بابتسامة عريضة ولطف شديد، يُقدم إلياس حداد (18 سنة) العصير الطازج للزبائن، في مقهى فريد من نوعه، يعمل فيه حدّاد، برفقة 20 شاباً وشابة آخرين، جميعهم مصابون بـ«متلازمة داون». وللعام الثاني على التوالي، افتتح مهرجان «الشام بتجمعنا» مقهى «سوسيت»، على أرض حديقة تشرين في دمشق، بهدف دمج المعوّقين مع أقرانهم ورفاقهم من أعمار مختلفة، وذلك من خلال زجّهم في سوق العمل بشكل مؤقت على امتداد شهر كامل، يقوم خلاله هؤلاء الشبان بتسلّم الطلبات، وإعدادها، وتقديم المشروبات الطازجة للزبائن.لا يُخفي إلياس سعادته الغامرة بهذه التجربة، ويقول لـ«الأخبار» بحماسة «أعمل هنا يومياً، من الساعة السادسة مساء حتى العاشرة. أنا مسرور بالزوّار، أُعِدُّ عصير الفواكه وبعض المشروبات الساخنة، وأقدّمها إلى الزبائن». تعمل جمعية «جذور»، التي تنظم الفعالية، على دمج المعوّقين بالمجتمع في شكل فعّال، ومن خلال سوق العمل. ويقول صالح الاسماعيل، المدير التنفيذي للجمعية، «نعمل على الدعم الاجتماعي والنفسي لفئات عديدة متضررة من الحرب، أو مصابة، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة». ويضيف «نسعى عبر هذا المشروع، إلى تأهيل يافعي متلازمة داون، من خلال تدريب مهني مباشر، وإتاحة الفرصة أمامهم كي يمارسوا العمل على أرض الواقع».
يؤكد الاسماعيل أن المشروع هو الأول من نوعه في سوريا والمنطقة، ويقول «ندرب ذوي الاحتياجات الخاصة على مدار العام. تمكنّا في السنة الماضية من دمج ثمانية أشخاص، باشروا العمل في بعض مقاهي دمشق، بموجب عقود عمل رسمية، وبمرتبات شهرية».
كالعادة، تغيب الإحصائيات الرسمية الدقيقة حول أعداد المصابين بمتلازمة داون في سوريا. أفلحت جمعية «جذور» في إحصاء 600 منهم، لكن يوجد الكثيرون أيضاً غير مسجلين، بحسب مسؤولي الجمعيّة.
يتجمع شباب المشروع خلف طاولة كبيرة. ينشغلون بإعداد طلبات الزبائن، ويرافقهم متطوعون من الجمعية، يلعبون معاً، ويتشاركون بعض الأنشطة الترفيهية، مثل الغناء والرقص والمزاح مع الحاضرين، فيما يستعد عبد الحميد خليفة للاحتفاء مع أصدقائه بعيد ميلاد أحد المصابين بمتلازمة داون. يتحلّقون بشكل دائري وهم يغنّون «سنة حلوة يا جميل»، ويقول عبد الحميد «هنا كلّ شيء جميل، وسآتي إلى هذا المقهى كلّ عام».