يجلس العم إلياس عبدلكي، أبو غابي، على كرسيه الخشبي في أقدم محل أقمشة في «سوق المأمون»، وهو بدوره أقدم أسواق مدينة الحسكة. ورث الرجل السبعيني المحلّ والمهنة منذ قرابة 55 عاماً، عن والده عبد الأحد، الذي افتتح المحل عام 1930، ليكون وقتها ثاني محال السوق. يحرص أبو غابي على تقليب الأقمشة وتنظيفها يوميّاً، للحفاظ على رونقها. يقول: «حياتي ارتبطت بهذه الأقمشة التي رافقتني منذ شبابي حتى اليوم، وبفضلها أسست عائلة ومنزلاً». يؤكد الرجل لـ«الأخبار» أنّ «الظروف تغيرت كثيراً. في السبعينيات كان التعامل يقوم على المبادلة بين البضائع. يأتي أهل الريف بالسمن والصوف، ويحصلون منّا على الأقمشة. لم نكن نتعامل بالنّقد، وكانت الأجواء الاجتماعية صافية». على رغم ظروف الحرب وانقطاع الطرقات، وانخفاض الطلب على الأقمشة، لم يغب أبو غابي يوماً عن محله. يقول: «قبل الحرب وبعدها جاءتني عروض عبر الأصدقاء في المغترب لتغيير المهنة، أو السفر خارج البلاد، لكنني أعشق مهنتي وبلدي». ويؤكد أن «الحرب التي تعيشها البلاد، دفعتني للتمسك أكثر بالأم سوريا، لأننا معنيون بصمودها، وبقاء الحياة فيها حتى تتعافى بالكامل».