سبّب قول أحد المختطفين السوريين من «الجناح العسكري لآل المقداد» انه كان يقطن في مخيم برج البراجنة حالة استنفار بين الفصائل الفلسطينية. اجتمعت اللجنة الامنية في المخيم لتسأل عن الشاب وعن حقيقة المعلومات التي ادلى بها لمعرفة عند من كان يسكن في المخيم. وتبين خلال التحقيقات التي اجرتها اللجنة ان «قوله انه كان يسكن عند شخص اسمه علي في المخيم كذب. وانه كان يعيش في حي الاكراد، وفي اماكن امنتها الجماعة الاسلامية هناك»، يقول أحد مسؤولي اللجنة الامنية في المخيم. وتشير مصادر أمنية إن المخطوف أجبر على قول ما قاله علناً، فيما روايته الحقيقية تشير إلى ان رجل دين «في حي الاكراد امّن المسكن له بالاضافة لتأمين المال كمصروف شخصي له». اما عن تحريفه لكلامه أمام الكاميرات، فتقول المصادر إنه أجبر «على عدم ذكر اسم الشيخ لما قد يسببه من مشاكل مع ابناء المنطقة».
وتتحدّث معلومات مصدرها القوى الفلسطينية في المنطقة عن تدريبات تجري في ملجأ احدى المدارس الواقعة في محيط مخيم برج البراجنة. هذه المعلومات حتمت على الفصائل الفلسطينية في مخيم البرج الابتعاد عن نار الازمة السورية، فاتخذت قراراً بمنع الفصائل المؤيدة والمنددة للنظام من الخروج في مسيرات داخل المخيمات. اعتقد البعض ان هذه الاجراءات الشكلية ستبعد الفلسطينيين عن الحريق السوري، لكن ازدياد عدد النازحين السوريين من الشام ولجوء بعضهم الى المخيمات وضع الفلسطينيين في قلب الازمة مجدداً. ففي مخيم برج البراجنة ازداد عدد النازحين من مخيم اليرموك. هؤلاء منعوا من الحديث في الاعلام عما جرى معهم، وكانت كل التغطية الاعلامية التي نالوها هي عن سوء احوالهم الاجتماعية في مخيمات لبنان وعدم اهتمام الاونروا بهم.
بالاضافة إلى النازحين الفلسطينيين، لجأ سوريون الى مخيمات بيروت وتحديداً الى شاتيلا حيث «البيئة الحاضنة» هناك اكبر. اذ إن محيط مخيم شاتيلا «مؤيد للثورة السورية»، وهناك لا يخفي عدد من النازحين السوريين تأييدهم للثورة السورية على عكس مخيم البرج الذي يضطرون فيه الى اخفاء رأيهم السياسي. حضور هؤلاء الى المخيمات اربك اللجان الامنية في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة. ويقول أحد مسؤولي اللجنة الامنية في مخيم البرج إن «اللجنة ميتة سريرياً». يضيف «لا نستطيع ان نعرف اذا كان هؤلاء النازحون مقاتلين اتوا للاستراحة ام مدنيين يجب استضافتهم». هذا الضياع الذي يعيشه مسؤولو اللجنة الامنية سبّب حالة من التسيّب داخل المخيمين، ادى الى القيام بعمليات «مراقبة واستطلاع» من قبل عناصر الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة لكل من «تدور حوله الشبهات بكونه مقاتلاً سورياً».
محاولات ضبط الوضع الامني في المخيم من خلال احصاء اسماء النازحين السوريين والاماكن التي يسكنونها كلها باءت بالفشل، اذ بعد الحرب على مخيم نهر البارد، طلبت اللجان الامنية في مخيمات بيروت من النازحين تعبئة استمارات عن اماكن سكنهم، لكن مثل هذه الاستمارات في الفترة الحالية لم تعد موجودة. وما ساهم في ذلك هو التناحر بين الفصائل نفسها التي انسحب بعضها من اللجان الامنية بسبب خلافاتهم الداخلية.
اما ما زاد الطين بلّة، فهو تصريح قائد المقر العام في حركة فتح منير المقدح عن ارساله نحو 600 مقاتل الى مخيم اليرموك للدفاع عن المخيم. هذا التصريح لاقى استهجاناً من قبل مسؤولي فتح، فأصدرت الحركة بياناً رفضت فيه مثل هذه التصريحات، معتبرة ان مثل هذا القرار لا يتخذ الا في رام الله. بدوره، رد المقدح على بيان فتح، معتبراً انه يتحدث باسم «كتائب شهداء الاقصى». بالنسبة إلى بعض المسؤولين في السفارة الفلسطينية فقد اعتبروا ان «المقدح لا يملك حوله سوى 60 رجلاً كأقصى حد وكل ما يقوله هو مجرد فقاعات اعلامية». يذكر ان بيروت ستستقبل الاسبوع المقبل مسؤول الملف اللبناني في حركة فتح عزام الاحمد، الذي سيحمل موقف «نأي الفلسطينيين بأنفسهم» عما يجري في لبنان وسوريا.