لا يخفى أن الدور المحوري في ملف المخطوفين يؤديه علماء الدين السنّة، وتحديداً هيئة العلماء المسلمين التي يرأسها الشيخ حسن قاطرجي. إلاّ أن مساعي الهيئة لا تزال تصطدم حتى اللحظة بعراقيل متنوعة. وفي هذا السياق تكشف رواية جديدة عن تورّط شيخ سوري سلفي يقيم في السعودية يُدعى خالد العقلة، إلى جانب شخصية سياسية لبنانية، في التخطيط لعملية الخطف وتمويلها والتحكم في مسار المفاوضات. وتُشير المعلومات إلى أنّ العقلة متموّلٌ كبير، تربطه علاقة وثيقة بكل من عضو هيئة العلماء الشيخ سالم الرافعي ورئيس «جمعية إقرأ» الشيخ بلال دقماق، علماً بأن الأخير تعرّف إلى العقلة عبر الأمين العام لحزب «الأحرار» السوري الشيخ الدرعاوي إبراهيم الزعبي الذي يُقيم بدوره في السعودية. مع الإشارة إلى أن هناك نفوراً كبيراً بين الشيخين اللبنانيين.
وبالعودة إلى عملية الخطف، بحسب الرواية المذكورة، فإن الخاطفين حاولوا الاستحصال على فتوى دينية تُجيز لهم قتل المخطوفين ظنّاً منهم أن هذه هي نية الشيخ العقلة، لكن الشيخ المعروف بكنية «أبو محمد»، رفض قائلاً: «لم نخطف لنقتل، لدينا أحد عشر مخطوفاً، يعني لدينا أحد عشر مكسباً يُمكن تحصيله»، لافتاً إلى أنه يمكن الحصول على مكاسب عبر الاستفادة من كل مخطوفٍ على حدة.
وتشير المعلومات إلى أن الرافعي بنى على علاقته بالعقلة للدخول على خط المفاوضات في ملف المخطوفين إعلامياً، واختار (الرافعي) اسم المخطوف حسين عمر من بين باقي المخطوفين لإطلاق سراحه. أما السبب، فزيارة عائلة المخطوف للرافعي في منزله في الشمال قبل أيام من الموافقة على إطلاق عمر. وبحسب الرواية، فإن النية من ذهاب الرافعي إلى تركيا كانت إطلاق موقوفٍ جديد، لكن الشيخ دقماق، فور سفر الرافعي، نشط لإفشال هذا المسعى. ورغم مكانة الشيخ الرافعي الأرفع دينياً مقارنة بدقماق، تمكن الأخير من إقناع العقلة بإفشال مهمة الرافعي، على اعتبار أن الأول يتمتع بحظوة مميزة لدى الشيخ العقلة. أضف إلى ذلك أن دقماق اشتكى للعقلة من الحرب التي يشنّها عليه الرافعي ومعه هيئة العلماء المسلمين. وتمكّن من إقناعه بأن هناك عداءً شخصياً يكنّه له الرافعي لأسبابٍ شخصية غير معروفة.
كان قد سبق ذلك محاولة العقلة التقريب بين الاثنين لكنه لم ينجح. فقد رفض الرافعي ذلك باعتبار دقماق، برأيه، لا يُمثّل أحداً ولا مكانة دينية أو اجتماعية له. إزاء ذلك، حاول الشيخ العقلة إيجاد حيثية للدقماق، فكان ذلك عبر دعمه مادياً في البداية. ويمكن ملاحظة التحسن المادي الذي طرأ فجأة على حال الدقماق في السنة الأخيرة.
ومن ثم أوعز الشيخ العقلة إليه بالتحرّك على خط ملف المخطوفين اللبنانيين العشرة باعتباره ملف الساعة. من هنا، كانت دقة المعلومات التي بات يُزوّد بها. أضف إلى ذلك، ودائماً بحسب الرواية، فإن المعلومات تُشير إلى أن العقلة سيُنجح دور دقماق، باعتبار أن ذلك سيُعطيه مكانة وحيثية لم يكن ليحلُم بهما في ظل الحملة الشرسة التي تُشن عليه من باقي علماء السلفية
في الشمال، ولا سيما أن هؤلاء ينشطون في الآونة الأخيرة على صعيد تمتين العلاقات مع الإعلاميين والصحافيين، لمحاصرة الشيخين دقماق وعمر بكري فستق، أقلّه إعلامياً، بعدما فشلوا على الصعد الأخرى
لإسكاتهما.