الاسم: صفرالجنسيّة: سوري
العلامة الفارقة: أكبر من الصفر العادي، لعلّ الأصحّ: أصغر؟ فلنقل «أشدّ صفريّة»، وخلصنا.
يفرّق العلم بين الصّفر الرياضي، والصفر الفيزيائي. الأخير هو «الصّفر المطلق»، تساوي قيمته في عالم الدرجات الحراريّة 273.15 درجة مئويّة تحت الصّفر، ويُجمع معظم العلماء على أنّ الوصول إليه مستحيل. هل درسوا الصّفر السوري قبل أن يُصدروا حكمهم؟ عليكَ أحياناً أن تصدّق الواقع أكثر من العلم. في دردشة تدور بين مجموعة من «سوريّي الداخل والخارج» عبر أحد تطبيقات التواصل، تُعرب صديقةٌ تسكن بلاد الثّلج عن ضيقها، واشتياقها إلى «بلاد الشّمس». ترسل صورة للثلوج المتراكمة حول بيتها، وتقول «شوفوا هالصباح اللي فقت عليه»، فتردّ صديقة من قاطني دمشق: «أنا اليوم فقت ع صوت سيارة الغاز». يتدخّل صديق يعيش في بلاد باردة بدوره، لكنه يحاول التفكير بعقل بارد، ويقول: «شباب حدا من صوبكم يورجيها بلاد الشمس والغاز والمازوت، بركي تبطل تنق». يسارع صديق آخر بإرسال صورة فوريّة له داخل المنزل، وقد ارتدى معطفاً سميكاً وقبّعتين، ويكتب «100 حرام و100 غطا، وننام بالجواكيت». تستغرب الصديقة ساكنة بلاد الثلج هذه المبالغة، فهي وزوجها يرتديان الملابس الصيفيّة داخل المنزل. يبسط الصديق المتدثّر نظريته الواقعيّة «لا غاز ولا مازوت ولا كهرباء، لا توجد أي وسيلة تدفئة. ما يعني أن درجة الحرارة 4 أو 5 ستكون أشدّ برودة من الدرجة ناقص خمسين في بيوت مدفّأة يرتدي سكّانها الشورتات». والصفر السوري ليس حكراً على الجوانب الحراريّة فحسب، ها هي معظم شعوب الأرض تجهد لتحسين أوضاعها مهما تحسّنت، وتسعى إلى الابتعاد عن الصفر أكثر فأكثر، فيما يحلم السوريّون بيومٍ يعودون فيه إلى نقطة الصّفر على مختلف الصّعد! والّلمبات الصفر في الشّوارع غالباً ما تكون مطفأة، أو مكسورة. والإعلام السوري شديد الاهتمام بالسّترات الصفر، و«الساعة الصّفر» التي دقّت مراراً وتكراراً على امتداد السنوات الماضية لم تشِل الزير من البير. والأحلام السوريّة تشمل في ما تشمل «صفر ديون، صفر خسارات، صفر أزمات... إلخ». ولا نحسب أن أحداً قد يشطح في أحلامه وصولاً إلى «صفر مشكلات» بين السوريّين أنفسهم، حتى ولو وصل العلماء إلى «الصفر المطلق». الصديقة نفسها، ساكنة بلاد الثلج، كانت قد روت قبل فترة حادثةً صغيرةً عاشتها هناك: كنت في محطّة الميترو، وشاهدت شرطيّاً يقترب منّي. أمسكت حقيبتي وقلت له: لحظة، سأريك بطاقة الإقامة. «استغرب كتير. طلع جاي يسألني إذا لازمني شي لأنو شافني حامل» تقول الصديقة، وتضيف: «حسّيت قديش أنا مو طبيعية، وبكيت».