الجمود هو المسيطر على مسعى الرئيس سعد الحريري لدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بفعل اعتراض رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بشكل أساسي، وتمسّك حزب الله بترشيح عون. وزاد الأمر تعقيداً اللقاء الذي جمع فرنجية بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بعدما تسرّبت أجواء اللقاء، ولا سيّما استمرار حزب الله بالوقوف خلف ترشيح عون طالما بقي الأخير مستمراً في هذا الترشيح.
ومن المقرر أن يكون لدى فرنجية المزيد من التوضيحات من جانب حلفائه، بعد اجتماع قريب مقرر بينه وبين الرئيس بشار الأسد في دمشق. وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع يعوّل عليه لجهة تشديد وحدة فريق 8 آذار، وإن الأسد شخصياً مهتم بهذا الموضوع. وأوضحت المصادر أن الرئيس السوري بعث بأكثر من رسالة في الآونة الأخيرة "تؤكد على احترام سوريا ودعمها للعماد عون".
إلّا أن كثرة الاعتراضات والمعترضين داخل فريقي 8 و14 معاً، لم تدفع بتيار المستقبل والحريري إلى العدول عن فكرة السير في ترشيح زعيم المردة. فعلى رغم ما تردّد عن إيجابية طبعت اتصال الحريري بجعجع أمس، إلّا أن مصادر أشارت لـ«الأخبار» الى أن الحريري أكّد لـ«حليفه» استمراره في مبادرته، وأن «جعجع لم يكن سعيداً بهذا الإصرار». واتفق الطرفان على تنظيم الخلافات بعيداً عن السجالات العلنية وضبط جمهورَي الفريقين، لاستمرار الوحدة داخل فريق 14 آذار.
وأكّد الحريري في اتصال آخر أجراه أمس بفرنجية الاستمرار في مسعاه «في معزلٍ عن العرقلة الحاصلة». وأشارت مصادر لـ«الأخبار» إلى أن زيارة النائب السابق غطاس خوري ومستشار الحريري نادر الحريري لفرنجية، هدفت إلى إبلاغه موقف الحريري. وأكد خوري ونادر الحريري لكل من سألهما عن فحوى الزيارة أن «الترشيح مستمر ولا عودة عنه، رغم كل الاعتراضات». فيما قالت مصادر أخرى إن هدف الزيارة كان معرفة أجواء اللقاء مع السيد نصرالله.
كذلك أكدت مصادر مطلعة في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» أن الحريري أبلغ شخصيات في هذه القوى أنه لن يسحب هذا الترشيح ومستمر في مبادرته. وردّاً على سؤال «الأخبار» حول الإصرار على الاستمرار في المسعى في ظلّ الاعتراضات الكثيرة، عبّرت مصادر بارزة في تيار المستقبل عن ثقتها بوجود أجواء إقليمية ودولية مؤاتية للمبادرة في لبنان. واستغربت ما وصفته بـ"تحوّل" في الموقف الإيراني أدى إلى التراجع عن تأييد انتخاب فرنجية، مشيرة الى أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أشار أمام رئيس الحكومة تمام سلام في زيارته الأخيرة لبيروت، قبل أسابيع، الى تسوية بين طهران والرياض تقضي بتحييد لبنان عن الاشتباك الإقليمي. وأقرّت المصادر بأن «تسوية انتخاب فرنجية لا تزال في حاجة إلى وقت لتنضج. فلننتظر شهراً، شهرين أو ثلاثة أشهر. المسعى سينجح في النهاية، برضى العماد ميشال عون أيضاً». وعن المقابل الذي ينوي تيار المستقبل طرحه على عون في مقابل موافقته على التنازل عن ترشّحه والقبول بضمان رئاسة الحكومة للحريري لست سنوات والإبقاء على قانون انتخابات نيابية يضمن حصوله على الأكثرية وغيرها من المطالب، ردّت المصادر بأن «الأمر عند فرنجية، ورئيس الجمهورية المقبل هو من يستطيع أن يقدّم الضمانات للقوى المختلفة وليس تيار المستقبل». ولفتت المصادر إلى وجوب أن يبادر فرنجية إلى مناقشة الرئيس الحريري في شأن قانون الانتخابات النيابية، فضلاً عن أن التسوية ستضمن لقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر الحصول على الثلث الضامن في أي حكومة في العهد الجديد.
في المقابل، قالت مصادر نيابية في قوى 8 آذار لـ«الأخبار» إن «أهم ما حصل في لقاء فرنجية بالسيد نصرالله هو التأكيد على وحدة قوى 8 آذار، والاتفاق على استمرار توحيد الموقف، فإما الدخول إلى أي مسعى مجتمعين أو الخروج مجتمعين». وقالت المصادر إن «تيار المستقبل بإصراره الحالي يحاول رمي الكرة في ملعب قوى 8 آذار وترك الأمر كالجرح داخل الفريق الواحد، علّه يحدث شرذمة وانقساماً، وهذا ما لم يحصل، وهذا أيضاً ما اتفق على إفشاله السيد نصرالله وفرنجية».