دمشق | فاروق الشرع انشقّ؟ لا، هو في إقامة جبرية!. لا، هو موجود الآن بعيداً عن أعين النظام. الشرع بات تحت حماية مجموعات من المعارضة المسلحة. وصل إلى الأردن برفقة عشرات الضباط. في طريقه إلى باريس، ينتظره الآن مسؤول كبير... إلى آخر الإشاعات التي لم تتوقف قنوات داعمة لخصوم النظام في سوريا عن تردادها وتبادلها مع مواقع الكترونية. فاروق الشرع خارج دائرة القرار. تم إبعاده عن المشاورات الرئيسية. القيادات السورية لا تتواصل معه. التقارير التي ترد من الجهات المعنية لا تصل إليه. تم عزله وإعفاؤه من مهامه كنائب للرئيس. لم يعد مكلّفاً بأي مهمة منذ تشييع كبار الضباط في انفجار مبنى الأمن القومي... إلى آخر التسريبات التي لم يتوقف زوار العاصمة السورية من مؤيدين للنظام عن تردادها.
الواقع لا هذا ولا ذاك. نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في الحدث، ولكن ليس في دائرة صنع القرار. اتصالاته قائمة مع بعض المسؤولين في البلاد. يتواصل مع الرئيس بين الحين والآخر، وهو على تواصل مع بعض أعضاء القيادة. حركته ومقر إقامته يخضعان لإجراءات حماية مطابقة لكل الاجراءات التي تشمل كل من هم في دائرة القرار اليوم. حيويته قائمة. لا يزال على صلة أيضاً بمعارضين وشخصيات مستقلة من خارج الدولة وخارج النظام. لديه ملاحظات يومية على كل ما يجري، كما لديه انتقاداته وهواجسه التي لطالما عبّر عنها في الاجتماعات الرسمية من دون محاولة إيصالها إلى وسائل الإعلام.
لكن هناك ما تغير. لا يشعر فاروق الشرع بالإحباط، لكنه مثقل بهموم بلده، ويصف الواقع كما هو. لا يعتقد بأنه مضطر لأن يكون حاضراً في كل شاردة وواردة، خصوصاً عندما يكون مقتنعاً بأنه لا يستطيع تغيير الحلول المتبعة. لا يمكنه السكوت عن خطأ أو الصمت على أمور تهدّد مصير البلد. ولخبرته في النظام ومؤسساته ورجالاته. لا يحتاج إلى من يقول له متى يتدخل وكيف.
في منزل تصل إليه السيارة بعد المرور بحواجز عسكرية، يجلس فاروق الشرع وهو يعيد رسم المشهد السوري منذ اليوم الأول للأزمة. يتحدث عن النظام وقيادة الحزب والدولة، وما يجري على الأرض، والأدوار الخارجية التي تقوم بها دول ضد سوريا وضد دورها التاريخي في المنطقة. كل ذلك لا يجعله يحيد لحظة عن شعوره بالمسؤولية عن القيام بدور ومسعى حثيث يساهمان في إخراج سوريا من أزمتها المتفاقمة.
هو صديق للشعب الروسي الوفي لعلاقاته التاريخية مع الشعب السوري. وفي الصين، يتذكر زياراته إلى هذا البلد العظيم الذي تطورّ بصمت وبصبر حتى صار من أقوى بلدان العالم. أما إيران، فيرى أنها الأقرب إلى سوريا، وليس إلى النظام فقط.. يثق بحكمة مرشدها السيد علي الخامنئي منذ كان رئيساً للجمهورية الإسلامية، ويشيد بنضال السيد حسن نصر الله ويرى أنه كان من الممكن أن يكون لهما دور أكبر في السعي إلى حل سياسي حقيقي مبكر للأزمة السورية.
يتابع فاروق الشرع ما يجري في العالم العربي. يرى ما حصل في مصر هزة كبيرة لا عودة فيها إلى الوراء، لكن يجب متابعة الحراك السياسي والإعلامي، ولا يمكن إهماله. مصر دولة تاريخية يجب العمل على بناء علاقة متينة وجيدة معها. وهي قادرة على القيام بالكثير لمصلحة العرب. وما تشهده اليوم يحتاج إلى متابعة دقيقة لأن الثورة التي انطلقت منها لا تستطيع أن تحقق على الفور نتائج حاسمة تعبر عن تطلّعات الشعب المصري ومطالبه.
لفاروق الشرع، البعثي والدبلوماسي العتيق، ابن سهل حوران، المسؤول السوري المعروف بنزاهته وحكمته، رأي في كل ما يحدث. لديه تجربة عميقة مع الرئيس الراحل حافظ الأسد. وهو كان، منذ اللحظة الأولى، إلى جانب الرئيس بشار الأسد، ووجد فيه الفرصة الكبرى لتغيير ينقل سوريا من مرحلة إلى أخرى ومن مكان إلى مكان أكثر تطوراً. لكن منذ بداية الأزمة في مطلع عام 2011 لمس أن الرياح تسير بما لا تشتهي السفن.
فاروق الشرع ليس في وضع يحتاج فيه إلى نفاق أو محاباة من أجل مكسب أو منصب، فرصيده السياسي كبير، وهو ليس مديناً لأي جهة. وقد أبلغ جميع من تواصل معه بأنه لا يقبل ولا يطمح إلى أن يتولى مهام أي حكومة انتقالية مقترحة. وقلقه الآن ينصبّ على سوريا. يقول ما يريد قوله تأييداً لهذه الخطوة أو تلك، ونقداً لهذا القرار أو هذا السلوك، ورفضاً لتلك الوجهة أو ذاك التصرف.
لفترة طويلة، غاب الشرع عن المشهد الإعلامي. وها هو يعود ليقول كلاماً له مقاصده. هو المسؤول الراغب بالتجدد، والمحافظ على احترام عمل الدولة. ولا يقوم بأي تصرف خارج موقعه، فلا يتجاوز الرئيس، ولا يلعب من وراء ظهره. يسخر على طريقته من كلام الاعلام عن انشقاقه.

عسكرة الحراك

يفصل الشرع بين الحراكين المعارضين. لديه رؤية واضحة لما يجري في بلاده منذ اليوم الأول للأزمة: في بداية الأحداث كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات، الآن السلطة وبكل أذرعتها تشكو ــــ حتى إلى مجلس الأمن الدولي ــــ كثرة المجموعات المسلحة التي يصعب إحصاؤها ورصد انتشارها. هناك بلدات وأطراف مدن تم «تنظيفها» مما أدى إلى تهجير سكانها، ثم عاد المسلحون مرات عدة إليها، في حين لم يتمكن سكانها من العودة. «هل يحق لأي كان أن يدخل الوطن في عنق زجاجة لا يخرج منها إلا بكسره؟» يتساءل الشرع بمرارة، خصوصاً عندما يشاهد صوراً لجثث مواطنين ابرياء، والتشوهات التي يحدثها القصف والتفجيرات والسيارات المفخخة التي تستهدف البشر والبنى التحتية والمؤسسات العامة والخاصة والكوادر العلمية في البلد. ويقول: «ان مرتكبي هذه الجرائم ومن يقف خلفهم مدانون وهم فقدوا كل حس وطني وأخلاقي وانساني».
يعود الشرع الى المشهد العام ليقول «إن تراجع أعداد المتظاهرين السلميين أدى بشكل أو آخر إلى ارتفاع أعداد المسلحين. صحيح ان توفير الأمن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الأمني للأزمة. ولا يجوز الخلط بين الأمرين. كل ذلك، كان يوجب النقاش حول الآليات، وسعينا لأجل أن يكون الحل سورياً ـ سورياً. والحوار الذي تبنيناه في تموز 2011، كان هدفه حل الأزمة سياسياً في بداياتها بأيدٍ سورية. لكن الأمور لم تسر في هذا الاتجاه، ثم جرى تعريب الأزمة وتعليق عضوية سوريا، الدولة المؤسسة في الجامعة العربية، من دون أي مبرر أو سبب مقنع للمواطنين السوريين. حصل الكثير من الأخطاء التي لا يمكن نسيانها أو القفز فوقها من قبل الجامعة العربية والدولة معاً».
لكن أين مسؤولية الدولة في تحري أسباب وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه، خصوصاً لناحية عسكرة الحراك؟ ألم تُشكّل لجان تحقيق لتحديد هذه الأسباب؟ يجيب: «لم تشكل لجان تحقيق ذات مصداقية منذ بداية الأحداث، وإذا شكل بعض منها فإن نتائج التحقيق لم تنشر في وسائل الإعلام، الأمر الذي مهّد لنشر شائعات أفقدت النظام مصداقيته وهيبته أمام المتضررين في الداخل والمراقبين في الخارج».

وجود البلد لا وجودنا

يقر نائب الرئيس السوري بعمق الأزمة. «كل يوم يمر يبتعد الحل عسكرياً وسياسياً. نحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا، ولسنا في معركة وجود فرد أو نظام». وهو يعتقد بأن مشاكل سوريا «تعدّدت وتعقّدت إلى حد لم يعد فيه ممكناً فصل الأعمال العسكرية الجارية عن حياة المواطنين العادية».
هل نحن في سياق حل؟
في رأي نائب الرئيس السوري «هناك مسائل كثيرة يمكن العمل عليها من أجل إيجاد حل. لا أحد واهم بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، لأننا مقتنعون بأن لا عودة لعقارب الساعة إلى الوراء. الأخضر الابراهيمي يكرّر في تصريحاته أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، وأنا لا أستطيع ان أنفي ذلك لأنني، ومنذ سنة وأكثر، أرى الخط البياني للأحداث يأخذك إلى مكان غير مريح تسير فيه الأمور فعلاً من سيئ إلى أسوأ. لكن المشكلة أن السيد الابراهيمي يتحرك ببطء وروية في حين تتحرك الأمور على الأرض بتسارع وعنف».
يضيف: «من موقعي لا أعرف تماماً الى أين سيفضي الخيار الراهن بنا. ليس لدي جواب شافٍ. وربما لا أحد من المسؤولين يعرف الى أين وصلنا في الحل. وقد تستغرب إذا قلت لك ان رئيس الجمهورية شخصياً قد لا يعطيك الجواب الشافي مع أنه يملك في يديه كل مقاليد الأمور في البلد. ما يجري في سوريا معقد ومركب ومتداخل. إذا حاولت تفكيكه قد يزداد تعقيداً وقد تزداد القطب المخفية فيه بدلاً من أن تهديك إلى الحل. من أتيحت له فرصة لقاء السيد الرئيس سيسمع منه أن هذا صراع طويل، والمؤامرة كبيرة وأطرافها عديدون (إرهابيون، رعاع، مهربون). وهو لا يخفي رغبته بحسم الأمور عسكرياً حتى تحقيق النصر النهائي، وعندها يصبح الحوار السياسي ممكناً على أرض الواقع. وكثيرون في الحزب والجبهة والقوات المسلحة يعتقدون منذ بداية الأزمة وحتى الآن أن لا بديل عن الحل السياسي، ولا عودة إلى الوراء».
يرى الشرع ان «الحل لا يكون واقعياً إلا إذا بدأ من أعلى المستويات. فرئيس الجمهورية هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وهو الذي يعيّن رئيس مجلس الوزراء، ويقود الحزب الحاكم، ويختار رئيس مجلس الشعب. ولكن، وفي الوقت نفسه، هناك مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية مسؤولة مباشرة عن إدارة شؤون الدولة، وهذه المؤسسات لديها رؤساء ومديرون عامون ومجالس إدارة يعملون، أو يزعم بعضهم أنه يعمل، وفق التوجيه، وأحياناً يحسمون قرارهم عندما يشيرون بأصابعهم إلى الصورة المعلقة فوق مكاتبهم مما يعني أن التوجيه لا نقاش فيه».

لا تغيير من دون شركاء

يتابع الشرع: «في العام 1970 تم بناء العديد من مؤسسات الدولة على تناقضات وصراعات مجلس قيادة الثورة آنذاك وعلى أساس ميثاق متفق عليه (على سبيل المثال الجبهة الوطنية ــــ مجلس الشعب ــــ الإدارة المحلية). ثم أخذت هذه المؤسسات بالترهل ولم تُجدّد رغم المحاولات المتكررة لإعادة هيكلتها منذ أن تولى الرئيس بشار الأسد القيادة عام 2000. ثم أصبحت معظم المؤسسات تعمل بقوة العطالة المكتسبة. قد يكون هذا مقبولاً نسبياً في حال الاستقرار والأمن المستمر منذ عقود. ولكن كيف سيكون عليه الوضع في حال الأزمات الكبرى وما يتبعها من تدمير للبنى التحتية والبيوت وغياب الكهرباء وتوقف عمل المشافي في العديد من المدن والبلدات وتصاعد وتيرة النزوح الداخلي والخارجي، ناهيك عن اعتقال الآلاف الذين لا يُحالون إلى القضاء وكأن الأحكام العرفية ما زالت سارية المفعول؟».
يضيف بلغة الواثق: «لا الائتلاف الوطني، ولا مجلس اسطنبول، ولا هيئة التنسيق كمعارضة داخلية متعددة الأقطاب، ولا أية مجموعات معارضة سلمية أو مسلحة بارتباطاتها الخارجية المعروفة تستطيع أن تدعي أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري. كذلك فإن الحكم القائم بجيشه العقائدي وأحزابه الجبهوية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي بخبرته الطويلة وبيروقراطيته المتجذرة لا يستطيع لوحده بعد سنتين من عمر الأزمة إحداث التغيير والتطور من دون شركاء جدد يساهمون في الحفاظ على نسيج الوطن ووحدة أراضيه وسيادته الإقليمية. إن فقدان الثقة بين هذين الطرفين، وبالتالي استحالة جمعهما في حوار مباشر، سيفضي إلى تدمير وتفكيك مستمرين لا يستفيد منهما في هذه المرحلة إلا الاحتلال الإسرائيلي».
ويرى الشرع «أن البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد تتغير يوماً بعد يوم وأمام أعيننا. وما يحصل في سوريا يتماهى في مستوى أكثر تعقيداً مع ما حصل في مطلع تسعينيات القرن الماضي في بلدان أوروبا الشرقية. ولا بد من أن نأخذ في الاعتبار أيضاً أن تلك البلدان لم تدخل عند تغيير بنية أنظمتها في نزاعات أهلية أو حروب مدمرة، مع أنها دخلت في أزمات اقتصادية خانقة».

نقاشات القيادة

وهل في القيادة رأي واحد، أو يعمل الجميع وفق منطق سمعاً وطاعة، هل يسمع الرئيس مثلاً الآراء التي تخالف تصوره للعلاج؟ يجيب الشرع: «طبعاً، هناك آراء ووجهات نظر داخل القيادة السياسية، لكن الأمور ليست بالوضع الذي يقود إلى الحديث عن تيارات أو عن خلافات عميقة. عندما توليت من موقعي كنائب للرئيس إدارة ملف الحوار في تموز 2011 قبلت هذا التكليف انطلاقاً من قناعتي وقناعة هيئة الحوار الوطني كلها بأن الخطوة حقيقية وليست مجرد تكتيك. أنا هنا لا أنكر أنه قد يكون البعض منا تصرّف وكأنه يعتبر أن لا لزوم لها وأوحوا للقيادة بذلك فتنصلتْ منها بحجة أن المعارضة في الداخل والخارج اعتبرتها إحدى مسرحيات النظام، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى الإجهاز على الحوار السياسي وفتح الباب على مصراعيه لحوار الرصاص والمدافع. الآن تعيش سوريا أزمة اقتصادية ومعيشية حادة إلى جانب الأزمة السياسية والعسكرية. وعندما نقول ان أي تدخل خارجي مرفوض، ننطلق من أنه لم يكن هناك إجماع من شعبنا أصلاً على زج جيشنا الوطني في الأزمة منذ بدايتها. فهل هناك من يتوهم أن هذا الشعب سيقبل بتدخل جيوش أجنبية فوق أرض سوريا؟ هذا أمر لن يحصل، وستكون هناك مقاومة له. إن مكانة ووحدة الجيش السوري لا غنى عنهما في أية حلول وحوارات سياسية مطروحة».
لكن هل الأزمة مرتبطة فقط بالاعتبار السياسي؟
يقول الشرع: «لا يمكننا من خلال أي مراجعة، أن نغفل العناصر الداخلية المرتبطة بالوضع الاقتصادي والسياسات التي اتبعت على مدار السنوات الأخيرة على الأقل. كما أننا لا نتجاهل حقيقة أن هناك حاجة إلى تغيير ذي مغزى في مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة. التغيير الحقيقي هو الذي يقوم على معالجة المسائل الملحة وفق الأولويات الضرورية. ربما لم نكن قبلًا نستمع جيداً أو نقبل بملاحظات حول ضرورة التغيير السريع. لكننا نتعلم من تجربتنا ومن تجارب الآخرين. وندرك اليوم أن التغيير أمر مفروغ منه. إذا لم تأخذ السلطة زمام المبادرة لتحقيقه مع الآخرين فإن التغيير سيحصل بإملاءات أحادية منهم».

كيف تتصور الحل؟

«كل منطق يقوم على مبدأ رفض الحوار إنما يعكس رغبة في عدم التوصل إلى حل بيد السوريين أنفسهم. وبالتالي فإن أي تسوية، سواء انطلقت من اتصالات أو اتفاقات بين عواصم عربية وإقليمية دولية، لا يمكن لها العيش من دون أساسها السوري المتين. الحل يجب أن يكون سورياً ولكن من خلال تسوية تاريخية تشمل الدول الإقليمية الأساسية ودول أعضاء مجلس الأمن. هذه التسوية لا بد أن تتضمن أولاً وقف العنف ووقف إطلاق النار بشكل متزامن وتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة. وهذا ما يجب أن يترافق مع معالجة الملفات العالقة المتصلة بحياة الناس ومطالبهم المحقة».
يضيف الشرع: «المشكلة تكبر وتتعمق عندما يعتقد البعض أن الحسم أو الكسر ممكن. ليس صحيحاً على الإطلاق أن بإمكان كل هذه المعارضات أن تحسم المعركة على أساس إسقاط النظام إلا إذا كان هدفها إدخال البلاد في فوضى ودوامة عنف لا نهاية لها. ولا أرى أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش سيحقق حسماً، سيما أننا ندرك، من دون أية أوهام، خطورة العمل الجاري الذي يستهدف تدمير سوريا: تاريخاً وحضارة وشعباً. إن اتصالات الابراهيمي وجولاته، كما مبادرة جنيف، يمكن اعتبارها أساساً صالحاً لهذه التسوية. ولا نبالغ إذا قلنا ان إنجاز التسوية التاريخية للأزمة السورية قد يمهد الطريق لتحقيق مناخ دولي يعالج قضايا هامة أخرى بالطرق السياسية وليس بالمواجهة العسكرية».
ولكن هل نضجت التسوية التاريخية؟ يأمل فاروق الشرع ذلك، لكنه يستدرك: «إذا تصور أو أصر كل طرف معني بهذه التسوية أنه سيحصل على كل ما يتوقعه ويطمح إليه، فإن التطلعات الوطنية المشروعة للشعب السوري ستكون عرضة للضياع، ومصير المنطقة سيدخل في نفق مجهول».