غريبٌ أمر الرئيس ميشال سليمان. ما الذي يحصل معه، ما الذي يحرّكه، ما الذي يفكّر به، ما الذي يشغل باله، مَن هو فريقه، مَن الذي يستشيره، مَن الذي يفكّر عنه وله، مَن الذي يكتب له، أو يقترح عليه؟ مَن هو جمهوره، مَن هم الذين يفترض أنّهم يستمعون إليه، مَن يخاطب هو اليوم؟ غريبٌ أمر هذا الرئيس!
مَن أقنعه بأنّه رجل الدولة الأول، مَن وضع في رأسه أنّ خلاص لبنان لا بدّ أن يحصل على يده، مَن قال له إنّ كلامه فصل الكلام، ومَن وضع في رأسه أنّ البلاد تعيش رهن ما يقول أو يفكّر به؟
غريبٌ أمر هذا الرئيس!
مَن الذي أفهمه بأنّ التمديد له رئيساً أمر حتميّ، ومَن جعله يصدّق أنّه قائد أبدي للجيش اللبناني، ومَن جعله يصدّق أنّه الرأس الأمين على البلاد والعباد؟ أيّ قراءة يعرفها للمعطيات في البلاد والمنطقة والعالم؟ أيّ معطيات يجمعها، كيف يهمل ما يجب إهماله ويبرز ما يجب إبرازه؟
أيّ حسابات تتحكّم بخطواته عندما يفكّر في سلوكه كرئيس للجمهورية؟
ما الذي يجعل أفراد عائلته يتصرّفون بطريقة ترفعهم شأناً عن سائر المواطنين، من جمعيات خيرية إلى هيمنة على أندية وبلديات، إلى شكل الانتقال من المنزل واليه؟
أمس، كانت بدعة جديدة من الرئيس سليمان...
قال: «تصعب مهمّة الجيش إذا تورّط فريق أو أكثر من اللبنانيين في صراعات خارج الحدود، ما يؤدّي إلى استيراد أزمات الخارج إلى الداخل (...) تصعب مهمّة الجيش لا بل تستحيل، إذا استمرّت ازدواجيّة السلاح الشرعي وغير الشرعي (...) لقد أصبح ملحّاً درس الاستراتيجيّة الوطنيّة للدفاع وإقرارها في ضوء تطوّرات المنطقة، والتعديل الطارئ على الوظيفة الأساسيّة لسلاح المقاومة الذي تخطّى الحدود اللبنانيّة».
ما قاله الرئيس يعني أنّه قرّر، من دون أن نعرف، أن المقاومة صارت عملاً خطيراً على البلاد وعلى أمن العباد.
قرّر فخامته أمس أنّ المقاومة تجاوزت حدودها، وحدود لبنان.
لم يعد مهمّاً مناقشة الرئيس في ما يقول. أصلاً لم يعد مفيداً مناقشته في شيء، ولم يعد مجدياً حتّى محاورته في ما يعدّه هو، أو مساعدوه، أفكاراً نيّرة، ومقترحات خلّاقة.
المنطق الوحيد، أو اللغة الوحيدة، أو العبارة المختصرة التي تفيد معه اليوم وغداً:
آن الأوان لأن تغادر منصبك.
إرحل!