ياسر صبرا... القبطان الشاعر

  • 0
  • ض
  • ض

«أنا قبطان يحاول أن يتجاوز البوصلة وأخطاءها، وأن يتبع الشمال المغناطيسي لإحساسه بالمكان». هكذا يعرّف ياسر صبرا بنفسه، ويضيف «قبطان يسعى إلى خلق معركة من العاصفةِ، ليكون فارِساً مُكلَّلاً بالغار، ومُنتَشياً بالنَّصر بعد الوصول بسلامٍ إلى أي مرفأ». يعمل صبرا قبطانا بحريّاً بالفعل، وهو في الوقت نفسه شاعر ساخر، كتب عدداً من الأغنيات التي تنتقد الواقعين الاقتصادي والاجتماعي في سوريا. نسأله عن عجينته الشخصية التي يختلط فيها الشعر بالبحر، فيجيبنا: «لا أعرف من سبق الآخر: البحر أم الشعر؟ ومن الذي خلق الآخر بالنسبة لي؟ ربما الشعر خلق البحر ومهَّدَ الطريق إليه، أو ربما البحر هو الذي نقلني إلى الشعر. ما أعرفه أنّ شيئاً بداخلي قد صُقِل بسبب البحر». لا يعتبر الرجل نفسه شاعراً، ويرفض أن يُكنَّى بهذه الصفة، لأن الشاعر بالنسبة إليه قيمة كبيرة جداً. يعتقد أن لديه «محاولاتٍ شعرية» يتمنى أن ينجح فيها، على الأقل أمام نفسه. ومع ذلك يعود ليؤكد أن «البحر إنسانٌ يُجبِرُكَ على أن تكون مثله، ولا وجود لبَحَّار ليس شاعراً، فكل واحدٍ من البحارة بداخله عاشق». ينحدر القبطان ياسر من عائلة بحرية «أباً عن جد»، تعود أصولها إلى جزيرة أرواد. اكتسب علوم البحار بالخبرة والعشق، ونال شهاداته فيها بالمراسلة بعدما أيقن أن «الإنسان تحوَّل إلى مجرَّد CV في أيامنا هذه». نسأل عن الشبه بين مفردات الشعر ولغة البحر، يقول: «سأجيب بمثالٍ حَيٍّ: كنت في البحر الأسود، قبل الغروب بحوالى نصف ساعة، ولم يكن هناك إلا الشمس التي اقتربت من غفوتها، وصوت البحر الذي تشقّه السفينة. وقفت على جانح غرفة القيادة ونظري مثبَّتٌ على صفحة الماء، ولوهلةٍ آمنت أنني سألمح حوريةً تتقافز بجانب الباخرة وتتسابق معها، انصهرت تماماً بالمشهد حتى صار حقيقة». ويضيف «رأيت حورية، ابتسمت لي، لوَّحت لها، كتبت لها ألف قصيدة بدقيقة، أرسلت إلي آلاف القبلات، ثم اختفت مع غياب الشمس، وعندما صحوت لم أعرف إن كنت أنا من خلق المشهد بحسّ شعري، أو أن البحر بعمقه وأسراره هو الذي فرض المشهد، فالتفاصيل كلها انصهرت ببعضها». تغيب هذه اللغة الرومانسية عن الأغنيات الساخرة التي كتبها صبرا، لتحلّ مكانها الكوميديا السوداء، كما في «جاري فايز»، و«شعب 12 فولت»، وكلتاهما من ألحان غابي صهيوني. يقول مثلاً «حالتنا صارت ترللّي/ بطَّلنا نعيش من القلّة/ صرنا شعب ١٢ فولت/ عايش تطفيش وتطنيش/ كاس وسيجارة وتحشيش/ عايش من قلة الموت/ صرنا شعب 12 فولت».

0 تعليق

التعليقات