شهدت حمص أمس تظاهرات احتجاجيّة أثناء تشييع عدد من القتلى في المدينة، أكدت مصادر رسميّة أنهم ثمانية، فيما تحدث ناشطون حقوقيون عن 14، وسط تحذير رسمي من أن ما تشهده هذه المدينة الشمالية «بالغ الخطورة»، على حدّ تعبير وزير الخارجية وليد المعلم، فيما ألقت وزارة الداخليّة مسؤوليّة الأحداث على «تمرّد سلفي»أكدت قناة «الإخبارية» السورية، أمس، أن ثمانية أشخاص قتلوا أول من أمس في حمص برصاص «عصابات مسلحة». وقالت إن ستة مدنيين وعسكريَّين، أحدهما ضابط، قتلوا وأصيب 11 عنصراً من الشرطة. وأشارت إلى أن «عدداً من الملثّمين المسلحين كانون يستقلون سيارة جي أم سي ودراجات نارية، أطلقوا النار على خيمة عزاء وعلى المواطنين المدنيين وقوات الأمن والشرطة، ما أدى إلى إصابة 11 عنصراً من الشرطة برصاص المسلحين».
ولفتت «الإخبارية» إلى أن شهوداً تحدثوا عن سماع عيارات نارية في حي المريجة القريب من باب السباع في حمص، وأن عدداً من المسلحين حاصروا قسم الشرطة في المنطقة. ونقلت عن مختار حي الخالدية في حمص، محمد خالد العلي، قوله إن «عدداً من المسلحين المجهولين دخلوا إلى الحي وأشعلوا الإطارات لقطع الطريق»، موضحاً أن «أهالي الحي تصدّوا لهم وأجبروهم على الهرب».
ونسبت القناة إلى مصادر طبية قولها إن أحد المسلحين كان «يستقل سيارة سوزوكي أصيب بطلق ناري، ونُقل إلى المستشفى الوطني»، مشيرة إلى أنه «لبناني الجنسية».
أحداث حمص دفعت وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى جمع السفراء العرب والأجانب لتأكيد أن ما حدث في قرية تلبيسة يمثّل «أمراً بالغ الخطورة، إذ قطعت الطريق الدولية لساعات طويلة، واعتدى مسلحون على عناصر الشرطة الذين كان لديهم تعليمات صارمة بعدم التعرض للمتظاهرين، ما أدى إلى وقوع ضحايا في صفوف هؤلاء العناصر، وتطلّب تدخل الجيش».
وأضاف المعلم إن «ما يجري في بعض المناطق يحتاج إلى التوقف عنده، ولا سيما بعد كلمة الرئيس بشار الأسد التوجيهية للحكومة الجديدة، بما تضمنته، بدءاً من رفع حالة الطوارئ وانتهاءً بقانون تعدّد الأحزاب». وأضاف «نحن نعتقد أن من يريد الإصلاح يعبّر عن رأيه بطريقة سلمية، ومن منطلق أن هذا الإصلاح ضرورة وطنية، وأن من يريد الإصلاح لا يستخدم العنف والسلاح ولا يلجأ إلى التخريب وحرق مؤسسات الدولة وقطع الطرق»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «الإصلاح هو حاجة وطنية، وهو أيضاً عملية مستمرة لا تتوقف، وهو يتطلب الأمن والاستقرار».
وشدّد الوزير السوري على أن «التظاهر السلمي أمر نحترمه، لكن قطع الطرق والتخريب والقيام بعمليات الحرق أمور أخرى، ولم يعد مقبولاً السكوت عنها»، مضيفاً أن «هناك ضغوطاً شعبية كبيرة تطالب الحكومة باستعادة الأمن والنظام»، ومعرباً عن الأمل بـ«ألا يتكرر ما قام به المسلحون في تلبيسة حتى لا تضطر الدولة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة». وقال «إن أولويات الحكومة الجديدة ستكون العمل الحثيث لتنفيذ ما كلفها به الرئيس الأسد، وهو يندرج في أمرين: تنفيذ الإصلاحات التي طرحت وإعادة الأمن والنظام»، موضحاً أن الأسد «أجرى شخصياً لقاءات حوارية مع ممثلين عن مدن ومحافظات سورية عدة، اطّلع خلالها على مطالبهم التي تمّت تلبية معظمها، ووعد بتلبية ما بقي منها، وسيلتقي وفوداً أخرى».
وشدّد المعلم على أن «هناك تحريضاً إعلامياً واضحاً تقوم به بعض الفضائيات التلفزيونية العربية، وهذا التحريض يؤدي دوراً سلبياً يضرّ بمصلحة الشعب السوري والدولة السورية عموماً».
وقال المعلم «نحن لا نعترض على حرية الإعلام، لكننا نعترض على عدم الموضوعية فيه، لأن الافتقار إلى الموضوعية يضرّ بالمصلحة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الرأي العام في سوريا يتساءل عن دوافع هذا الموقف التحريضي».
بدورها، قالت وزارة الداخلية السورية، في بيان أمس، «كشفت مجريات الأحداث الأخيرة أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية، من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وإطلاق النار لترويع الأهالي، وقطع الطرقات العامة والدولية، إنما هو تمرّد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية، ولا سيما في مدينتي حمص وبانياس، حيث دعا بعضها علناً إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد، مطالبين بإقامة إمارات سلفية».
وأكدت وزارة الداخلية، في بيانها، أنها «لن تتساهل مع النشاطات الإرهابية لهذه المجموعات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب والرعب بين المواطنين»، مؤكدة أنها «ستعمل بكل حزم لفرض استتباب الأمن والاستقرار على كافة أرجاء الوطن، وملاحقة الإرهابيين أينما وجدوا لتقديمهم إلى العدالة وإنهاء أي شكل من أشكال التمرّد المسلّح».
وأضاف البيان أن «ما قامت به هذه المجموعات المسلحة يمثّل جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، ويظهر أن الهدف من نشر إرهابها في ربوع سوريا هو التخريب والقتل وبثّ الفوضى بين الأهالي وترويعهم».
في المقابل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن ناشطين حقوقيين قولهم إن التظاهرات الاحتجاجية في حمص تجددت أمس. وأوضح أحدهم أن «أكثر من عشرة آلاف شخص» شاركوا في تشييع ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا في حمص، وأطلقوا هتافات «تمجّد الشهيد وتطالب بالحرية وإسقاط النظام».
بدوره، قال حقوقي في حمص إن الاحتجاجات زادت حدّة في حمص بعدما «سلمت السلطات جثة الشيخ بدر أبو موسى من قبيلة الفواعرة إلى أسرته لدفنه السبت الماضي، إذ قتل فتى عمره 12 عاماً في جنازته التي تحولت إلى تظاهرة». وتابع أنه «لا يمكن استبعاد تسلح بعض المحتجّين. القبائل تشعر بالإهانة وتريد الانتقام، لكن قوات الأمن شوهدت وهي تستقل شاحنات وتطلق النار على المدنيين».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ناشطين قولهم إن نحو 5000 شخص احتلوا إحدى ساحات مدينة حمص، في محاكاة لأسلوب الاعتصام الذي اعتمد في ميدان التحرير في مصر، فيما ذكرت «فرانس برس» أن عدد المعتصمين بلغ 20 ألفاً. ونقلت الوكالة عن نجاتي طيارة قوله إن «أكثر من 20 ألف شخص يشاركون في الاعتصام في ساحة الساعة التي أعدنا تسميتها ساحة التحرير تيمّناً بميدان القاهرة».
وفي درعا، تظاهر نحو 500 شخص، بينهم 150 محامياً، دعوا إلى سقوط النظام وإطلاق سراح المعتقلين، رافضين هيمنة حزب «البعث» على الحياة السياسية، على ما أفادت «فرانس برس» التي تحدثت عن تظاهر نحو 1500 شخص في بلدة جسر الشغور قرب أدلب (شمال غرب)، بعد جنازة متظاهر قتل في بانياس.
من جهة ثانية، نقلت وكالة «فرانس برس» عن ناشطين في بانياس والبيضا قولهم إن وفداً يمثل الرئاسة السورية التقى ممثلين عن سكان هاتين المدينتين وعرض منح تعويضات مالية لسكان المنازل التي تضررت أثناء المواجهات الأخيرة.
ومن طهران، نفى مصدر مسؤول في الخارجية الإيرانية بشدة أي تدخل لبلاده في الشأن الداخلي السوري. ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن المصدر قوله إن إيران تنفي بشدة المزاعم المتعلقة بتدخلها في الشأن الداخلي السوري، مضيفاً «نحن على ثقة بأن الحكومة السورية تستطيع أن تعالج مشاكلها من دون الاستعانة بجهة أخرى».
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)



متضامنون لبنانيون مع سوريا


عقد ممثلو أحزاب وقوى لبنانية وفلسطينية أمس لقاءً تضامنياً مع سوريا في بيروت، بحضور السفير السوري علي عبد الكريم علي، أكدوا في خلاله وقوفهم «إلى جانب قيادة سوريا وشعبها».
وتوالى على الحديث عدد كبير من الشخصيات اللبنانية، أبرزهم ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل، وممثل حزب الله النائب نواف الموسوي، والنائب مروان فارس، والنائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، والوزير السابق بشارة مرهج، والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إضافة إلى المنسّق العام لـ«جبهة العمل الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة وأمين الهيئة القيادية في حركة «المرابطون» العميد مصطفى حمدان، ورئيس رابطة الشغيلة زاهر الخطيب، وإمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود، ورئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، فضلاً عن ممثل تحالف القوى الفلسطينية محمد ياسيل. وأكد المتحدثون تضامنهم مع القيادة السورية والرئيس بشار الأسد، محذرين من «مخاطر الفتنة التي تحاول أن تهدّد المنطقة بأكملها».
ووجّه المجتمعون رسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أكدوا فيها خطورة «تورّط جهات لبنانية تمويلاً وتسليحاً في الأحداث الجارية في سوريا». وأجرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري بشار الأسد، مؤكداً «وقوف لبنان إلى جانب استقرار سوريا وأمنها وتطوّرها وازدهارها».