عامان قضاهما علي سمرة من حياته كانا أشبه بالموت السريري، فالطلق الناري الذي اختار عنق الشاب العشريني خلال معارك حمص عام 2012، أدى إلى إصابته بشلل رباعي أفقده الحركة بشكل شبه كلي، إلا أن حب الحياة بداخله نقله من الفراش إلى كرسيٍ مدولب، ولعله مستقبلاً يستغني عنه بالإصرار والإرادة.

استطاع علي تحقيق التحرر من أسر الإصابة، إلى حدٍ ما، بالعلاج الفيزيائي الذي ما زال مواظباً عليه منذ سنوات. انتقل الجندي السابق من شخص لا يحرك سوى عينيه، إلى إنسان فاعل أسّس مشروعاً صغيراً لكسب لقمة العيش. تزوج الفتاة التي أحبّها، وأصبحت اليوم شريكته في العمل و«يده اليمنى» في تنفيذ كل متطلبات حياته، ليتناسيا معاً حجم العجز الذي أصابه، وقد يرافقه كل العمر.
وعن مشروعه الذي بدأه في منزله الريفي في قرية بقراقة التابعة لمنطقة مصياف في ريف حماة، يقول علي: «أصنع المنتجات الغذائية المنزلية بمساعدة زوجتي، وأعتمد بشكل أساسي على تصنيع التين المجفف الذي تشتهر به قريتي، إضافة إلى البهارات والمخللات وغيرها. أُنتج حسب التواصي، وأحاول المشاركة في أي معرض أو بازار أو مهرجان لأزيد من فرص بيع منتجاتي». يعاني علي من مشكلة التسويق، فتصريف منتجاته في القرية قليلٌ، رغم التعاطف المعنوي معه من قبل الأهالي، ذلك التعاطف الذي «يتحول أحياناً إلى شفقة لا تُقدم ولا تؤخر» بحسب رأيه.
يسعى سمرة لزيادة الإنتاج وتوسيع مشروعه من خلال الأفكار التي تخطر بباله لتنويع الأشكال والنكهات التي يصنعها، لكنه يحتاج إلى مكان يعرض فيه بضاعته لتصريفها بشكل أفضل. يفكر الرجل حالياً في التقدم للحصول على أحد قروض المشاريع الريفية التي تمنحها «وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل» لجرحى الجيش، سعياً «لتحسين وضعه المادي والصحي والنفسي». يقول علي «عودتي إلى سوق العمل، وزواجي، أخرجاني من مرحلة الاكتئاب والنقمة التي دخلت فيها مع بداية إصابتي». ينام الشاب، وحلم المشي على قدمين سليمتين يرافقه كل ليلة، فما زال أمامه الكثير من الأماني لتحقيقها.