خلال أوقات الدوام، وتالياً يتم توزيع التبرعات لكل من يطلب الطعام. تتحدث السيدة عن الإقبال الكبير على دعم المشروع، والمساهمات التي تأتي من الجوار، أو من مناطق بعيدة. لكنها تؤكد، في الوقت نفسه، أن «الحاجة كبيرة، والمشروع يحتاج إلى مزيد من الدعم».