مع ازدياد حدّة التوتر السياسي والتراشق الإعلامي بين فريق 14 آذار ووسائل الإعلام المحسوبة على السعودية من جهة، وفريق المقاومة في لبنان من جهة ثانية، بدأت الحدّة تنتقل تدريجاً إلى الشارع. وبدا الفيديو الساخر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي عرضته قناة «أم. بي. سي»، محاولة لجرّ جمهور المقاومة نحو ردّات فعل غرائزية يمكن للخصم استثمارها، بعد فشل التحرّكات التي حاول الوزير أشرف ريفي قيادتها بعد إطلاق الوزير السابق ميشال سماحة. وقد حصل إعلام السعودية في لبنان وخارجه على مادة إضافية تمكّنه من زيادة التوتر، بعدما جابت مجموعات من الشبان شوارع محيطة بالعاصمة على الدراجات النارية ليل السبت بعد ظهور الفيديو ، تزامناً مع إطلاق بعض الغوغاء شعارات مذهبية وتحريضية سرعان ما انتشرت تسجيلاتها على وسائل التوصل الاجتماعي.أتت هذه التطورات على خلفية الحملات التي أطلقتها السعودية وحلفاؤها قبل نحو أسبوع ضد اللبنانيين، عبر الإعلان عن وقف الدعم المالي المتوقّف أصلاً عن القوى العسكرية اللبنانية، وصولاً إلى طرد لبنانيين من الخليج، ومحاولة تحميل حزب الله ووزير الخارجية جبران باسيل المسؤولية عن الخيارات السعودية.
رعد: إذا أصر البعض فسنتعامل معه على أنه شريك للعدو وعاصفة حزمهم حوّلناها إلى فتات ورماد

وعلى رغم التحريض، وتفلّت بعض الغوغاء لساعات ليل السبت ــ الأحد، إلّا أن الغالبية العظمى من جمهور المقاومة لم تنجرّ إلى ردود فعل في ظلّ الجهد الذي تبذله قيادات حزب الله وحركة أمل .
وفيما يستمر التحريض على حزب الله مذهبياً، بدأت ردود مسؤولين في الحزب تخرج تباعاً. إذ رأى نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن «مشكلة السعودية معنا أننا حررنا أرضنا من دون حاجة إلى أحد، وأننا أفشلنا المشروع التكفيري في المنطقة، ونجحنا في وأد الفتنة المذهبية». ووصف ما تقوم به السعودية بأنه «ضغط العاجز، لكننا لن نتأثر بهذه الضغوط، وكل النتائج السلبية ستكون موجهة إليهم وإلى جماعتهم». واعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن «الاستعراضات والعنتريات والتطاول والمس بالكرامات والحكي عن القيادات التي لا مثيل لها في كل تاريخ بلدانكم، هذا الأمر لا ينفعكم على الإطلاق. عليكم أن تخجلوا وأن تعتذروا إلى الأمة من كل فشلكم». وتابع: «تستطيعون أن تضللوا أمثالكم والأغبياء والحمقى الذين يرون لكم وجوداً في هذه المنطقة، أما نحن فنعرفكم ونعرف طبيعتكم ونعرف سقوفكم ونعرف المدى الذي تستطيع أيديكم أن تطاله، فلا تتطاولوا. حذار من التطاول على مقاومتنا». وأضاف: «إذا أصر البعض فسنتعامل معه على أنه شريك للعدو الإسرائيلي، ونحن لا نخاف صراخاً ولا يتوعدنا أحد بالقوة والحزم. عاصفة حزمهم حوّلناها إلى فتات ورماد».
من جهته، أشار باسيل في برنامج «الأسبوع في ساعة» إلى أن «كلام رئيس الحكومة تمام سلام عن ارتكابنا غلطة في السياسة الخارجية لا يمثل لبنان ولا سياسة الحكومة». وقال: «في سياسة الحكومة لا يجب أن نكون مع المحور الإيراني ولا مع المحور السعودي»، مؤكّداً «أننا لم نصوّت في القمة العربية بالامتناع، بل امتنعنا عن التصويت ولم نمسّ بالإجماع العربي، وعندما ذهب القرار في المؤتمر العربي إلى مكان بعيد سحبنا أنفسنا». وكشف أن «هناك وزيرين أبلغاني أنهما يطلقان النار السياسية عليّ لأنهما لا يستطيعان استهداف رئيس الحكومة الذي نسقت معه المواقف»، مؤكّداً أن «أول من يتضرر من الموقف السعودي هو سلام ونهاد المشنوق، وهذا الأمر أتفهمه». واعتبر أن «هدف البعض أن يقول للسعودية إن (رئيس تكتل التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون سيأخذ لبنان إلى إيران إذا انتخب رئيساً بدليل مواقف وزير الخارجية التي يفسرونها كما يريدون»، مشيراً إلى أن «هناك غيظاً معيناً لدى السعوديين، ولكنْ هناك شيء قد لا يمكننا أن نقدمه للسعودية».
على صعيد آخر، أطلق النائب وليد جنبلاط موقفاً لافتاً أمس، إذ رأى أن وقف المساعدات العربية للبنان وتجميد الهبة السعودية للجيش اللبناني، بمثابة "حصار اقتصادي للبنان"، منبها إلى ان "حصار لبنان اقتصاديا يفقر كل اللبنانيين، ولن يفيد. إلا إذا كانت هناك سياسة ترسم للاطاحة بالاستقرار اللبناني وبالكيان اللبناني. تجميد الهبة للجيش اللبناني غير مفيد. اتفقنا أن هذا الجيش بالتعاون مع المملكة ومع الدول الكبرى يحارب الإرهاب وقد قام بإنجازات كبيرة". وفي مقابلة مع قناة "اورينت" السورية المعارضة، وصف وقف المساعدات عن الجيش اللبناني "في هذه اللحظة" بـ"المسيء". ولفت إلى ان بيان الحكومة اللبنانية بشأن السعودية و"الإجماع العربي" كافٍ و"بمثابة اعتذار"، منبهاً إلى أنه "إذا كان البعض يظن بأن حزب الله سينسحب من سوريا نتيجة بعض المواقف العربية، فلن ينسحب". وقال إن حزب الله "يمثل السياسة الإيرانية، لكن الرد على المؤسسات اللبنانية هو إضعاف للمؤسسات وإضعاف للدولة. تجميد السلاح وتجميد المساعدات هو إضعاف للدولة، هم (حزب الله) سوف يستفيدون من هذا الأمر". ورداً على سؤال قال إن "هناك سياسة تمليها إيران على حزب الله، وهو جزء من منظومة إيرانية في لبنان. يقوم بهذه السياسة (...) لكن هذا أمر أكبر من طاقة اللبنانيين".
وفي الوقت عينه، قال إن "الحوار السعودي ــ الايراني مفيد، والحوار العربي ــ الإيراني ضروري". وعن استقالة ريفي، اعتبر أنها مزايدة على الحريري، و"هذا غير مفيد، بالعكس التضامن مع سعد الحريري مفيد أكثر".