بين أزقّة حي «الأمين» في حارات دمشق القديمة، يقع «بيت فيروز». على جدرانه صورٌ متقابلة للفنانة الكبيرة، وابنها زياد الرّحباني. تعكس التفاصيل، واللوحاتُ المصفوفة بـ«عشوائية منظمة»، شيئاً من شخصية فايزة الحلبي، صاحبة مرسم «بيت فيروز».

تجلس فايزة على كرسي خشبي إلى جانب عتادها من ريش رسم ومازج ألوان، وتسمع صدى صوت فيروز متناغماً مع صرير ريشتها، وهي ترسم وجهاً لسيدة تبرز ملامح الانتظار فيه. «بيت فيروز كان حلماً وأصبح واقعاً. هو مرسمي الخاص، وجزء من بيتي»، تقول لـ«الأخبار». تصمت السيدة التي لا تشي ملامح وجهها ببلوغها عقدها الخامس، لحظات، ثم تستأنف حديثها، «مرت ثلاث سنوات منذ أنشأت المرسم. كان هناك بعض الصعوبات العائلية والاجتماعية، لكنها مرّت بعد أن أحب الناس فكرة المرسم، وصار بعض الأصدقاء يرسلون أولادهم لتعلّم الرسم هنا». وتضيف «الرسم لعب، وفي الوقت نفسه تنمية موهبة للأطفال. بيت فيروز أصبح بيتاً ومرسماً، يحتضن الأطفال الرسامين بمختلف مراحل الطفولة. يأتي الرسامون الصغار كُل يوم جمعة للرسم، والاستماع إلى أغنيات فيروز». وسط العزلة والهدوء التامّين، تواصل الحلبي الرسم على اللوح. تقول «لأنني من سكان دمشق القديمة، ابتدأت الرسم بالدمشقيات، ثم انتقلت إلى البورتريه، وبعد ذلك إلى المدرسة الواقعية، لكن بألواني الخاصة التي أرى بها دمشق». تجسد لوحات فايزة اليوم الأنثى السورية بكل حالاتها، إبّان الحرب، وبعدها. مع إضافة بعض «لمساتها الخاصة» على حدّ تعبيرها. «متل ما بحب كل أولادي، وكل أغاني فيروز، بحب كل لوحاتي. كل لوحة إلها قصة وحكاية، ومنها ما استوحيته من أغاني فيروز بكل تناقضاتها»، تقول. تطمح فايزة إلى أن يصبح «بيت فيروز» منتدى ثقافياً وتشكيلياً، بالاستفادة من مساحة منزلها الكبير الذي اقتطعت جزءاً منه للمرسم. وتقوم هي، وعدد من أصدقائها الفنانين التشكيليين، بتشجيع المتخرجين وإقامة المعارض لهم بين الفينة والأخرى. «الإبداع لا يتوقف حتى الموت، وعندما يكون الرسم حياة تصبح الحياة رسمتي الخاصة»، تقول مختتمةً حديثها مع «الأخبار».