تحوّل حُلم الشابة السورية رؤى حمزة، بالمشي، إلى كابوس مظلم، إثر خطأ طبّي أقعدها، بعد أن تسبّب لها بشلل في الطرفين السفليين. وُلدت رؤى بخلع ولادي بسيط، جعلها مضطرة إلى استخدام العكازات لتستطيع المشي. في السادسة عشرة من عمرها، خضعت الفتاة لعملية جراحية، بغية الاستغناء عن العكازات، لكنّ النتيجة كانت إعاقة حركيّة دائمة، وكرسيّاً متحرّكاً!

عمر رؤى اليوم ستّ وعشرون سنة. لا يزال حلم ركوب الخيل يجول في خاطرها، وتأمل بفرصة ما، قد تُصحّح الخطأ الطبي الفادح الذي لم يُقعدها. إذ نهضت مرة أخرى، لتعاود بناء طموحاتها، فدرست إدارة أعمال، وأوجدت لنفسها نشاطاً إعلامياً استثنائياً، ركّزت فيه على قضايا ذوي الإعاقة. أسّست الشابة برنامجاً يُعنى بقضاياها وقضايا أقرانها، وأطلقت عليه اسم «مفاتيح الهمم»، وبدأت ببثّ الحلقة تلو الأخرى عبر قناتها على موقع «يوتيوب»، بالتعاون مع زميلها ماهر شبانة.
تختبر رؤى أصنافاً من المعاناة غير الجسديّة، تقول «لا توجد ثقافة احترام للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. هناك عنفٌ لفظي ونفسي وجسدي أتعرّض له بشكل يومي ومستمر». تتابع حديثها بنبرة أكثر حدّة وتقول «حين ينادونني بالمعاقة فهذا عُنف، وحين لا أجد وسيلة للصعود إلى الرصيف أو عبور الشارع فهذا عُنف، وحين لا أنال حقي بفرصة عمل بسبب الكرسي المتحرّك، فهذا عنفٌ أيضاً».
تتحدث حمزة بلسان حال آلاف حالات الإعاقة الجسدية الناجمة عن أخطاء طبيّة، ويُضاف إليها أكثر من مليون حالة إعاقة جسدية سبّبتها الحرب الدائرة في البلاد، بحسب أرقام غير رسمية (إحصائيات مشافي ومراكز تأهيل ودعم).
وعلى بعد أيام من «اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة» (3 كانون الأول)، تكرّر رؤى بعض العبارات التي تردّدها في كل اجتماع مع أصدقائها. تقول «كلّ منّا لديه إعاقة ما، فالبدين هو شخص ذو إعاقة، والملول لديه إعاقة مختلفة، وحتى من يحبّ النوم، أو من يتحدث بسرعة، أو من ينسى كثيراً... لكلّ منّا إعاقته التي تمنعه عن فعل شيء ما، الفقير بالمناسبة هو شخص ذو إعاقة مادية».
تشعرُ رؤى بالفخر بما أنجزته حتى الآن، وتحاول أن تصدّر تجربتها إلى أصدقائها، لتكون «شخصاً منتجاً في المجتمع، وليس مجرد مستهلك». تأمل في تأسيس مشروعها الإعلامي الخاص، وأن تكون أول مذيعة سورية على الكرسي. تقول الشابة «ليس مهماً ما هي التسمية التي تُطلق علينا. سمونا ذوي احتياجات خاصة، أو ذوي إعاقة، أو ذوي همم. سمّونا ما شئتم، لكن أعطونا حقوقنا».