شهدت محافظة الحسكة حراكاً ثقافيّاً وفنيّاً لافتاً، بالتعاون بين «مديرية الثقافة» و«اتحاد الكتاب العرب». وبرغم خروج معظم المقارّ الثقافية في المحافظة عن سيطرة المؤسسات الحكومية، أقام الجانبان «الملتقى الأول للفن التشكيلي» بمشاركة 30 فناناً تشكيلياً من مختلف مدن المحافظة، عرضوا لوحاتهم وأعمالهم في اثنتين من صالات «المركز الثقافي» في مدينة الحسكة، لأوّل مرّة منذ ثماني سنوات. حمل الملتقى اسم الفنان السوري العالمي عمر حمدي، ابن قرية تل نايف في محافظة الحسكة الملقّب «مالفا» (1951 – 2015)، في رسالة تكريم ووفاء من زملائه التشكيليين، تقديراً لما قدمه للفن السوري.في قاعة المطالعة في «المركز الثقافي»، التي حُوّلت صالة للرسم الحي، يضع الفنان التشكيلي عيسى النهار، اللمسات الأخيرة على لوحة أنجزها، تعبّر عن الحرائق التي طاولت حقول القمح والشعير في المحافظة. يقول النهار، وهو مدير الملتقى، لـ«الأخبار» إن «الحرب أثّرت على كل شيء. كنا نبحث عن أدوات للرسم ولا نحصل عليها، بسبب الحصار البري الذي فرضه الإرهاب على الحسكة». يرى الرجل أن «الملتقى فرصة مهمة لإعادة تجميع القوى، والانطلاق بالفن التشكيلي من جديد، وخاصة أن الحسكة رائدة فيه». فيما يرسم الفنان حبيب عبد القادر، لوحة بألوان فاتحة، تحمل الكثير من التفاؤل. ويؤكد لـ«الأخبار» أن «الفرحة كبيرة بأن الفنانين التشكيليين عادوا للتلاقي من جديد. هذا نصر للفن التشكيلي الذي يُعدّ أحد أوجه الحياة ضد ثقافة الموت التي أريدت للبلاد». يعبر عبد القادر عن ثقته بأن «الفن التشكيلي بدأ يتعافى، ليعود أفضل ممّا كان عليه قبل الحرب». بدورها؛ تبدي الفنانة اليافعة جلنار أكثم الصالح، تفاؤلاً بالمستقبل. وتوضح أن مشاركتها هي الأولى، وأنها تشعر بالفرح والأمل بأن هذا الملتقى سيعطيها دفعاً معنوياً نحو مزيد من الإبداع. تطالب الصالح، بأن «يكون هذا الملتقى فعالية سنوية، لكونه نجح في تسليط الضوء على الفن التشكيلي، وأعطى الفنانين حافزاً لتقديم الأفضل». يرى «مدير ثقافة الحسكة»، محمد الفلاح، في حديث مع «الأخبار» أن «الملتقى الذي استمر لمدة سبعة أيام، كان رسالة بأن التعافي طاول كل المناحي الفنية والثقافية في المحافظة، رغم الظروف التي تعيشها». يوضح الفلاح، أن «فعاليات الملتقى تنوعت، ما بين المعارض والمحاضرات والندوات وورشات الرسم الحي، لإفساح المجال لمشاركة أكبر عدد ممكن من الفنانين»، ويؤكد أن «الملتقى هو باكورة لمزيد من الأنشطة التي ستعيد كامل النشاط للفن التشكيلي».